كبسولة قانونية.. مشروعية تفتيش حقائب المتهمة بناء على إخبارية البحث الجنائي؟
السبت، 31 مارس 2018 11:30 ص
تفتيش حقائب المتهمة تحت إشراف مدير الجمارك بناء علي إخباريه البحث الجنائي بقدوم المتهمة من خارج البلاد حامله لمخدر وارتباكها وملاحظة المدير المذكور انتفاخ أسفل ملابسها واستدعاءه شرطيه لتفتيشها ذاتيا، أسفر عن حيازتها المخدر. عشرات القضايا التي يتم ضبطها بهذا الشكل أثناء دخول الأشخاص المطارات والموانئ أو أثناء الخروج منها بينما كان لمحكمة النقض تعليقاَ هاماَ على مثل هذه الوقائع المتكرره والحالات الشبيهه.
يقول الدكتور ياسر الأمير فاروق، أستاذ القانون الجنائى، إن تعليق محكمة النقض على هذه الوقائع جاء كالتالى: «لما كان الحكم إذ عرض للدفع ببطلان الضبط والتفتيش واطرحه بما هو مقرر في المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي للشك أو مظنة للتهريب فيمن يوجدون داخل تلك المناطق، ولم يتطلب الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها، والاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير، بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش الواردة فى قانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه فى إحدى الحالات المبررة له فى نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة فى القانون المذكور.
وأضاف «الأمير» فى تصريح لـ«صوت الأمة» بل يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط به المراقبة والتفتيش حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها فى الحدود المعروف بها فى القانون، فيثبت له حق الكشف عنها، فإذا عثر على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية يعاقب عليها القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم فى تلك الجريمة؛ لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع فى ذاته، ولم يرتكب فى سبيل الحصـول عليه أيـة مخالفة، إذ الشبهة فى توافـر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية.
وتابع: ويصح معها فى العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود فى دائرة المراقبة الجمركية، ثم استطرد الحكم إلى القول بأن الشاهد الأول قد وردته معلومات تأكد منها بأن المتهمة القادمة على طائرة من «....» تحوز كمية من المواد المخدرة، فأخبر السلطات الجمركية بتلك المعلومة لاتخاذ الإجراءات الجمركية حيالها، وعقب وصول المتهمة على الطائرة التي تعمل رئيسة لطاقم الضيافة عليها ونفيها لحيازة ثمة أشياء تستحق عنها رسوم جمركية أو ممنوعات، وحال تفتيش حقائبها بمعرفة رئيس القسم المختص بتفتيش أطقم الطائرات تحت إشراف الشاهد الثاني لاحظ ارتباكها ووجود انتفاخ فى ملابسها ينم عن شيء تخفيه أسفلها، فتم استدعاء الشاهدة الثالثة حيث اصطحبت المتهمة إلى إحدى الغرف المغلقة وقامت بتفتيشها ذاتيًا فعثرت على أربعة عشر لفافة تحوي المخدر تخفيها أسفل «كورسيه» ترتديه أسفل ملابسها وداخل شراب كولون ترتديه أسفل بنطالها.
وأكمل: « ومن ثم خلص الحكم إلى اطراح ذلك الدفع، لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم أن تفتيش الطاعنة ذاتيًا الذي أسفر عن ضبط المخدر معها قد حدث داخل الدائرة الجمركية بمعرفة شاهدة الإثبات الثالثة وهي شرطية تحت إشراف مدير عام الجمرك وهو شاهد الإثبات الثاني، وأن ذلك تم بناءً على ما تخوله القوانين لرجال الجمارك، وأن شرعية ذلك التفتيش مستمدة من مظنة التهريب بعد أن شاهدها الشاهد الثاني فى حالة ارتباك وقلق ووجود انتفاخ بملابسها ينم عن شيء تخفيه أسفل ملابسها، هذا إلى أن القانون منح موظفي الجمارك أثناء تأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن الأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي نطاقها إذا توافرت دواعي الشك فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، ولم يتطلب توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون إجراءات الجنائية، واكتفى بأن تقوم لدى الموظف المراقب لتلك المناطق حالة تنم عن شبهة فى توافر التهريب الجمركي حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا عثر على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها فى القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم؛ لأنه وليد إجراء مشروع ولم ترتكب فى سبيل الحصول عليه أية مخالفة».
وأضاف: «إذ أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه فى شخص - فى حدود الدائرة الجمركية - لمظنة التهريب فلا معقب عليها، ولما كان البين أن تفتيش الطاعنة أسفر عن ضبط المخدرات أسفل ملابسها وهي داخل الدائرة الجمركية بمعرفة الشرطية الشاهدة الثالثة تحت إشراف مدير عام الجمرك بعد أن قامت لديه اعتبارات تؤدي إلى اشتباه فى توافر فعل التهريب فى حق الطاعنة لما دلت عليه إخبارية البحث الجنائي من أنها تحرز جواهر مخدرة، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون فى رفضه للدفع، هذا فضلًا عن أن الطاعنة لم تثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عن ما تدعيه من بطلان التفتيش من الشرطية شاهدة الإثبات الثالثة، ولا يقبل منها إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أن الطاعنة لا تماري فى أن الشرطية المذكورة قد فعلت ذلك بعد أن كلفها شاهد الإثبات الثاني بذلك، ولا يؤثر فى ذلك أن يكون قد تم فى غرفة مغلقة بالدائرة الجمركية ، لما هو مقرر من أن لمأمور الجمرك أن يستعين فى إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي، ما داموا يعملون تحت إشرافه، وأنه يصح الاستناد إلى الدليل الناتج عن ذلك التفتيش على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونًا. (الطعن رقم 10708 لسنة 86 جلسة 2017/10/03)».
وأشار إلى أن هذا الحكم محل نظر لأن الشبهة التي تجيز التفتيش الجمركي هي حاله ذهنية تقوم لدي موظف الجمارك تودي به إلي الشك في توافر فعل التهريب، وهذا يقتضي أن تتحق الشبهه لدي موظف الجمارك نفسه لا أن يتلقى نباها عن الغير، والثابت من الحكم محل التعليق أن بداية تفتيش حقائب المتهمة تحت إشراف مدير الجمارك كان بناء علي إخباريه البحث الجنائي بقدوم المتهمة من خارج البلاد حامله لمخدر وليس بناء علي اشتباه ذاتي من المدير المذكور وإن هذا العس في أمتعه المتهمة هو ما أدي إلي ارتباكها وملاحظة مدير الجمارك انتفاخ في ملابسها، أي أن هذا الارتباك والانتفاخ نتج عن إجراء غير مشروع هو العس في الإمتعة بناء على إخباريه البحث الجنائي وليس بناء علي اشتباه ذاتي من مدير الجمارك فإن أدى التفتيش الباطل إلى توافر اشتباه، فإن هذا الاشتباه يكون نتج عن إجراء باطل فلا يعتد به ولا يصح اتخاذه كسند لإباحه التفتيش الذاتي.