الانتخابات الرئاسية ليست الحل.. بل دستور ليبى جديد

السبت، 31 مارس 2018 10:00 ص
الانتخابات الرئاسية ليست الحل.. بل دستور ليبى جديد
عبدالفتاح على يكتب:

يعتقد الكثيرون أن الأجواء الليبية باتت مناسبة الآن لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، خاصة لو تمت عملية الاستفتاء على دستور جديد بنجاح، على اعتبار أن الطريق بات ممهدًا لانقضاء المحنة التى دخلت عامها الثامن.
 
لكن هؤلاء لا يضعون فى حساباتهم تردى الأوضاع الأمنية فى مناطق عديدة خاصة فى الغرب حيث معقل المتشددين المدعومين قطريًا وتركيًا وغربيًا، وكذلك فى المنطقة الجنوبية، التى حاولت الانفصال قبل أن يجهضها قائد الجيش الليبى المشير خليفة حفتر، فى مارس الماضى.
 
بالتالى فإن استمرار الوضع الحالى، سيسهم فى تعميق الانقسام ويجعل محاولات إيجاد تسوية شاملة مشوبة بالشك، وقد لا تكون عملية الانتخابات الرئاسية التى لم تحدد بعد، سوى محاولة لفك طلاسم أزمة أسهم المجتمع الدولى فى تعقيداتها.
 
صحيح أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات حظيت بدعم أممى ودولى واسع، وأن عملية الإقبال على التسجيل فى الداخل تجاوزت رقم المليونين ونصف المليون ناخب، إلا أن الإفراط فى التفاؤل قد يزيد المعقد تعقيدا، ويزيد المقسم تقسيما.
 
لأن الإقبال الكبير على التسجيل ليس سوى مؤشر بسيط على لوحة ضخمة من المؤشرات التى تعكس تشاؤما أكثر من عكسها تفاؤلا حذرا، وتعكس خلافا أكثر منه فرصا لتعزيز الحوار والوحدة السياسية بين الأطراف المتصارعة.
 
عملية التسوية التى يقودها المبعوث الأممى غسان سلامة، وخطة العمل التى وضعها، مبنية أساسا على اتفاق الصخيرات، الذى من المؤكد أنه أسهم فى ترسيخ الخلاف وتجذير الصراع، وجعل التوافق بين مؤسسات الدولة المنهارة مستحيلا.
 
كان من الأجدر أن يبنى سلامة خطته على استعادة الشاردين من مجلس النواب، وتعديل لائحته الداخلية بما يتماشى مع المأمول، وليس الأمر الواقع، فضلا عن حتمية إعادة تأسيس مجلس الدولة من جديد، وفقا لقواعد واضحة تتماشى مع الخصوصية الليبية والرغبة فى التجرد.
 
لكن وقبل كل هذا يجب عبور محطة الدستور الجديد، لأنه ومن دونها، لا تستقيم الأمور، لأن الماء المالح لا يروى عطش ظمآن، فبدون دستور جديد، لا تعدو الانتخابات التشريعية والرئاسية المنتظرة كونهما حرث بحر.
 
مع مراعاة أن أى محاولة (جديدة فاشلة) لتوحيد القوى العسكرية، من دون رئيس منتخب وبرلمان منتخب، سوف يجعل الأزمة تسير نحو اللا نهاية، فالمنتخب صاحب الاعتراف الأممى وحده من يملك الشعبية والقوة على فرض الاستقرار، وليس المفروض غربيا.
 
بارقة الأمل الوحيدة التى تكاد تظهر فى المشهد العبثى الليبى، هى توافق أغلب الأطراف المسيطرة فى ليبيا، على إجراء الانتخابات الرئاسية فى 2018، رغم أن هذا التوافق لم يتجل حول آليات إجراء هذه الانتخابات، غير محددة الوقت أو الترتيبات.
 
أبرز المرشحين لمنصب الرئاسة الليبية، المشير خليفة حفتر، المدعوم مصريا، والذى لم يُبدِ رفضًا للعملية الانتخابية، لكنه ينتظر بطبيعة الحال صدور قانون الانتخابات، الذى لن يصدر قبل الانتهاء من استحقاق الدستور، الذى لن يظهر للنور قبل الاتفاق عليه سياسيا ثم شعبيا.
 
ثانى أبرز المرشحين، سيف الإسلام القذافى، الذى ما زال يقف على شعبية لا يستهان بها من أنصار النظام السابق، الذين يمنون أنفسهم بالعودة إلى سابق الأيام، خاصة بعد تسرب أنباء عن اجتماعات لقبائل موالية للنظام السابق، تعكس سعيا واضحا للاستعداد ليوم «العودة» المنتظر.
 
من أقوى المرشحين للمنصب، عبدالرحمن السويحلى، رئيس المجلس الأعلى للدولة الحالى، وأحد أقوى رجال الغرب الليبى، والحائز على دعم دولى لا بأس به، ويعتقد أنه قادر على السيطرة على الفصائل المدعومة تركيا وقطريا.
 
قد يكون عارف النايض، سفير ليبيا السابق فى الإمارات، المنحدر من قبيلة «ورفلة»، والذى أبدى استعداده للترشح للرئاسة، رقما مهما فى مستقبل ليبيا، فهو  يملك علاقات قوية فى أبوظبى صاحبة النفوذ الكبير فى الشرق، وله علاقات بأوساط صنع القرار فى واشنطن.
 
فايز السراج، هو أقرب للطامح، أكثر منه مرشحا للمنصب، فهو لم يحظ بتوافق حقيقى على كونه مجرد (جسر) فما بالك بقدرته على طرح نفسه كحل للأزمة، فى الوقت الذى يراه البعض جزءا مهما من المشكلة، وإن كان ضعفه قد يكون فرصته الوحيدة للولوج إلى توافق عليه.
 
بداية نهاية الانقسامات الليبية والخطوة الأولى على طريق تنفيذ خريطة «الحل» المزعوم، وإزالة جميع العقبات التى ستوقف النزيف الدموى، ويحرق قائمة مخاوف الليبيين هو الدستور، فإذا حصل التوافق عليه، فهناك أمل، وإن لم يحصل، فعلى ليبيا السلام.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق