اعترافات المشاهير السرية
الإثنين، 05 مارس 2018 02:00 صكتب - عنتر عبداللطيف
بالاعترافات.. الشذوذ والدعارة والإلحاد والصعلكة فى حياة المشاهير
لويس عوض: أبى مقامر حاول قتل أمى بـ«ساطور» وأختى عبيطة وشقيقى يغار منى
لويس عوض: أبى مقامر حاول قتل أمى بـ«ساطور» وأختى عبيطة وشقيقى يغار منى
صفعت الإعلامية منى عراقى الجميع، عرتهم، فضحت تناقضاتهم، لكن انهالت عليها معاول أدعياء الفضيلة، وسن البعض السكاكين تمهيدا لذبحها معنويا.
ما قالته «العراقى» وأدى إلى إيقافها عن العمل، ليس سرا، الكل يدرك أن «الهواجس الجنسية» أصبحت مرضا يمشى على قدمين، لكن لأننا اعتدنا دفن رؤوسنا فى الرمال، فقد ذبحنا «منى عراقى» لنستر بدمائها عجزنا وصمتنا.
فى المجتمعات الشرقية ليس كل ما يعرف يقال، ليس كل ما يحدث يخرج إلى العلن، فالحيطان «ليها ودان»، وتحريم البوح أدى إلى عدم وجود ما يسمى عالميا بأدب «الاعتراف»، لكن «العراقى» كانت صريحة وصادمة وشجاعة باعترافها بتعرضها للاغتصاب وهى صغيرة.
أدباء ومفكرون يعدون على أصابع اليد غردوا خارج السرب، لكن لاحقتهم أيضا اللعنات أو تداول البعض ما كتبوه سرا من د. لويس عوض الذى يصف النقاد سيرته الذاتية « أوراق العمر» بأنها الأجرأ فى أدب الاعترافات العربى وإن كان البعض يرى أنه لم يتحدث كثيرا عن نفسه، فى حين أسهب فى سرد حكايات الآخرين من قبيل وصفه لأخته «مرجريت» بالعبيطة واعترافه بأنه أودعها أحد الملاجى بمصر الجديدة وسرد حكايات لعب أبيه للقمار ووصفه لعائلته بالمفككة أسريا.
وفى معرض حديثه عن شقيقه رمسيس عوض يقول «لويس»: «أصاب بعض الشهرة بين المثقفين المصريين بوصفه باحثاً جاداً فى الأدب وتاريخه» ويصفه بأن «ذكاءه فوق المتوسط، ولكن لا حدة فيه ولا إبداع، وقد عوضه دأبه فى العمل عن نقص فى الإبداع».
يقول لويس عوض: «بعد أن خرج رمسيس عوض من قوقعة الجامعات الأكاديمية، وبدأ يخاطب القراء، أى منذ الستينات أحس بأنه يغار منى فى سريرته، ويحسن إخفاء هذه الغيرة تحت قناع هدوئه، كان يغار منى لشعوره بأنه مهما حاول فلن يصيب ربع ما أصبته من تأثير فى المثقفين وفى الرأى العام، سواء بالقبول أو الرفض، ليس فى مصر وحدها، لكن على مستوى العالم العربى، بل بين مثقفى أوروبا وأمريكا المهتمين بالعالم العربى، لكنه كرجل عاقل كان دائما يحاول أن يضبط هذه الغيرة، لأنه يعلم - بغض النظر عن اختلاف المواهب ودرجات العلم - أن هذا التأثير الإيجابى أو السلبى القوى لا يكتسب إلا بالنضال والتضحيات، ولا يمكن أن يحصله أحد وهو يمشى مثله دائماً بحذاء الحائط، ويخشى المجازفات أو بطش الأعداء».
ويكشف «عوض» أن اسمه فى شهادة ميلاده هو «لويز» وهو الاسم المؤنث، بدلاً من «لويس» قائلا عن أسرته: «انطباعى العام أننا أسرة مفككة، لكنى لا أستطيع أن أحكم إن كان تفككنا يضاهى أو يزيد، أو يقل عن تفكك أكثر الأسر المصرية، أو فلنقل الأسر القبطية، لأن اختلاف قوانين الأحوال الشخصية واختلاف الثقافة الدينية قد خلق أنماطاً أخرى للأسر المسلمة».
ويسرد«عوض» تفاصيل علاقته المضطربة بوالده مدمن الخمر وكيف أنه– أى والده- حمل ذات يوم ساطورا ليضرب زوجته– والدة لويس- فما كان من لويس إلا أن حمل كرسياً وهدد والده بالضرب بالكرسى، حتى ابتعد عن أمه.
ويعترف لويس عوض بإدمانه شرب الخمور والحشيش قائلا: «ما إن دخنته حتى وجدت نفسى فى عالم آخر لا أسيطر فيه على حواسى، أحسست بظاهرة غريبة تنتابنى، كان عقلى يتشتت لفترات ثم أعود إلى كامل وعيى وأنا أقول لصاحبى عمر الحكيم بالإنجليزية (I can not stay here any more) فيمسكنى عمر الحكيم من ذراعى. فأسكت ثم أغيب فى بحرين من الفكر المتشتت وكأنما تحملنى أمواج إلى عالم بعيد ثم أستجمع وعيى من جديد ويخيَّل إلىّ أن دهرًا مضى على رحلتى، فأنظر إلى ساعتى وأكرر عبارة (I can not stay here any more) فيمسكنى عمر الحكيم من ذراعى ويستبقينى وأغيب عن وعيى مرة أخرى وأنا ثابت على مقعدى أشخص للمسرح ولا أرى شيئًا، وتكرر هذا الأمر مرات عدة، وخرجنا من (الكباريه) وقد تجاوزت الساعة الواحدة والنصف وسرنا فى شارع النيل، فتملكنى رعب شديد وأنا أرى الأشجار تتراقص تحت النور الخافت فقلت هامساً (عمر! عمر! العسكرى ورانا!) فقد توهمت بسبب المخدرات أن هناك شرطياً يتبعنا فأجاب عمر ضاحكاً (عسكرى إيه يا راجل؟ إنت مسطول، دى الشجرة). قال لويس عوض فى مذكراته (نعم كنت مسطولاً). ويستطرد لويس عوض بقوله: وبعد دقائق من السير توقفت ورفعت بنطلونى إلى أعلى كمن يستعد ليخوض فى بركة ماء وقلت محذراً (حاسب يا عمر من البركة قدامك) ولم تكن هناك بركة، كان هناك مجرد طين وبلل، نتيجة مطر خفيف، كانت تلك أول تجربة لى مع الحشيش وكانت درسا قاسيا فلم أتعاطاه ثانية إلا عام 1942م.
«أنا أريد قتل الشهرة التى منحتنى إياها رواية «الخبز الحافى»، لقد كتبت «زمن الأخطاء» ولم تمت، كتبت «وجوه» ولم تمت، إن «الخبز الحافى» لا تريد أن تموت، وهى تسحقنى، أشعر أننى مثل أولئك الكتّاب الذين سحقتهم شهرة كتاب واحد شأن سرفانتس مع «دون كيخوت»، أو فلوبير مع «مدام بوفارى»، أو د.ه. لورنس مع «عشيق الليدى تشارلى». فـ«الخبز الحافى» لا تزال حية رافضة أن تموت، ابنة عاهرة، الأطفال فى الشوارع لا ينادوننى شكرى، بل ينادوننى «الخبز الحافى». هذا الكتاب يقول لى يوميا ها أنا، هنا، حي».. هذا ما يؤكده الكاتب المغربى الراحل محمد شكرى معترضا على اختزاله فى رواية واحدة وهى «الخبز الحافى» حتى ولو كانت أشهر أعماله!
يقول شكرى عن أبيه: «إن موت أبى فى ذهنى تم فى اللحظة التى مات فيها أخى، إننا لا نقتل آباءنا بقدر ما يقتلون أنفسهم فينا، إن الأب هو الذى يعجل أو يؤجل، يقصر أو يطيل موته فى أبنائه، الموت درجات متفاوتة».
