التبعات والواجبات الاجتماعية ما بعد الانتخابات
الخميس، 29 مارس 2018 07:37 م
هناك واجبات وتابعات اجتماعية لما بعد الانتخابات الرئاسية، ومن الضروري لكل فرد في المجتمع الاتزام بها كي ننهض ببلدنا العظيمة مصر، وهي نصيحة لجميع أفراد المجتمع، كما أنها نصيحة ليست من عندي، بل من مكتبة رسول الله صل الله عليه وسلم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صل الله عليه قال «ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته»، فالإمام الذي على الناس راعِ، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعِ على أهل بيته هو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه.
فلما كان الإسلام دين التضامن والوحدة والعمل والمسئولية، وكان الناس فيه جميعاً طبقة واحدة، وجيشاً واحداً، ولكل منهم من الكرامة الاجتماعية ما قد يبلغ مبلغ الولاية والزعامة في أحرج الأوقات وأشد الأحوال، كما يصوره قوله صل الله عليه وسلم في قوله «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعي بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم»، وذلك لأن الإسلام دين الفطرة التي لا تحتمل التكلف، وتشريع الحقيقة التي لا تقبل الخيال، والنظر إلى منزلة كل إنسان من المجتمع وميدان عمله فيه، فوجد أن أرحب ميادين الحياة قد ينفسح عن اضيقها، وأن على منازلها قد يبني على أدناها، وأن المجتمع كالجسد الواحد يحتاج في حياته وصلاحه إلى أقل عضو فيه، وكالبناء الشامخ لا يبلغ مبلغه من الشموخ والرسوخ التي تساند اللبنات وارتباط الأجزاء، فنناشد أدني الناس منزلة في المجتمع كالعبد، وأعلاهم درجة فيه كالإمام، وأشبههم حالاً بالضعف والمعجزة الذاتية كالمرأة، وأصلهم في باب القدرة والتدبير الذاتي كالرجل، أن يؤدي كل واحد منهم أمانة الله فيما حوله من أمر وما استرعاه من رعية، وأن يعلم أن الله سبحانه وتعالى سائله ومحاسبه، عن كل ما ولاه من الأمور، وتفصيل الرعاية والمسئولية العامتين على الوجه الوارد في الحديث اكتفاء أو تمثيل، وإنما اكتفى بالمُلك والعبد والزوج وزوجه، لأن الأولين هم طرفا المجتمع من حيث المنزلة، والأخر بين طرفاه من حيث الضعف والقدرة الذاتية، فهو من حيث التعبيد بالأطراف من حيث إرادة المجتمع، ومن صريح معناه، قوله صل الله عليه وسلم «لا يستدعى الله تبارك وتعالى عبداً رعية قلت أو كثرت إلا سأله الله تبارك وتعالى عنها يوم القيامة»، أقام فيهم أمر الله أم اضاعة حتى يسأله عن أهل بيته خاصة.
المسئولية واقعة على كل مسلم بمقدار ما ولاه الله من أمر وما يسر له من عمل، وهي متنوعة بتنوع هذه الأمور والأعمال، سواء كان رئيساً للبلاد أو موظفاً في المصالح الحكومية العامة أوالخاصة، وأصحاب الأعمال الحرة، وأصحاب المصانع، والمدرسين والأطباء والمهندسين والقضاة والمحامين والإعلاميين ..إلخ،
والوعيد عن التنصل من هذه التابعات والواجبات أصل من أصول الدين الحنيف في القرأن والحديث، وبيان وجوه الرعاية مدروس في فنون كثيرة كالفقه والتصوف والأخلاق، ولو أخذ الناس بهذا المبدأ الإسلامي القويم، فعرف كل إنسان أنه عضو عامل في الأمة، وأنه مهما قل شأنه وضئل قدره، مقوم من مقومات المجتمع، ومكون من مكونات الحياة، وأن له أثراً وإن قل في كل مجتمع من الخصائص والصفات، لسعدت الأمة بكل فرد من أفرادها، وسعدت بأئمة يقيمون في رعيتهم حدود الله وأحكامه على سنن الشرع، ولا يضعون الإحسان موضع الإساءة، ولا الإساءة موضع الإحسان، فوضع الندى في موضع السيف بالعلا، مضر كوضع السيف في موضع الندى، ولا يألون جهداً في تحصيل الخير لهم، ففي الحديث «ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجتهد لهم وينصع، إلا لم يدخل معهم الجنة»، ولسعدت بعمالها الذين يلون مصالح الناس وقضاياهم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فلا يوصدون الأبواب في وجوه المظلومين، ولا يجتنحون الحقوق دون المستحقين، ولا يستعلون على الناس بما آتاهم الله من فضله ولا يستكبرون في الأرض بغير الحق، ولا يكونون كهؤلاء الذين بغضوا الحياة إلى أي العلاء إذا يقول «مل المقام فكم أعاشر أمة، أمرت بغير صلاحها أمراؤها، ظلموا الرعية واستباحوا كيدها، وعدوا مصالحها وهم أجراؤها»، ثم سعدت برعية عامة لا تنزع يداً من طاعة، ولا تشق عصا الجماعة ولا تعصى في معروف، ولا تخالف في عسر ولا يسر، ولا منشط ولا مكره ولا تألوا جهداً في النصح لله ولكتابه ولرسوله وللمؤمنين، ولسعدت بمربيها الذين يسطرون الأفكار والمبادئ على صفحات العقول، ويغرسون الغرائز والمشاعر في جبلات الفطر وسويداوات القلوب، ويطبعون على المكارم والشمائل سجايا النفوس، ثم سعدت بأباء راشدين يسون أمور أبنائهم وذويهم بالحكمة، ويوفونهم حقوقهم في النفقة والكسوة، وحسن العشرة بالحكمة ويحببون إلى أبنائهم العلم والفضيلة، ويرغبونهم في العمل والبطولة وحب الوطن، ويقونهم بالتأديب والتهذيب ما أمرهم الله يقوهم إياه، ويقول الله تبالك وتعالى، « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ، ولسعدت بنساء تحسن تدبير بيوت أزواجهن، ويتقين الله في أموالهم وأولادهم ويحفظن لهم غيبهم بما حفظ الله، ويجعلن من بيوت الزوجية جنات ناضرات يستروح بنسائها أولئك الأزواج المكدون في سبيل الرزق، المعنون بعناء العيش، والوعيد الشديد لمن استرعاه الله رعية فضبيعها ولم ينصع لها، وقد سبق بعضه.
ويروي معقل بن يسار رضي الله عنه، سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول «ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو عاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة»، وفي رواية «فلم يحطها بنصيحته لم يجد رائحة الجنة»، فهناك رسائل إلى راعي البلاد والعباد خاصة برب مصر، سعادة الرئيس، منها:
الأهتمام بالتعليم وتغيير المنهج كاملاً، نريد تعليم هادف، كذلك الأهتمام بالمساكين وأصحاب الأحتياجات الخاصة، والأهتمام بقوة شديدة بنعمة الأمن، والاهتمام بنظام المرور في المدن وعلى الطرق بين المحافظات، والأهتمام بالمراكز البحثية في الجامعات، وإعطاء الفرصة لكل صاحب بحث جيد أو اختراع يفيد البلد، كذلك القضاء على الفاسدين والخونة وأعداء الوطن، وتسهيل حوائج أصحاب الشركات والمصانع المتعثرين في ضائقة مالية بتسهيلات بنكية وسداد على المدى البعيد، والاهتمام ببناء مصانع ضخمة في جميع المجالات لتشغيل الشباب، والأهتمام بالبنية التحتية في جميع المحافظات، وتوظيف وتصنيف الطلبة والشباب الموهوبين والأوائل في جميع المجالات التخصصية، تسهيل حصول الشباب الغير قادر على شقق سكنية محترمة، بتسهيلات مالية بها رحمة، بعيداً عن مافيا العقارات، وأخيرا تنظيم لقاء شهري لرئيس الجمهورية مع الشعب، لنتحد ضد أعداء الوطن ونكون يدا واحدة ضد أي غادر وخائن.. تحيا مصر ويحيا أمنها وشعبها.