أبو صلاح.. منتصر
الثلاثاء، 13 مارس 2018 10:09 م
«لم يعد محمد صلاح مجرد لاعب كرة، لكنه أصبح نجما تتابع الملايين أخباره، وهي نجومية لها تبعاتها التي تبدأ بضرورة أن يحافظ على موهبته وصحته وضرورة حاجته إلى نيولوك يتغير به شكله أمام محبيه»، الأستاذ صلاح منتصر، صاحب الكلمات السابقة، وله منا كامل الاحترام والتقدير، عرف وآمن الآن وبصم بعشرة فوق عشرته أن هذه المقدمة ما كان لها أن تخفف من حدة غضبة محبي محمد صلاح في كافة أنحاء العالم منه ومن حديثه عن ذقن «الأسطورة».
ذاق الكاتب الصحفي، مرارة أن يُلفظ قوله من أناس لم يتحدث عنهم، لم يقترب منهم، أناس وضعوا على عاتقهم الدفاع عن شخص لا يعرفوه أيضاً، ولكنه بطلهم المفضل، يشجعونه ويتتبعونه بشغف أينما حل، من سويسرا إلى انجلترا إلى ايطاليا، لم يغفلوا عنه كأنهم واحد من أبنائهم، في صلواتهم يدعون لها، أخباره اعتبروها شأناً عاماً، يتدارسونها في المواصلات والمكاتب والمنازل، لا يرجون منه إلا كل خير، نصرهم كثيراً وجلب لهم الصعود بعد غياب إلى كأس العالم، فنصروه على كل من سولت له نفسه أنه "منتصر".
«أبو صلاح» الذي عرف عنه صمته، وترفعه عن الرد على المسيئين، انتصر على المطالبين بحلق ذقنه، حتى لا يشبه بالإرهابيين، عندما حرص الأطفال في انجلترا على تقليده برسم ذقنهم بالألوان اقتداء به، اعتبروه سفير الإسلام والعرب، ونذر الكبار منهم اعتناق الاسلام إن استمر في احرازه للأهداف.
في وسائل الإعلام الانجليزية، لم يختلف الأمر كثيرا، وصفوه ونعتوه بألقاب لا أول لها ولا آخر، بعدما نجح النجم المصري محمد صلاح الجناح الطائر لفريق ليفربول الإنجليزي ومنتخب مصر، في خطف قلوب الجماهير من مختلف أنحاء العالم بفضل مستواه المتميز، الأمر الذي جعله صائداً للجوائز الفردية المختلفة.
محمد صلاح أزال الصورة السلبية عن العرب والمسلمين في الدول الأوروبية، والتي كانت تنظر إلى كل ما هو عربي، مسلم أو ذو لحية على أنه إرهابي متطرف جاء لينفذ إحدى المخططات السوداء ويقتل المدنيين رافعاً راية الإسلام.
انتصر «أبو صلاح» دون أن ينطق في معركة أخرى، عندما قررت وزارة الأوقاف التحقيق مع داعية، اتخذ من «صلاح» سبيلاً للشهرة، فراح يحكم عليه بأنه لا يعبر عن الإسلام وعليه التوبة عما يفعل.
«أبو صلاح» انتصر وسيظل منتصراً، بحكم تربيته لنفسه، وضبطه لأدائه داخل الملعب وخارجه، وقدرته على جمع مختلفين متناقضين متخاصمين على حبه وتشجيعه، ودعمه في أي خطوة يتخذها، منتصراً بتطويره لنفسه واهتمامه بشكله وموضوعه، ومن قبل أهله وبلده، ومحبيه من كل أنحاء العالم.
«أبو صلاح» منتصر بإحساسه بعالمه ومجتمعه المحيط، وإنسانيته التي تحدث عنها العالم كله عندما توجه بعد إحدى المباريات إلى طفل يقبع مع أهله في المدرجات، ويرفع لافتة يطلب فيه فانلة نحم مصر وليفربول الانجليزي، منتصر بما يقدمه من تبرعات لعلاج حالة متأخرة في قرية هنا وعزبة هناك، بترويجه لسياحة بلده متى أتيحت الفرصة له.
«أبو صلاح» الذي ينتمي إلى جيل التسعينات، سيظل منتصراً لما قدمه لهذا الجليل البائس بحكم الظروف السياسية التي واكبها بعد ثورة يناير، من خدمات جليلة، فمعه وجدوا ضالتهم في الأمل الضائع منذ سنوات عدة، وجدواً مثالاً ونموذجاً للإجابة جاهزاً، إن طبقوه بما يناسب حياة كل منهم، نجوا بأحلامهم وطموحاتهم.