الزوجة الخادمة.. أخرة المعروف الضرب بالكفوف

الثلاثاء، 17 أبريل 2018 12:00 ص
الزوجة الخادمة.. أخرة المعروف الضرب بالكفوف

على أنغام «يارب يا ربنا تكبر وتبقى زينا» والبالونات المنقوشة ورقص الأطفال هنا وهناك احتفلت «سارة» بمرور أسبوع على ولادة طفلها الأول من زوجها «أحمد» الذى ترك الحفل العائلى ليجلس بعيدا، فذهبت لترى ما به، وفى ما يفكر فى مثل هذا اليوم وأجواء الفرحة تملأ أنحاء المنزل



بدلا من أن يعوضها فى أقرب وقت، ضيع الزوج حقوق زوجته وطفله، وأغفل مساعدتها له، وأنها تحملت مسئولية كبيرة، لتجد حقها المهضوم عاجزة عن الحصول عليه

 

فتح لها قلبه عسى أن تساعده فى ما يسيطر على ذهنه من مسئولية وقعت على أكتافه ولم يعتد حملها، فهو الرجل الذى شب على مساعدة والديه له حتى بعد زواجه ولا يريد أن يشيب على هذا الخلق ويراه طفله وهو يمد يد المساعدة.
 
وقطع حديثهما صوت والدته التى وقفت بالقرب منهما لتسمع حديثهما وتقاطعهما بقولها: «سافر اشتغل برة يا حبيبى إنت مرتبك هنا صغير واحنا تقريبا كنا بنصرف عليك وعلى مراتك، ودلوقتى هنصرف عليكم وعلى ابنكم.. لأ طبعا شوف حالك فى وظيفة فى أى دولة عربية واتحمل مسئولية بيتك».
 
وهو الحديث الذى وافقت عليه «سارة» لرغبتها فى إيقاف المساعدة من والديه، والتى ترتب عليها دخول حموَيها فى حياتهما الشخصية بشكل مبالغ فيه، فالمال سلاحهما فى السيطرة على الأسرة الصغيرة ولم يستطع أحد إيقاف تدخلهما فى الشئون الخاصة وإلا أوقفا المساعدة التى اعتاد «أحمد» الاعتماد عليها لسد احتياجات المنزل، ورغم موافقتها على فكرة تحمل المسئولية رفضت التعليق خوفا من أن تبوح بما بداخلها من غضب، فكان لديها الكثير مما تريد قوله ولكن لسانها التصق بسقف حلقها ولم تنطق شيئا، فكان لوالديه الدور الأعظم فى تربية زوجها على عدم تحمل مسئولية شىء منذ نعومة أظافره، وهم من جعلوه يعتاد المساعدة بعد زواجه رغم المشاكل التى دارت بينها وبين زوجها المدلل لرفضها المساعدة وتنظيم مصاريفهما حسب الدخل الشهرى الخاص بهما دون مساعدة أحد، لمنع تدخل والديه فى شئونهما الخاصة.
 
التزمت «سارة» الصمت وعادت إلى الحفل راسمة على وجهها بسمة مزيفة حتى لا يشعر أحد بغضبها، وهى البسمة التى اقتنع بها الكافة سوى والدتها التى شعرت بألم «سارة» التى تحاول إخفاءه، وحاولت سؤالها عما بداخلها ولكن «سارة» أكدت أنها على ما يرام، وقطع حديثهما صوت حماتها التى اعتادت أن تستمع لحديث الجميع من بعيد وتدخل المناقشة دون احترام للخصوصية لتقول بصوت أجش: «بنتِك أكيد زعلانة من نفسها على الفستان اللى معرى كتفها ومبين لحمها للناس.. بذمتك ينفع كده يا أم سارة تخلى بنتك تلبس كده؟!».
 
كلمات الحماة أوضحت شخصيتها المتسلطة التى لا يستطيع تحملها بشر، فنظرت الأم لابنتها «سارة» لتجد فى عينيها غضبا شديدا من حديث حماتها، لتقرر الرد عليها قائلة: «وانتى بتكلمينى أنا ليه ولا بتعلقى على هدوم بنتى هى واحدة متجوزة وليها جوز مسئول عنها وهو الوحيد اللى يعلق على لبسها وتصرفاتها ولو عندك حاجة قوليها لابنك».
 
