«كلمات للبيع».. تجارة القصائد تشتعل في غياب حقوق الملكية الفكرية.. والـ«فيس بوك» "عكاظ" القرن الـ21
الجمعة، 30 مارس 2018 11:00 م
على مدار تاريخ الشعر العربي، عاش الشعراء فترات من الازدهار، والانهيار، وكانت مكانتهم الاجتماعية، والمادية، مرتبطة بمدى موهبتهم، وقدرتهم على إنتاج قصائد تحوز رضا المستمعين، وكان أيضا من بينهم شعراء مشاهير، دفعتهم مواهبهم الفذة إلى دخول بلاط السلاطين، والملوك، والحصول على رضاهم.
وبامضحلال الثقافة العربية، وتراجع اهتمام علية القوم بالشعر، والشعراء، لم تعد مواهبهم في نظم الكلمات قادرة على أن تضمن لهم حياة مريحة، أو حتى موفرة للاحتياجات الأساسية، وهو ما أنتج سوقا خفية يبيع فيها الشعراء إنتاجهم، لينسب إلى غيرهم، فيما يكتفون هم بالمال الذي عادة ما يكون زهيدا، ومغلفا بالحسرة على موهبة كانت يوما ما تقود مجتمعا ترامت أطراف دولته شرق وغربا.
"تسليع الشعر" هذا هو الوصف الدقيق للشرح السابق، حيث بات الشعر سلعة تباع وتشترى، في غياب كامل لحقوق الملكية الفكرية، وتحول الأمر إلى تجارة رائجة لها سوقها، وروادها، الذين يعملون فيها علانية، على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر الإنترنت، حتى أن البعض صار يشبهها بسوق عكاظ الشهير.
تجارة إلكترونيّة
لم يتوقف بيع القصائد عند العرض والطلب، بشكل مباشر بين البائع والمشتري، بل تجاوز ذلك إلى أن أصبح هناك إعلانات على صفحات خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، تروج لبيع الشعر، وهو ما يبدو في الموقع المسمى "سوق القصائد"، ويتعامل زواره بالتحويلات البنكية، يعرض قصائد خاصّة وقصائد مناسبات.
ويتولى وسطاء وسماسرة بيع القصائد للشعراء الذين يرفضون الظهور بأنفسهم، نظرا لتمتعهم بشهرة، ولو ضئيلة، ويتم ذلك عبر تبادل الرسائل عبر البريد الإلكتروني، فيما يتم سداد الثمن ببطاقات الائتمان.
وهناك سماسرة يحرصون على حضور الأمسيات، والمناسبات التي يلقي فيها الشعراء قصائدهم، ثم يسلجونها، ويبيعونها بعيدا عن أصحابها، ودون علمهم!
المثير أن هذه السوق تلقى إقبالا كثيفا جدا من المشترين، وتختلف العروض الإعلانية، بين من يؤكد أن سعر قصيدته هو الأرخص، ومن يعد زبائنه بكتابة قصائد خاصة لهم، وفق ما يشرحونه له من مواقف يحتجون فيها هذه القصائد.
10 قصائد شهريا
واحد من الشعراء الذين يبيعون قصائدهم عبر فيسبوك، قال لـ"صوت الأمة"، رافضا كشف اسمه، إنه يبيع 10 قصائد شهريا، ويحصل على مبلغ يصل إلى 200 جنيه في القصيدة الواحدة، خاصة إذا كانت مكتوبة خصيصا للزبون.
وأكد أنه يستطيع أن يوفر دخلا شهريا، معقولا من القصائد، إضافة إلى عمله معلما بإحدى المدارس الحكومية.
وأضاف: "عملي لا يكفي دخله لتوفير حياة مستقرة، في ظل بلوغي الـ36 دون زواج، وهو ما دفعني لاستغلال موهبتي الشعرية المعطلة، في تحقيق استفادة مالية، تعينني على متطلبات الحياة الصعبة، لا سيما في السنوات الأخيرة".