المستشار العادل والقانون الظالم !
الأربعاء، 02 مايو 2018 10:55 م
القوات المسلحة المصرية مدرسة في كل شيئ "الإدارة الحزم الانضباط" ولديها نظام محترم للترقي وتولي المناصب والبقاء فيها، أتمنى أن تطبقه المؤسسات المدنية وهو خاص بمدة بقاء المسئول في منصبه فالقوات المسلحة حريصة على عدم استمرار ضباطها في مناصبهم أكثر من ثلاث سنوات وهي مدة كافية للتعليم والتعلم والتدريب واكتساب الخبرة والقيادة ثم الانتقال إلى مكان آخر يكتسب فيه الضابط خبرة جديدة وهكذا.
اما في المؤسسات المدنية أحيانا يستمر المسئول في منصبه سنوات عديدة حتى يظن أنه حق مكتسب بل ويسعى إلى توريثه لأبنائه وكانت هذه هي القاعدة العامة في معظم المناصب قبل يناير 2011.
اخطر وظيفة حاليا في مؤسساتنا هي المستشار القانوني وبقاؤه في منصبه فترة طويلة ليس من الصالح العام لأنه يؤدي إلى الجمود والروتين يذكر أن أحد المستشارين القانونيين في مجلس الوزراء استمر في منصبه سنوات كثيرة حتى تخرج نجله من كلية الحقوق والتحق بمجلس الدولة ثم انتدبه للعمل معه في مجلس الوزراء حتى يورثه المنصب وهناك حالات كثيرة لمستشارين قانونين استمروا في مناصبهم عشرات السنين حتى بعد إحالتهم للتقاعد من جهة عملهم الأصلية .
استمرار المستشار القانوني في منصبه مدة طويلة يؤدي إلى توحش وجمود في الافكار وغالبا ما يفرض سيطرته على المسئول ويقيد حريته وبالتالي تعطل مصالح المواطنين ولدي وقائع كثيرة لاستثمارات ضاعت على الدولة بسبب المستشار القانوني الذي يُرعب المسئول ويمنعه من اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب.
الأزمة الحقيقية أن بعض المستشارين القانونين في الوزارات والمصالح لا علاقة لهم بواقع الحياة لأنهم فقط يطبقون القانون النظري خاصة في الأمور الاقتصادية ومصالح المواطنين فمثل هذه القضايا تحتاج إلى مستشارين يطبقون روح القانون ولديهم تجارب ونجاحات عملية "أيديهم في النار" بجانب الدراسة النظرية ولأنني لا أحب التعميم فمؤكد هناك مستشارين يتسمون بالرحمة ويساندون المواطنين في مطالبهم المشروعة.
قديما قالوا (اعطني قاض عادل وقانون ظالم خيرا من أن تعطيني قاض ظالم وقانون عادل) فكيف إذا كان القانون ظالم وبعض المستشارين كذلك كما في حالة القانون رقم 144 لسنة 2017 والخاص بتقنين وضع اليد على الأراضي.
اصحاب جامعة الدلتا بمحافظة الدقهلية حصلوا على قرارات من لجنة فض المنازعات بوزارة الاستثمار ومعتمدة من مجلس الوزراء من اربع سنوات باحقيتهم في تملك ارض الجامعة وكل محافظي الإقليم رفضوا تنفيذ القرار بسبب المستشار القانوني للمحافظة.
زملاؤنا الاعلاميون (733 اسرة) خصصت لهم الدولة قطعة ارض على طريق الواحات منذ عشرين عاما وحصلوا على موافقة القوات المسلحة وكل الجهات المعنية لإنهاء إجراءات تملكها وبعد أن اعترفت لجنة استرداد الاراضي بحقوقهم رفض وزير الإسكان التقنين لأن المستشار القانوني أخبره أن مصيره السجن لو وافق على التقنين.
هناك مستشار قانوني لإحدى محافظات الصعيد يسيطر تماما على قرارات المحافظ ويتسبب في تعطيل مصالح المواطنين الأمثلة والوقائع كثيرة ولا يتسع المجال لذكرها ،لماذا ينتدب معظم المستشارين من مجلس الدولة ألا يمثل ذلك إهدارا لمبدأ الفصل بين السلطات خاصة وأن الحكومة هي خصم أساسي في كل القضايا المنظورة أمام محاكم مجلس الدولة؟ لماذا لا يتم انتداب أساتذة قانون من كليات الحقوق أو محامين للعمل كمستشارين قانونيين في الوزارات ؟كما أن في كل وزارة وهيئة إدارات شئون قانونية فيها عشرات المحامين وخبرات متميزة بالإضافة إلي هيئة قضايا الدولة التي تعتبر محامي الحكومة ألا يعتبر ندب مستشارين قانونيين عبئا إضافيا على موازنة الدولة؟
أتمنى أن يدرك كل مسئول أنه خادم للشعب ووظيفته تخفيف معاناة المواطن وهذا لا يتعارض مع مصلحة الوطن واذا كانت هناك ضرورة لوجود مستشار قانوني لا يستمر في منصبه أكثر من ثلاث سنوات كما تفعل قواتنا المسلحة وتحيا مصر