وقفت الحماة أمام هذا الحديث لا تستطيع النطق بشىء فقد اعتادت أن تدخل فى كل صغيرة وكبيرة تخص ابنها وزوجته دون أن يعترضها شخص لتفاجأ بوالدة «سارة» تتهمها بالتسلط والتطفل بكلمات بسيطة، فابتعدت عنهما مرددة: «كله بفلوسى اللى بيصرفوا بيها ويلبسوا وياكلوا ويشربوا ولما الاقى حاجة مش عاجبانى لازم اعترض»، فردت والدة «سارة» بنبرة حادة: «بنتى طول عمرها بتحب تعتمد على نفسها واتحملت مسئولية مصاريفها من أول ما اشتغلت وكانت بترفض مساعدتى ليها، وهى لسة فى بيتى، لكن الدور والباقى على ابنك اللى عودتوه عالمساعدة عشان تذلوه فى الآخر، وتفرضوا سيطرتكم عليه وعلى مراته، أنا بنتى ماحدش يتحكم فيها غير جوزها ولو مش عايزة تساعدى ابنك يبقى ياريت، يمكن يعرف إنه رجل والمفروض يتحمل المسئولية.. انتى ربيتى راجل تربية بنت، وأنا ربيت بنت تربية 100 رجل العيب عليكى مش علينا ولا على أحمد».
 
صدمت الحماة من حديث والدة «سارة» وشعرت بإهانة بالغة فتركت الحفل وخرجت وبداخلها قرار بعدم مساعدة ابنها مرة أخرى، وفى  الوقت ذاته لم تتنازل عن حقها فى السيطرة على زوجة، ابنها وهاتفت «أحمد» تعلن له قرارها مشددة: «أنا مش هاديك مليم تانى بس لازم تفهم مراتك وأمها إن كلامى يمشى عليك وعليها وعلى الكل سواء باساعدك ولا لأ».
 
انتهى الحفل الذى سادته المشكلات والأحاديث الحادة، ورغم كل المشاحنات إلا أن «سارة» كانت بداخلها فرحة عارمة، فقد شعرت والدتها بما يدور فى رأسها واستطاعت أن تفش غليلها وتقول لحماتها ما لم تستطع قوله لها ذات يوم خوفا من المشكلات، لتجد فى والدتها السند الذى افتقدته مع زوجها المدلل الذى ينفذ أوامر والديه دون نقاش.
 
وبعد عدة أيام دخل «أحمد» المنزل والفرحة تملأ قلبه وأخذ «سارة» بين ذراعيه وأخبرها بوجود وظيفة تناسب مؤهله الدراسى بإحدى الدول العربية، وعليه تحضير مستلزمات السفر، فاستقبلت «سارة» الخبر بفرحة مختلطة بمشاعر الخوف من أن يتركها زوجها لتحكم والديه فى حياتها، وفى الوقت ذاته سعيدة بمحاولة زوجها بتحمل المسئولية عسى أن يتبدل حاله إلى الأفضل. وفتحت خزينة ملابسها لتخرج منها حقيبة تحتفظ بالمشغولات الذهبية بها، وأخرجت بعض القطع وأعطتها لزوجها ليبيعها وينفق على مستلزمات سفره بدلا من أن يمد يد المساعدة لأهله، فأمسك يديها وقبلها بحرارة ووعدها بأن يعوضها عن بيع ذهبها فى أقرب وقت.
 
وبعد الانتهاء من احتياجات السفر غادر «أحمد» ليبدأ حياة جديدة، وهى الحياة التى بدأت بصعاب بالغة، فقد اكتشف أن الوظيفة التى توجه لها ما هى إلا مجرد وهم لا وجود له، وأخبر «سارة» أنه سيبحث عن وظيفة أخرى ولن يعود إلا بعد تحقيق هدفه من السفر، وهو الأمر الذى وقفت «سارة» بجوار زوجها فيه كعادتها وقررت عودتها إلى عملها عقب الانتهاء من شهور إجازة الوضع، وامتنعت عن مد الإجازة لرعاية طفلها لتضمن راتبا شهريا تنفق به على طفلها وتساعد زوجها فى غربته إلى أن يرزقه الله بوظيفة. 
 
وبدأت «سارة» ترتب احتياجاتها بقدر راتبها الشهرى واضطرت للاستغناء عن احتياجاتها الشخصية مقابل شراء كل ما يلزم طفلها الوحيد وعدم الظهور أمام أهل زوجها باحتياجها مساعدة أحد منهم، ورغم الصعاب التى واجهتها من تحملها مسئولية كبيرة إلا أنها لم تشكُ لأحد ولم تُشعِر زوجها بأزمتها.
 
وظلت تساعد زوجها إلى أن أخبرها بحصوله على وظيفة راتبها الشهرى كبير، وهو الحديث الذى أدخل البهجة فى قلب «سارة» متمنية من الله أن يعوضها عن الفترة القاسية التى عاشتها وهى تساعد زوجها وتلبى احتياجات طفلها وأهملت احتياجاتها الأساسية لتكون على قدر المسئولية.
 
وفى الشهر التالى انتظرت أن يرسل زوجها جزءا من راتبه لمساعدتها فى الإنفاق على طفلها ولكنه لم يرسل فهاتفته لتسأله لتجده يخبرها بإرساله الجزء الأكبر من راتبه لوالدته لطلبها المساعدة فيما تمر به من أزمة مالية.
 
وعلى الرغم من علم «سارة» لحالة والديه الميسورة إلا أنها التزمت الصمت مقابل وعد زوجها بإرسال راتبه الشهر المقبل لمصروفات طفلهما، ومر شهر يليه الآخر ولم يرسل شيئًا والمسئولية تتزايد يوما بعد يوم وفى كل شهر يؤكد إرساله راتبه لوالدته، فطلبت من «أحمد» المساعدة قائلة «ابنك له حق عليك وأنا وقفت جنبك فى زنقتك عشان لما ربنا يرزقك تفكر فى ابنك وتشيل ولو جزء من المسئولية عنى» ليرد عليها «انتى قدها واللى يخليكى تتحملى المسئولية دى كلها طول الفترة اللى فاتت من غير ما تتحوجى لحد يخليكى تستحملى كام شهر كمان لحد ما أهلى يخرجوا من أزمتهم».
 
عجزت «سارة» عن الرد فزوجها المدلل الذى اعتاد مساعدة والديه له اعتاد حاليا على مساعدة زوجته وأغفل حقها كزوجة وأم، وظن أن وقوفها بجانبه واجب عليها حتى بعد حصوله على راتب كبير، وبعد عدة أيام هاتفتها حماتها لتطلب منها اللقاء للاطمئنان على الحفيد الوحيد فذهبت لتفاجأ بأثاث منزلهم الجديد وأجهزة كهربائية ثمينة لتتساءل عيناها دون حديث: «فين الأزمة المالية اللى بيمروا بيها ومحتاجين المساعدة؟!» فنظرت إلى قدميها لترى حذاءها الممزق الذى لم تستطع شراء بديل مقابل سد احتياجات طفلها وكتمت دموعها فى عينيها خوفا من أن يراها أحد.
 
وفى اليوم التالى هاتفت زوجها لتخبره عما رأته فى منزل والديه وأنهم ليس بحاجة للمساعدة وطفلها هو الأولى ولو بجزء بسيط من راتبه لتفاجأ بحديثه عن تحمل المسئولية ويعيد إليها حديثها بأنها كفيلة بسد احتياجات طفلها دون مساعدة أحد.
 
وبدلا من أن يعوضها فى أقرب وقت، ضيع الزوج حقوق زوجته وطفله، وأغفل مساعدتها له، وأنها تحملت مسئولية كبيرة، لتجد حقها المهضوم عاجزة عن الحصول عليه، لتقرر اللجوء إلى والدتها التى دائما ما تشعر بحزنها وحاولت مساعدتها مرارا وتكرارا ولكن كبرياءها منعها من مساندة أحد لمسئولية أسرتها واصطحبتها إلى محام يأتى لها بحقها القانونى فى نفقة زوجها، ميسور الحال، عليها وعلى طفلها، وتأخذ طريقها للقضاء وسيلة للحصول على حقها من أسرة استغلت تحملها للمسئولية فى سلب حقها الشرعى والقانونى، وتقف باكية طالبة العدل من أهل العدالة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة