تفاحة حوا ..(1) عناد الموت
الأربعاء، 14 مارس 2018 06:24 م
استرحمها أن تتركه يعيش ، لكنها صمت أذنيها وأغمضت عينيها، وقالت له لا فالموت أفضل لك ولى ، استعطفها فلم يحن قلبها ، ولم تشفع دموعه عندها ، استجمعت ما فيها من قوة وأجهزت على أنفاسه تسابق عزرائيل فى قبض روحه وعجلت بالنهاية .
خانتها قوتها فسقطت بجواره تبكى بلا دموع ، أفاق للحظات وسألها ..لماذا الموت ، دعينا نعيش فأنت لى قوة وأنا لك سند ، قالت له اصمت، لم يصمت ..ظل يجذب يدها ، إلى فمه ..قبلها ..فانهارت من البكاء ونادت الله أن يرحمها ، ولعنت يوم رحيل زوجها .
تذكرت تسعة أعوام بدأت من الشهر الثاني فى حملها ، وكيف عاشت وحيدة منبوذة، يسبها المارة وينهرها الشحاذين، كيف تحملت آلام المخاض وحيدة فى غرفة على سطح بيت ، تذكرت كيف كان جسدها النحيل غطاء وغذاء لطفلها الوحيد حتى أتم عامه الثانى، مرارة الشهور والسنين أخبرتها بالماء الممزوج بالسكر وكسرات الخبز الناشف التى كانت تقتات منه هى وطفلها.
اقتربت من حبيبها وقرة عينها.. تغلق له قميصه الذى أهداه لها احد الجيران قبل العيد بأيام، مدت يديها تتحسس قدمه وتخلع عنها حذاءه ..قبلت أصابعه، فسقطت دمعه من عينيها على قدمه فلعقتها بفمها، جذبتها حتى تتأكد انه مازال حيا، لكنه لم يتحرك له ساكنا .
قالت لماذا استيقظت ، لقد قررت موتك أثناء نومك، حتى لا ارى نظرة عينيك ، فأضعف، لقد كنت لى سندى و ولدى وحبيبي ، لقد كنت لى الحياة ، لكن كيف نحيا والموت يطاردنا يوميا، كيف نحيا والفقر يستبيح جسدى وجسدك الهزيل بعد هروب والدك وأنت مازلت جنين فى رحمى.
نفضت عن جلبابها الاسود قطعة القماش المبتله التى قتلته بها ، واقتربت من احد الأدراج لتخرج منها كيس اسود به بعض من سم الفئران ، ابتلعتها وبعد دقائق فتحت عيناها واعلنت معدتها رفض السم واغرق القىء المكان ، ولم تصدق نفسها انها مازلت تتنفس، فحتى الموت يأبى راحتها، لم تدرى بنفسها حين التقطت سكين مسنونا وقطعت به شريان يديها ، فسقطت على الارض مغشي عليها ، غارقة فى دمائها لأكثر من 6 ساعات، فللمرة الثانية يعاندها الموت.
أفاقت وربطت يديها ، ثم نظرت حولها تبحث عن ابن عمرها ، فلم تشم سوى رائحة الموت وتعف جثته بجوارها، فسحبت ملاءة بيضاء ولفته بها ، ثم خرجت مسرعه للشارع وعند اقرب قسم ، دخلت منهارة تخبر الجميع أنها قتلت ابنها وحاولت الانتحار لكن الموت يعاندها والفقر يطارها ، وطالبت بالإعدام شنقا.