غَنمتنا تحب التيس الغريب

الوفد الفرنجي مجهول المستوى العلمي والعملي، لكنه مقدس وقوله مبجل ورأيه سديد، وربما يصل الحال به إلى أن يقال أنه خالي من الدسم، عفواً، العيوب، وربما هذا دين الغالبية مع أصحاب العيون الزرقاء والشعر الأشقر واللسان الأعوج،  وصل لساق الغراب لمناقشة أوضاع المستشفى والسبل الكفيلة بتحسين الأداء ورفع الجودة والنهوض بخدمة المرضى، ومناقشة الأسباب التي أدت إلى تردي الأوضاع وجعلت من المؤسسة الصحية مادة للطرفة والتنكيت في وسائل الإعلام، بل أن الحال وصل إلى أن يصبح المستشفى مثل «الشتيمة على كل لسان»، وإيجاد آلية لإرضاء المريض وذويه بعد تزايد الشائعات المدعومة بالصور والفيديوهات.

 وكعادتنا نحن العرب، أصحاب الكرم، بدأ يومنا مع الوفد بتناول وجبة الإفطار متبوعة بما لذ وطاب من الفاكهة والخضروات وأنواع الشاي، لتبدأ جولة لأماكن محددة مسبقاً، شملت «مبنى الإدارة الفارة، ومواقف السيارات المظللة، وحديقة منزل المدير المجاورة للمستشفى»، حيث اطلع الوفد على أحدث التقنيات المستخدمة في التجهيز والمراقبة، ليعقب ذلك اجتماع بدأ بكلمة المدير الهمام، استعرض فيها إنجازات إدارته بعد ظلام من سبقته من الإدارات، مردفا أقول للمنتقدين «أليس سميننا خيراً من غث غيرنا، أم أن زامرنا لا يطرب وهذا دين غنمتنا، دوماً تحب التيس الغريب»، ليقاطعه رئيس الوفد الفرنجي متسائلاّ عن جملة الأمثلة التي وردت في خطاب المدير، ليتحول الاجتماع الغير صحي بعدها لشرح الأمثال مدعوماً بصور للغنم والتيوس، لتنبثق جملة من التوصيات «معدة مسبقاً»، أبرزها التأكيد على نتانة، عفواً، متانة العلاقة بين الطرفين، تضمين كلمة المدير الافتتاحية في التوصيات وتسمية القاعة الرئيسية بـ «زامر الحي.. أبوالريش سابقاً»، نفي شائعات شح الدواء وانتهاء صلاحية الموجود، معتبرة الدواء خط أصفر تجاوزه عرضة لساهر، وقد يتجرع المتعدي غرامات مالية عالية تذهب لتغطية نفقات مثل تلك الاجتماعات !، والتشجيع على توفير السرير وتقليص أيام الانتظار بالطوارئ، من خلال قفل الطوارئ لأسابيع، وضرورة زيادة اللجان العاملة بالمستشفى وفصل كل من يتهم بدعم الإدارة السابقة، خاصة من تثبت نيته «تقنية المحاسبة على النية»، والاعتماد على التدوين والكتابة إلى أن يتم الاتفاق مع شركات بمعرفة سعادة المدير دكتور أبوالريش، تجنباً للأخطاء التقنية من أعداء النجاح «الهاكرز»، زيادة الوعي بالأخطاء الطبية، وأنها من ركائز العمل الصحي مع التأكيد على الإيمان بالقضاء والقدر، وأن الأعمار بيد الله، رفع مرتب دكتور أبوالريش، نظير جهوده في الرقي بالمؤسسة وتعين حرمة المدير العام التنفيذي للشؤن الخاصة، تسربت أنباء مفادها رقود أبوالريش في بلاد الفرنجة بعد إصابته المفاجئة، وتعذر وجود سرير بساق الغراب ويابخت من كان أبوالريش من حاشيته!.