ابتعدوا عن ليليت

الأحد، 06 مايو 2018 02:22 م
ابتعدوا عن ليليت
رشا الشايب تكتب:

ليليت هي عقدة نفسية، وتعريفها وفقاً لمدرسة التحليل النفسي هي العقدة التي تجعل صاحبها يسعى لإغواء أفراد الجنس الآخر، ليس بغرض إقامة علاقة جادة كالزواج مثلاً، بل لجذب انتباه الجنس الآخر فقط لمجرد المتعة أو اللذة وإرضاء غرور نفسه، وتنتشر العقدة بين المومسات أو الرجال زير النساء (الدونجوان) أو (النسوانجى).

وبرغم من أن العقدة النفسية موجودة في الجنسين رجال ونساء إلا أنها تتزايد وتكون أكثر حدة في الرجال عنها في النساء، وأعتقد أن عدد لا بأس به من الرجال تَتَمَلَكهُ تلك العقدة النفسية والتي أراها من وجهة نظري من مُخلفات المجتمع الذكوري ومن أسوء ما أنتجه لنا.

وسأعرض لكم هنا بمقالي صفات هذه الشخصية لمعرفتها جيداً لتجنبها لاحقاً، مع تقديم شرح وافى للأسباب التي دفعته ليكون كذلك، وهل في النهاية لها علاج أم لا؟ سنرى معاً!!   

الدونجوان هو شخص وقح النظرات، جريء العبارات، معسول الكلمات، متعدد العلاقات، فلديه من النساء الكثيرات، فالحبيبات قد تكون أكثر من اثنتين، أما الصديقات فتجاوزنَ العشرينات، فَتَراهُ يمشى بين النساء حائرَ النظرات، مُشتّت الانتباه ومُرتبك اللفتات، فيتسكّع هنا وهناك، يوزع الابتسامات ويتصنّع الضحكات، على أمل أن يُوقع هذه في شباكه أو أن تُعجَب به واحدة من الساذجات، وإن حدّثته إحداهن، تراهُ يسرح ويُدقق في الزوايا والانحناءات.

ففي سبيل الإيقاع بفريسته، له العديد من الحيل والخطط والأدوات، فيبدأ بالنظرات ثم سريعاً لا يلبث أن يُعبّر لكِ عن مكنونِ إعجابه وعظيم استحسانه بملامحك أو ملابسك أو حتى رائحة عطرك، كل شيء، كل التفصيلات. ثم بعد إعلانه عن صريح إعجابه بكِ، تبدأ مرحلة المواعدة واللقاءات، ثم بعدها بقليل أو إن لم يكن ذلك في أول لقاء، يبدأ بالتعبير لكِ عن مشاعر حبه تجاهك والتي كان يحبسها بداخله، ويلومك ويعتب عليك ويقول لك: كيف لم تُلاحظيها من زمنٍ فات!! ( مستخدمًا لغة الهمسات مع المزيد من التسبيلات).

وبعدها سيُقسم لكِ أنه قد فُتِن بك وذاب، وأنه يراكِ كفاتنة من الأميرات، وأنكِ ستسكُنين فؤاده إلى الممات، وأنه لن يأتي بَعدكِ أخريات، وأنّكِ كالنور الذى يُضيء الحياة، وأنَّ مِثلَكِ لن يتكرر في العمر غير مرة واحدة وليس مرات.

وكل ذلك لا يعدو كونه مجرد مقدمات لما سَيطلُبهُ منكِ بعدها من تنازلات أو أقصد – خجلاً - تجاوزات، وإن نَجَحَ في امتلاك أحدهما، وصارت الفريسة أخيراً بين يديه وتحت أمره وسيطرته، إلا وانصَرَفَ عنها متعمداً تاركاً إيّاها تُعانى الصدمات.

أفيقِ ولا تكوني من الساذجات اللواتي يُطربهن مَديحُ الكلمات، وكونى حرة، عاقلة، واثقة لا تُغريها هذه التفاهات والإغراءات مهما تعددّت المحاولات.

