فلاديمير بوتين.. حامل مفاتيح الكرملين

الأحد، 06 مايو 2018 10:00 م
فلاديمير بوتين.. حامل مفاتيح الكرملين
بوتين

 

بعد أكثر من 18 عاما فى الحكم، يمثل فلاديمير بوتين رمز عودة روسيا بقوة الى الساحة الدولية فى ظل توتر غير مسبوق مع الغرب.

وسيحتفظ بوتين الذى ينصب الاثنين لولاية رئاسية رابعة بعد حصوله على 76,67 بالمئة من الاصوات فى انتخابات 18 مارس، بمفاتيح الكرملين حتى 2024 حين سيبلغ عامه الثانى والسبعين.

 

وصل بوتين الضابط السابق فى جهاز الاستخبارات السوفياتى (كى جى بي) إلى الرئاسة فى العام 2000 فى بلد تفتقد فيه السلطة إلى الاستقرار واقتصاده منهار. وفى حين يرى فيه كثيرون رجل الاستقرار والرخاء الجديد بفضل العائدات النفطية الوفيرة، ينتقده معارضوه مشيرين الى تراجع واضح فى حقوق الانسان والحريات.

 

على الساحة الدولية، عمل الرجل الذى وصف تفكك الاتحاد السوفياتى بأنه "أكبر كارثة جيوسياسية فى القرن العشرين"، على اعادة نفوذ روسيا فى العالم بعدما تدهور مع سقوط الاتحاد السوفياتى وسنوات الفوضى فى عهد بوريس يلتسين.

 

ولتحقيق ذلك، يتبع الرئيس الذى يمارس رياضة الجودو، اسلوب الكفاح الدؤوب والثابت بحثا عن مؤشرات ضعف لدى خصمه، كما قال بنفسه فى 2013 ردا على مواطن روسى طلب منه بذل كل ما بوسعه من أجل "اللحاق" بالولايات المتحدة و"تخطيها"، فى شعار قديم من الحقبة السوفياتية.

 

هذا الاسلوب طبقه بنجاح فى سوريا حيث أدى التدخل العسكرى الروسى منذ 2015 لدعم نظام دمشق الى تغيير مسار الحرب وسمح للرئيس بشار الاسد بالبقاء فى السلطة، مثيرا غضب الغربيين الذين تخطتهم الأحداث الى حد ما.

 

وفى السنة السابقة، قدم بوتين نفسه على أنه الزعيم الذى سيعيد مجد "روسيا العظمى" بضمه شبه جزيرة القرم الأوكرانية بعد تدخل القوات الخاصة الروسية الذى تبعه تنظيم استفتاء أيد الضم ونددت به الأسرة الدولية وكييف، معتبرة أنه غير شرعي.

 

عززت هذه العملية نفوذه ومكانته فى الداخل، لكنها أثارت أسوأ أزمة منذ نهاية الحرب الباردة بين روسيا والغرب الذى يتهم موسكو أيضا بتقديم دعم عسكرى لحركة التمرد الانفصالى فى شرق أوكرانيا، وهو ما ينفيه الكرملين.

 

والى جانب التوتر المرتبط بسوريا واوكرانيا، أضيفت منذ انتخاب الرئيس الاميركى دونالد ترامب اتهامات بالتدخل فى الانتخابات الرئاسية الاميركية، ومؤخرا أزمة غير مسبوقة مع لندن بعد تسميم عميل مزدوج روسى سابق وابنته فى انكلترا.

 

وسعى الرئيس الروسى المولع بالرياضة، لفرض بلاده التى تستضيف هذه السنة نهائيات كأس العالم لكرة القدم، كقوة رياضية.

 

وكانت روسيا نظمت فى 2014 دورة الألعاب الأولمبية الأكثر كلفة فى التاريخ فى منتجع سوتشى الساحلي. غير أن أحلام الكرملين اصطدمت باتهامات موجهة إليه بالاستخدام الممنهج للمنشطات منذ صدور تقرير ماكلارن بهذا الصدد عام 2016.

 "تسديد الضربة الأولى" 

لم تكن خلفية بوتين الاجتماعية تؤهله للوصول إلى الكرملين. فقد ولد فى السابع من تشرين الأول/أكتوبر 1952 لعائلة عمالية تعيش فى غرفة فى أحد المساكن المشتركة فى لينينغراد «سان بطرسبرغ سابقا»

وروى على موقع إلكترونى مخصص لسيرته "أنا من عائلة متواضعة وعشت هذه الحياة لفترة طويلة جدا". وقال انه تعلم درسا من شبابه فى شوارع لينينغراد "إن كان لا بد من خوض المعركة، فعليك أن تسدد الضربة الأولى".

 

درس الحقوق وانتسب إلى جهاز الاستخبارات السوفياتى (كى جى بي) وأصبح عميلا لها، ثم أصبح بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، مستشارا فى العلاقات الخارجية لرئيس البلدية الليبرالى الجديد فى سان بطرسبورغ. وبعد ذلك واصل صعوده بسرعة.

 

ففى 1996 استدعى إلى موسكو للعمل فى الكرملين. وفى 1998، عين على رأس جهاز الامن الفدرالى (إف إس بي) وريث الكى جى بي، قبل أن يعينه بعد سنة الرئيس بوريس يلتسين الذى كان يبحث عن خلف قادر على ضمان أمنه بعد تقاعده، رئيسا للوزراء.

 

أعجب يلتسين والمحيطون به بتكتم هذا الرجل وفاعليته. واعتقد بعض المقربين من الرئيس أنه سيكون من السهل عليهم التحكم به، غير أن فلاديمير بوتين باشر إعادة بناء سلطة الدولة بتنظيمه "خط سلطة عموديا" تابعا له حصرا.

 

وبعدما بات يعرف بصلابته، بدأ فى الاول من تشرين الاول/اكتوبر 1999 على اثر سلسلة اعتداءات، حرب الشيشان الثانية وهو نزاع دامٍ تخللته تجاوزات ارتكبها الجنود الروس وقصف عشوائى لغروزني.

 

وشكلت تلك الحرب الأساس الذى أكسبه شعبيته فى روسيا وصورته كرجل صارم لا يخشى اتخاذ قرارات صعبة.

 

عندما استقال يلتسين فى نهاية 1999 واختار رئيس وزرائه ليخلفه، كان بوتين قد فرض نفسه كرجل البلاد القوى الجديد.

 

فاز بوتين فى العام 2000 بسهولة فى الانتخابات وسرع الإمساك بزمام السلطة مستندا الى "هياكل القوى" الممثلة فى الأجهزة السرية والشرطة والجيش من جهة، وإلى المقربين منه من سان بطرسبورغ.


احتجاجات

تحرك بوتين بسرعة لضبط رجال الأعمال المقربين من السلطة الذين حققوا ثروات طائلة فى ظل عمليات الخصخصة المشبوهة التى جرت فى التسعينيات.

 

وقد استبعدهم من اللعبة السياسية وسجن من قاومه منهم، مثل رئيس مجموعة "يوكوس" النفطية ميخائيل خودوركوفسكى الذى أطلق سراحه عام 2013 بعدما قضى عشر سنوات فى السجن.

 

كذلك عمل الكرملين على ضبط الشبكات التلفزيونية التى كانت تتمتع بحرية تعبير موروثة من التسعينيات لم تكن لترضى بوتين. وبذلك باتت الشاشة الصغيرة فى خدمته.

 

وفى 2008، عهد بوتين بالكرملين إلى رئيس الحكومة دميترى ميدفيديف لأربع سنوات، عملا بالدستور الذى لم يكن يسمح له سوى بولايتين رئاسيتين متتاليتين، وتولى بدوره رئاسة الحكومة.

 

ومع الإعلان فى نهاية 2011 عن نيته فى العودة إلى الرئاسة لولاية جديدة تم تمديدها فى هذه الأثناء إلى ست سنوات، شهدت البلاد موجة احتجاج غير مسبوقة.

 

غير أن التعبئة تراجعت بعد فوزه السهل بالرئاسة فى ربيع 2012، وتلت ذلك حملة قمع جديدة للمجتمع الروسى مع إقرار قوانين وصفتها المعارضة بأنها تقضى على الحريات، وتشديد القمع ضد أى شكل من الاحتجاجات.

 

وبوتين الأب لابنتين والمطلق منذ 2013، متكتم جدا حول حياته الخاصة، ويحرص على صورته كرجل بسيط يعيش "حياة عادية" ويهوى "الروايات التاريخية والموسيقى الكلاسيكية"، مثلما وصف نفسه خلال لقاء مع شبان روس.

 

لكنه لا يتردد فى الظهور والتقاط الصور له وهو يمارس الجودو أو عارى الصدر على حصان فى غابات التايغا الروسية أو يقود طائرة لإخماد حريق.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة