طعمة العصر ..فسادنا وصلاحهم وصلاحنا

الإثنين، 07 مايو 2018 11:23 ص
طعمة العصر ..فسادنا وصلاحهم وصلاحنا
هبه العدوي تكتب:

كنت أعد موضوعا مصورا عن القدرة علي الحوار, فظننت أني- علي سبيل السخرية - ربما أخذت بضع مقاطع من فيديوهات قديمة لخلافات كروية محتدمة.. ما شاهدته أصابني بحالة من الغثيان فقررت أن أصرف نظر عن الفكرة ..

وجدت شتائم وضرب وبلطجة أمام كاميرات التلفاز, منذ سنوات طوال وإلي الآن .. وإذا كان هذا ما أمام الستار, فما بالكم بما ورائه !!

مهزلة أخلاقية كروية بكل ما تعنيه الكلمة من معني .. ألهذا السبب عشقنا أبوتريكة والآن نذوب عشقا في صلاحنا ؟!!

***

لا يقتصر الأمر فقط علي الكرة ..فالغلظة وتدني المستوي الأخلاقي قد اصاب كل مجال في مصرنا إلا مارحم ربي ..حتي صارت (حالة اللاأخلاق ) هي الغالبة ..

هل رأيت نادي (أيه سي روما) وهو يتمني لصلاح التوفيق في مبارته, هل رأيت صلاح يستبق الخير لناديه السابق ولا يساهم في التهليل فرحا بجون أحرزه في مرمي فريقه الذي كان !.. أي وفاء وأي أخلاق وأي جمال هذا الذي نراه !

 

***

قارنت بين مشهد صلاح وناديه ومشهد كل ما رأيته من فيديوهات لكل الموجودين علي الساحة الكروية ولا أتذكر ما رحم ربي إلا قليلا القليلا .. وأتسائل لماذا تتردي أوضاع الكرة في مصرنا ؟ !

 

***

الكرة مش أجوان وبس .. والحياة مثلها مثل الكرة ..

الإثنان النجاح بهم يُعرّف بأنه (قدرتك علي إحراز أجوان, متمسكاُ بمبادئك الأخلاقية )

 

***

صادف أيضا ذلك مشاهدتي لمسلسل الراحل أسامة انور عكاشة (أنا وأنت وبابا في المشمش )

يتحدث فيه عن الفساد الإداري ..في جوجل كتب أنه صدر سنة 1988 .. مر حوالي ثلاثون عاما عليه .. وطالما رصد الكاتب الراحل الأمر إذاً سبقه إستفحال القذارة والمناخ الفاسد ..

في جرائد البارحة, 431 مليون جنيه إختلاسات في الموازنة العامة للدولة عن العام الماضي  2016-2017 !!

تخيل لو وضعت كوبا ممتليء باللحم الفاسد القميء ذو الدود والعيش الفاسد ذو البقع الخضراء البكتيرية وأغلقت عليهم في إناء محكم الغطاء لفترة طويلة, إذا فتحته ماذا تنتظر أن تري وتشم ؟!.

 

***

هذا حالنا الذي فر منه( صلاحنا ) إلي حيث بيئة ذات هواء نظيف تتنفس حرية منضبطة (نوعا ما ) أخلاقيا .. (وإن كانت فاسدة في نواحٍ أخري مجتمعية ) .. ولكنها مناخات صحية تسمح للنبات النظيف الحي ضميره بأن ينتب ويزهر فنري منه أفضل ما فيه ويستمتعوا هم بنبتته الصالحة ..

هذا حال (صلاحنا ) فهلا أدركنا ما نحن عليه من فسادنا المجتمعي الأخلاقي ؟!

لقد وصل الأمر أن أي نبتة خضراء تهجر الحياة لأنها تخشي من قتلة الروح والضمير ..

 والإنسان كله ما هو إلا نبته إذا إغتيلت روحها, بات زومبياُ, قاتلا لروح غيره وهكذا في منظومة من الفامبير ومصاصي الدماء .. يهجمون عليك ليلوثك, لأنهم يريدون منك أن تكون مثلهم نسخة فاسدة مقتولة الروح ميتة الضمير ..

 

ألا أجتمع الصالحون ليبنوا سورا قويا وبناءا صلبا من حركة التغيير المجتمعية داخل مجتمعنا المصري ؟!!

لن يقوي أحد بمفرده .. فعلميا للمجتمع تأثيره الأقوي علي كل من تفاعل معه ..

وعلينا الإختيار إما أن نختار أن نصنع مجتمعا صغيرا نبدأ بنائه شيئا فشيئا, يدك مع يدي نتكاتف صفا ..

 وإما أن نختار أن نظل حياري مشتتين في مجتمع أصبح أغلبه إلا مارحم ربي فاسدا

***

لم أجد لمقالي خاتمة أفضل من إستعارة كلمات للكاتب الراحل العظيم ذو النظرة الثاقبة في رصد ظواهر المجتمع المصري (أسامة أنور عكاشة )

في حديثه عن فساد (طعمة ) في مسلسله.. تلك الأرض الجميلة الشديدة الثراء والتي طمع فيها فاسدون صغار فأوقعوا بموظف وقف أمام فسادهم ..فبدأت إبنته في البحث عن حقه في حريته, فقابلت وخطيبها شبكات متداخلة من الفساد :

 

-اللي خافي عنا أعظم !!

-شوف علاقة دول بدولا وإنت تفهم ..كل واحد من (داهوما) ليه علاقة بشلة غيرهم .. كله فايت جوه بعضه, خيط في إبرة ..

-مين بيلضم ؟

-إيد خفية ..إيد  لوحش مهوول بيبرم خيط شباكه في كهف مظلم ..

-حد يعرف عنه غيركم ؟
مية مية !الحكاية مش خفية !!

-إحنا يعني كل مصر ؟؟

- ( طعمة ) حالة مش مكان ..طعمة عصر .. وقت صعب .. توهنا فيه عن كل فكر .. سيبنا روحنا نعيش لروحنا جوه قبر ..

كل واحد همه نفسه ..واللي يحصل مش مضر, طول ما هو بره بيته ..زي أرنب جوه جحر ..

***

بس لسه فيه أمل بدليل :

-إجتماعنا سوا في يوم أكيد ماهوش بعيد ..

وإحتمال (يصلّح ) كل واحد فينا حاله وحال دواير حواليه.. لحد ما الدواير تتقابل في دايرة كبيرة من (صلاحنا ) ونبقي وقتها قوة أكبر من (فسادهم )

 

يبقي ( صلاح) وقتها مش فرد, يبقي حالة مصرية لوقت مر, إتجمعت فيه الإرادة الحرة مع السياسية وإتبني مجتمع حقيقي مبني علي الأخلاق والعلم !

***

مين يعلم ؟!

التاريخ لسهبيتكتب ..

الجملة اللي فاتت ممكن تكون حقيقة, أو برضه ممكن تكون زي ما قال كاتبنا الكبير أسامة :

في المشمش !!

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق