إلى الجهلاء.. السيناوية "وطنيون" وليسوا "عملاء"
الأربعاء، 25 أبريل 2018 02:48 م
لا أستطيع وصف من يشككون في مواقف أبناء سيناء من الإرهاب والإرهابيين، سوى بـ «الجهلاء الذين لا يقرأون»، خاصة، والتاريخ يؤكد أن مواقفهم كانت ومازالت، خلال أصعب الحقب التاريخية التي مرت بها مصر، مليئة بالوطنية.
فلا يخفى على الجميع الموقف الوطني لأبناء سيناء بعد حرب 5 يونيو 1967، وتحديدا عندما قامت المخابرات المصرية بالاستعانة بما يزيد عن 1100 بطلا منهم، ومن أبناء محافظات القناة، تحت مظلة منظمة فدائية أطلق عليها «منظمة سيناء العربية» التي قام أبطالها بمئات العمليات خلف خطوط العدو، وكبدوا الإسرائيليين خسائر جعلتهم يطلقون على رجالها، طوال مرحلة حرب الاستنزاف لقب «الأشباح».
وحتى يكون هناك إنصاف لـ«أبناء سيناء» أدعو هؤلاء الشامتون إلى العودة إلى عام 1968، وتحديدا عندما حاول الإسرائيليون فصل سيناء عن مصر، وإعلانها دولة مستقلة أمام العالم، وخططوا أن يتم ذلك من خلال اعتراف رسمي ـ من أبناء سيناء ـ أمام العالم.
وهى الواقعة التي حاولوا خلالها تجنيد المحامى السيناوى الوطني محمد سعيد لطفي، لقيادة وإعلان فكرة الانفصال، استغلالا لمكانته الكبيرة في قلوب أبناء سيناء، والدور الذي كان يلعبه كقاضي عرفي، يساهم في حل النزاعات بين الأهالي.
وبالفعل حاول الإسرائيليون، عن طريق الحاكم العسكري الإسرائيلي، لسيناء في ذلك الوقت، إغراء «لطفي»، بإقناع الأهالي وشيوخ القبائل، بفكرة فصل سيناء، وإعلانها «دولة منفصلة ومستقلة عن مصر»، على أن يتم تعينه وإعلانه رئيسًا للدولة الجديدة، ولم يجد الرجل حلًا، وهو وسط الإسرائيليين سوى الموافقة، والوعد بالاتصال بكل شيوخ سيناء وإقناعهم بالفكرة.
إلا انه لسوء حظ الإسرائيليين، لم يعلموا أن «لطفى» كان أحد العناصر الرئيسية الهامة لـ«منظمة سيناء العربية»، وانه قام بتنفيذ العديد من العمليات الهامة والخطيرة خلف خطوطهم.
لذا خرج «لطفي» من الاجتماع، ودون تفكير، سارع بالاتصال بالمخابرات الحربية المصرية، التي أوفدت إليه اللواء عادل فؤاد مدير المخابرات الحربية، في مهمة سرية، لمقابلته في منطقة جسر عمان بالأردن، وتم تصعيد الأمر للرئيس جمال عبدالناصر، الذي أمر بالتظاهر بالموافقة، ومجاراة الإسرائيليين، فيما خططوا له، على أن يكون الرد من خلال رجال سيناء، أنفسهم لإحراج إسرائيل أمام العالم.
وبالفعل رد لطفي على الإسرائيليين، بالموافقة على إعلان «سيناء دولة مستقلة»، ودعت إسرائيل على الفور، لمؤتمر ضخم بمنطقة «الحسنة»، لإعلان الأمر، ودعت إليه العشرات من وسائل الإعلام العالمية، وجاءوا بالمخرج الإيطالي الشهير«مارسيليني» لتصوير المؤتمر وعرضه على العالم، وأعدوا منصة ضخمة جلس عليها الحاكم العسكري الإسرائيلي لسيناء، والشيخ حسن بن خلف ممثلا لشيوخ الشمال، والشيخ سالم الهرش ممثلا لشيوخ الجنوب، ومحمد سعيد لطفي ممثلا للحضر وأهل العريش.
وبدأ المؤتمر بكلمة للحاكم العسكري الإسرائيلي، أعلن خلالها أنه تم عقد المؤتمر لإعلان سيناء دوله مستقلة بناء على رغبة أبنائها، وأعطى الكلمة لشيوخ سيناء ليعلنوا الاستقلال بأنفسهم، إلا أن الشيوخ الثلاثة، فاجئوا العالم بإعلانهم أن سيناء وأبنائها يشرفون بهويتهم المصرية، وأنه لن تستطيع قوة في العالم طمسها أو تغيرها.
وعلى الفور قام الإسرائيليون باعتقل الشيوخ الثلاثة، ووجهوا لهم تهما بتكوين خلايا مناهضة لإسرائيل، وتوصيل مساعدات وأموال للمجاهدين من سيناء، بالتعاون مع المخابرات المصرية، وإعداد وتوزيع منشورات سرية، تحث أهالي سيناء على التمرد ضد الاحتلال، وتم الحكم عليهم بالسجن مدى الحياة، إلا إنهم بعد فترة عادوا وقرروا الإفراج عنهم، خشية نفوذهم ونفوذ عائلاتهم داخل سيناء، ورحلوا «لطفي» إلى القاهرة عن طريق عمان، حيث عاش بها، حتى عاد إلى العريش فى عام 1978.
هكذا عاش أبناء سيناء الوطنية في عهد الاحتلال، وهذا هو موقفهم من الإرهاب والإرهابيين، وسيظلون رغم أنف المشككين.