فالدونجوان أو الرجل زير النساء، لا يرى في النساء عقولهن أو ثقافتهن أو حتى قيمتهن، فلا يرى سوى أشكالهن وأجسادهن وما بها من جميل الصفات، فالمرأة بالنسبة له، ما هي إلا أداة من بين الأدوات، يستخدمها لإرضاء غروره المريض للوصول إلى المتع والمزيد من الملذات.

وهو شخص يكره الزواج ولا يُقدم عليه، فالزواج بالنسبة له مقبرة  لنزواته ونهاية لمغامراته، فالزواج يَعوقُهُ عن التوسع في علاقاته، فيراهُ ملل في حد ذاته، فكيف له بعد أن تعود على وجود الكثيرات من حوله أن يعيش مع واحدة فقط!     

فهذا الشخص، الكذب حليفه، والنفاق منهجه، والوضوح أبعد الصفات عنه، أما الصراحة هربت مستغيثة منه، مشاعره مزيفة، وعاطفته الجياشة من فرطها مُحيرة، والإخلاص والوفاء صفات لا تمت له بصلة، هو نرجسي، أناني النزعة، كالطفل الكبير، لا يهمه سوى نفسه فقط، وإرضاء غروره وإشباع رغباته، أما اللواتي أحبوه وصدّقوه فهم بالنسبة له دُمى، ففي بداية الأمر يتعلق بلعبته إلى أن يمضى الوقت ويزهد فيها ثم يتركها ليحصل على أخرى وهكذا!

فشعاره امرأة واحدة لا تكفى، وهدفه أن تميل له كل النساء ولا يستكفى، فيغوى واحدة ويُوعد الأخرى ولا يوفى، وإن واجَهَتهُ إحداهن بصريحِ وُعوده يَنفِى، وَيَذهب في طريقه يَمضى، تاركاً إياها يبحث عن أخرى ليبدأ معها اللعبة، وإن سألته من هي؟ رد عليك باستخفاف، لا أدرى!!   

وهو أيضاً ميكافيللى المنهج، و الميكافيللية لمن لا يعرفها، هي مذهب فلسفي غير أخلاقي، شعاره الغاية تُبرر الوسيلة، حتى إن كانت الوسائل غير أخلاقية، لا يهم، فالأهم الوصول للغاية المنشودة، فمثلاً تجده يستخدم كل الألاعيب والوسائل غير الأخلاقية كتمثيل و ادّعاء مشاعر الحب غير الحقيقية، وترديد أكاذيب اللوعة والاشتياق الكاذبين للإيقاع بلعبته الجديدة.

أما الرجل الليليت، فأقول له: أنت إنسان لم تعرف قيمة جسدك، ولم يتكامل رُشدك، اختَرتَ بكامل إرادتك أن تُضعف قَدر نَفسِك، بَالَغتَ في استهلاكِ طاقاتك الجسدية، الجسدية فقط، ولم تَلتفِت مُطلقًا إلى طاقاتك العقلية والنفسية، خَلَقَ اللهُ لنا العقل ليُنظِم أمور حياتنا ويضبط سلوكنا ويُسيطر على رغباتنا، وأراهن على أنك في نهاية الأمر لن تشعر بالارتياح، ولم ولن تبلغ السعادة المنشودة، أراهنك على ذلك.

وبالمناسبة، الدونجوانية أو تعدد العلاقات النسائية لا تدل مطلقًا على الرجولة الكاملة أو الصحة الممتازة مثلًا، لا على الإطلاق، ولكنها تدل على عدم الرشد وانعدام النضج والاتزان النفسي.

وكما يقول علماء النفس أن الدونجوان ليس فقط شخص غير أخلاقي ولكنه شخص لم يحقق التوازن أو النضج العاطفي في نفسه، إذن فهو مختل.

أعجبني جدًا قول أحد المفكرين أظنُّه د. عدنان إبراهيم مخاطبًا الدونجوان قائلاً له: عُد لرشدك، فأنت مهما تزايدت علاقاتك فلن تكون مثل بودلير أمير الشعراء الفرنسي ومعشوق الفتيات في عصره، والذى قال مقولته الشهيرة في النهاية :( أَجِدُنِي باستمرار ملاحقاً لِتِلكُمُ اللذة المسعورة التي وَعَدَت بالارتواء ولكنها لم تُروى) فبودلير في نهاية حياته أصبح بائسًا يائسًا محطمًا وحزينًا، ولم يصل للسعادة التي كان يحلم بها. ويُكمل د. عدنان قائلاً وإن كنت تعتقد أن تعدد العلاقات الجسدية مهم كي تصل للحب كما تُردد دومًا، فإليك قول إريك فروم الفيلسوف الألماني الشهير: والذى أكد على أن العلاقات الجسدية لا تلد حب حقيقي.

وأظن أن هناك أسبابًا جعلت هذا الرجل كذلك، سأوضحها لكم بالترتيب، فهو إمّا أن يكون عديم الإمكانيات والقدرات ولا يوجد ما يُميزه في مجال عمله، فيرى أنّ بتعدد علاقاته النسائية يتميز بذلك على أقرانه وَيَظهَر، أو أن يكون مُصاب بداء النرجسية مثلاً، أو أن يكون مُحترف في استخدام لغة المصالح فيستفيد ماديًا من وراء كل امرأة عرفها وهذه اللغة منتشرة بكثرة بين الناس، أو أن يكون قد أحبّ فتاةً في الماضي وكان مخلصًا لها، ثم فَشَلَت قصته فقرّر ألّا يُخلص لأى واحدة، وأن ينتقم من كل النساء فيرى فيهن صورتها، أو أن يعتقد خطئًا أن بذلك سيصل للحب، أو بسبب انهيار منظومة القيم بالمجتمع ككل وانتشار الفسق والفجور دون قيود، والعلاقات غير المحدودة وانتشار النساء الليليت بالمجتمع، والأقرب من ذلك كما يرى علماء النفس الاختلال النفسي وعدم الاتزان العاطفي وعدم النضج في المشاعر، أو أن يكون مُحاط بأصدقاء من نفس نوعيته ومن ذات تركيبته، فبعد أن ينتهوا من مغامراتهم النسائية، يجتمعون ويتفاخرون بعدد من أوقعوهن بحبالهم، ويتنافسون أيُّهم أكثر عدداً.        

وبالمناسبة هذا الرجل وإن تعددت علاقاته النسائية أو تزايدت صولاته وجولاته العاطفية وانتصاراته الأنثوية، ليس بالضرورة أن يكون خبير بالنساء على الإطلاق.. هو عليم فقط في نوع واحدٍ منهم، أظنُّكم تعرفوه جيداً، نوع لم يختر من كتاب الأنوثة إلا باب الشكل فقط
فما إن تظهر أمامه أنثى حقيقية عقلًا وروحًا وحتى شكلًا، إلا أربكته وأظهَرَت ضعف إمكانياته، وتضاؤل حيله وأدواته، وفشل خططه وحواراته، وأيضا اهتزاز ثقته في نفسه، وهو الذى لطالما كان يفخر بين أقرانه بقدرته الرهيبة على الإيقاع بالنساء وعلى استدراجهم ليُحبوه.

أما أنتِ!! فلا ترتضى أن تكوني مجرد دُمية يستخدمها أحدهم، ليلهو بها قليلا ثم حينما يمل منها يتركها، ولا  تكوني كالساذجة المغيبة التي تُصدق هذه التفاهات أو تنجذب لهذا النوع من الرجال، ولا تحلمي مطلقًا أن بإمكانك تغيير نمط هذه الشخصية، صدقيني الأمر ليس بهذه السهولة، فالأفضل أن تبتعدي عن هذا النوع من الرجال، فلن تتغير طبيعة تلك الشخصية غير بقرار نابع من داخلها و مُدَّعَم بإرادة صلبة وقوية، وفى النهاية "ابتعدوا عن ليليت".

[email protected]

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق