في ذكرى وفاة البابا كيرلس.. علاقة وطيدة ربطته بجمال عبد الناصر.. وأولاد الزعيم تبرعوا لبناء الكاتدرائية: «اللي يتبرع لكنيسة زي اللي يتبرع لجامع»
الجمعة، 09 مارس 2018 03:48 مكتبت- ماريان ناجى
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الجمعة، بذكرى رحيل البابا كيرلس السادس البابا الـ1166، الذي اشتهر بلقب «رجل الصلاة»، والذي أطلق على عهده، بعصر «المعجزات».
كان للبابا كيرلس والرئيس الراحل جمال عبدالناصر علاقة استثنائية؛ فالبابا كيرلس هو الشخص الوحيد الذي فتح أمامه الطريق لمنزل الزعيم جمال عبدالناصر، عندما أعلن الرئيس الراحل خطاب التنحي في 9 يونيو 1967، فتوجه البابا كيرلس إلى منزله بمنشية البكري بصحبة ثلاثة مطارنة، ونحو خمسة عشر كاهنًا، وعندما وجدوا طوفان البشر محيطا بمنزل الرئيس، صدرت التعليمات من رئاسة الجمهورية أن تقوم سيارة بفتح الطريق أمام سيارة البابا في تصرف خاص جدا يثبت ويعكس قوة العلاقة بين الزعيم والبطريرك.
ولن ينسى التاريخ علاقة الزعيم بالبطريرك، وأشهر المواقف بينهما مثل معرفة الزعيم رغبة البطريرك في بناء كاتدرائية جديدة في أرض الأنبا رويس بالعباسية، ولم يكن لديه الاعتمادات المالية الكافية.. ويروي الكاتب الصحفي الراحل الأستاذ محمد حسنين هيكل، أنه تلقى دعوة شخصية من البابا كيرلس للقائه.. فتوجه إليه وبصحبته الأنبا صموئيل، وكان يشغل منصب أسقف الخدمات العامة والاجتماعية.
وفي هذا اللقاء فاتح البابا هيكل في الموضوع، وأبدى له حرجه من مفاتحة الرئيس في الأمر مباشرة؛ حتى لا تكون فيه إثارة أية حساسيات، وعندما فاتح هيكل الرئيس في الأمر أبدى تفهما كاملا.. فكان يرى أهمية وحقوق الأقباط في النسيج المصري الواحد، ثم إنه كان على وعي كامل بالمركز الممتاز للكنيسة القبطية ودورها الأساسي في تاريخ مصر.
وهكذا قرر أن تساهم الدولة بنصف مليون جنيه في بناء الكاتدرائية الجديدة؛ نصفها يُدفع نقدًا ونصفها الآخر يدفع عينا، بواسطة شركات المقاولات التابعة للقطاع العام، والتي يمكن أن يعهد إليها بعملية البناء.. وبالفعل تم وضع حجر الأساس ببناء الكاتدرائية في 24 يوليو 1965 بحضور الرئيس عبدالناصر والبابا كيرلس السادس.
وتحدث محمد حسنين هيكل، عن هذه العلاقة في كتابه خريف الغضب، وقال عنها: كانت العلاقات بين جمال عبدالناصر وكيرلس السادس علاقات ممتازة، وكان بينهما إعجاب متبادل وكان معروفا أن البطريرك يستطيع مقابلة عبدالناصر في أي وقت يشاء، وفي لقاء ودي خاص بين عبدالناصر والبابا كيرلس تم في بداية سيامته بطريركا عام 1959 قال البابا كيرلس لعبدالناصر: إني بعون الله سأعمل على تعليم أبنائي معرفة الله وحب الوطن ومعنى الأخوة الحقة ليشب الوطن وحدة قوية لديها الإيمان بالله والحب للوطن.
علق القس بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية، لـ «صوت الأمة»، عن هذا الموضوع قائلا: العلاقة بين البابا كيرلس السادس والزعيم الراحل جمال عبد الناصر علاقة متميزة ومتفردة في تاريخ مصر والكنيسة.. فقد كان البابا باستطاعته مقابلة عبد الناصر في أي وقت يشاء، ولعل مساهمة الدولة بنصف مليون جنيه في بناء الكاتدرائية الجديدة تعبر عن طبيعة العلاقة بينهما، وبالفعل تم وضع الحجر الأساسي ببناء الكاتدرائية في 24 يوليو 1965، وبحضور الرئيس عبد الناصر والبابا كيرلس السادس.
وأضاف: ومن الطرائف التي تُحكى أنه قد حدث أن البابا كيرلس السادس زار الرئيس ذات يوم في منزله، فجاء إليه أولاده، وكل منهم معه حصالته، ثم وقفوا أمامه، وقال له الرئيس: أنا علمت أولادي وفهمتهم إن اللي يتبرع لكنيسة زي اللي يتبرع لجامع.. والأولاد لما عرفوا إنك بتبني كاتدرائية صمموا على المساهمة فيها.. وقالوا ها نحوش قرشين، ولما ييجي البابا كيرلس حنقدمهم له.. وأرجو ألا تكسفهم وخذ منهم تبرعاتهم.. فأخرج البابا كيرلس منديله ووضعه على حجره ووضع أولاد عبد الناصر تبرعاتهم، ثم لفها وشكرهم وباركهم.
وتابع المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية: ومن القصص الجميلة التي تُروى أنه أثناء صعود البابا والرئيس لسلالم الكاتدرائية، صدرت آنة ألم خفيفة من الرئيس الراحل، فالتفت إليه البابا وسأله: ما بالك يا سيادة الرئيس ولماذا تتألم؟ لعلني أنا الذي يحق لي أن أتأوه، إذ مازلت أشعر بألم في ساقي إثر الجلطة التي أصابتني في العام الماضي، فرد عليه الرئيس: إنني أشعر بآلام في ساقي أيضا، فرد عليه البابا ولماذا لم تخبرنا بذلك إننا كنا على استعداد لتأجيل الحفل حتى تتماثل سيادتكم للشفاء الكامل، فرد عليه الرئيس: لا بل أنا مسرور هكذا.