"الإيسيسكو": التشبث باللغة العربية لا يمنع من الانفتـاح على الآفـاق الإنسانية
الأربعاء، 30 ديسمبر 2015 02:57 ص
أكد الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، أن احتفاء المجتمع الدولي باليوم العالمي للغة العربية، الذي حـلّ في الثامن عشر من هذا الشهر، وللمرة الثالثة، يؤشر إلى أن اللغة العربية قد استردت مكانتها الدولية، بعد طول غياب تحت ظروف تداخلت فيها العوامل الذاتية والأسباب الخارجية، تراجعت خلالها عن المشهد العالمي، حتى كادت أن تنزوي وتتقوقع وتنكفئ على ذاتها، لولا هذه الصحوة اللغوية التي نفخت فيها من روحها، فاستوت لغةً عالميةً يُـنظر إليها باحترام، باعتبار أنها لغة العلم والمعرفة والحضارة على مر العصور.
جاء ذلك في كلمة وجهها التويجري إلى المؤتمر الوطني الثالث للغة العربية بالرباط، قرأها بالنيابة نجيب الغياتي، المشرف على مديرية التربية في الإيسيسكو، وقال فيها: "إذا كان العالم الإسلامي يتحمل المسؤولية التاريخية في حماية اللغة العربية، من هيمنة اللغات الأجنبية عليها، ومن الدعوات المشبوهة لاستخدام العاميات مكانها، ومن القصور عن الوفاء بمتطلبات خدمتها والنهوض بها، وإغناء رصيدها المعرفي، فإن الدول العربية تتحمل المسؤولية مضاعفةً؛ لأن العرب هم أهل اللغة العربية، ومن الواجب المحتم عليهم أن يبادروا إلى خدمة لغتهم والحفاظ عليها وتطويرها وحمايتها والرفع من شأنها وعقد لواء السيادة لها، وليس لغيرها من اللغات، وإن كان تعلم هذه اللغات واجباً مؤكداً وضرورة حياتية".
وقال التويجري إن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية يدعونا، نحن أهل هذه اللغة المسؤولين أمام التاريخ عن مصيرها، إلى أن نوطد العزم على أن تكون أيامنا كلها أياماً للاحتفاء باللغة العربية، وأن يعود الاعتبار لها على شتى المستويات، وأن تتضافر الجهود، ليس فقط جهود الحكومات والمجالس المنتخبة، بل جهود المجتمع المدني بكل هيئاته ومنظماته وتصنيفاته، بحيث تكون منصرفةً إلى تحقيق هذا النهوض اللغوي والثقافي الحضاري الذي ننشده للغة العربية البانية للمعرفة والداعمة للتنمية الشاملة المستدامة.
وأكد أن التشبث باللغة العربية وتقوية الارتباط بها، لا يمنعان من الانفتاح على الآفاق الإنسانية الواسعة ومن المشاركة في الإبداع العالمي في جميع فروع العلم والتقانة، ومن الولوج إلى مجتمع المعرفة، ولكن العجز الذي يطبع سلوك البشر هو الذي يعوق مسيرة اللغة نحو التطور ومسايرة آفاق المعرفة والتكيف مع مستجدات العلوم والفنون والآداب.
وقال المدير العام للإيسيسكو: "من أجل بناء أسس النهضة الحضارية التي نبتغيها في جميع المجالات، فإن من الشروط الموضوعية لإنجاز هذا المشروع، النهوض باللغة العربية بأحدث الأساليب العلمية والتقانية التي تعتمد في تحديث اللغات وتجديد أنساقها وتطويرها لتساير المتغيرات في مختلف العلوم والمعارف العامة، والتمكين لها على جميع المستويات، حتى تؤدي وظائفها في المجتمعات العربية الإسلامية، وفي أوساط الجاليات والأقليات العربية الإسلامية في مختلف دول العالم".
وذكر أن اللغة العربية كانت ولاتزال وستظل دائما، وعاء للمعرفة، وحافزا للارتقاء بالنشاط الفكري، ومصدرا للإبداع الثقافي بمدلوله العميق وبمفهومه الواسع، موضحاً أن ليس العيب في اللغة العربية، وإنما في بعضِ أهلها الذين يتحملون وزر الوضع الحالي لهذه اللغة التي شرفها الله سبحانه وتعالى بين لغات البشر بأن نـزَّل كتابه العزيز بها.
وبيَّـن أن هذا المؤتمر السنوي الذي ينظمه الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، يمثـل لنا فرصة لتجديد العهد بأن نكون حماةً لها وبُـناةً لصرحها الشامخ.