ظل محمد شكرى يكره والده حتى بعد رحيله، والسبب أن الأب قتل ابنه وشقيق محمد شكرى وكان اسمه «عبد القادر» ثم أخذ يبكى عليه، ما شكل شبحا ظل يطارد شكرى حيا وميتا ويقوده إلى العزوف عن الزواج والهروب من البيت».
يبدو والد محمد شكرى فى «الخبز الخافى» عنيفا جسديا و فكريا، سكير مقامر ويتاجر بنقود عائلته ودائما ما يقتله شكرى فى خياله!
فى هذه الرواية التى يصفها بعض النقاد بأدب الشطار أو الواقعية القذرة يصف «شكرى» علاقاته النسائية بكل جرأة، ويصف أيضا لحظات استمنائه، ويسرد تفاصيل مثليته الجنسية.
فى سيرته الذاتية «النوافذ المفتوحة» يعترف الكاتب والروائى الراحل شريف حتاتة بجذور جدته اليهودية من والدته ليسرد كيفية إخفاء ذلك نظرا لتأثره بالبيئة التى نشأ فيها، فضلا عن اعتبار نشاطه السياسى قائلا «كانت بالنسبة للأسرة عورة يجب إخفاؤها فهى من أسرة متواضعة ومن أصل يهودى».
كما يعترف «حتاتة» بالاعتداء الجنسى عليه وهو صغير من قبل خادم الأسرة عقب حضوره من لندن وإقامته فى منزل جده بمصر، وهى الواقعة التى خشى من الاعتراف بها لأحد من أسرته، قائلا: «فكم من المرات قوبلت بالصمت المضطرب، أو النظرة التى تهرب، أو احمرار الوجه، أو الصوت الغاضب الآمر بالسكوت، عندما أقترب من أمور تتعلق بالجنس مهما كانت عادية، كأننى مسست سلكاً كهربائياً فيه شحنة».
الكاتبة والروائية نوال السعداوى كشفت بجرأة، تحسب لها، عن أدق تفاصيل حياتها وهى طفلة من تعرضها للختان إلى التحرش ثم تمردها على المجتمع وملاحقة المتأسلمين لها بقضايا الحسبة.
تقول «السعداوى» فى كتابها «أوراقى.. حياتى»: «فى العشرين من عمرى نسيت الأسئلة الطفولية كلها، انشغلت بالدراسة فى كلية الطب والنجاح فى الامتحانات آخر العام، قبل الامتحان بأيام قليلة أواظب على الصلاة، لم أكن أرى أمى تصلى إلا وقت الأزمات، أسمع الشيخ فى الراديو يقول النساء ناقصات عقل ودين، بدأت أتشبه بأبى، أواظب على الصلاة فى غير أوقات الامتحان، بلغ بى الإيمان ذروته عام 1952، حين بلغت الواحد والعشرين من العمر، أصبحت فى الأوراق الرسمية مواطنة بلغت سن الرشد، أحظى بحقوق الإنسان فيما عدا الحقوق التى منحها الله للرجال دون النساء، كان الدستور المصرى ينص على المساواة بين الناس أمام القانون، لكن شريعة الله تنص على أن الرجال أعلى درجة من النساء، كان التناقض واضحا بين الدستور والشريعة، لم أكن أرى هذا التناقض وأنا فى الواحدة والعشرين من عمرى، الإيمان المطلق الأعمى يجعلنى كأنما عمياء لا أرى التناقضات الواضحة للعيان».
فى كتاب «أبى شوقى» يسرد حسين شوقى ابن أمير الشعراء واقعة طريفة دعت والده لتأليف قصيدة «إلى عرفات» وهى أن الخديو عباس حلمى الثانى طلب من شوقى أن يرافقه فى رحلة الحج إلى الحجاز وكان شوقى جليس وصديق الخديو، وبدأ معه الرحلة ولكن عند مدينة بنها غافل شوقى الخديو وهرب متعللا بعدم قدرته على تحمل مشقة السفر وركوب الجمال واختبأ عند أحد أصدقائه، وحتى يعتذر للخديو، فقد كتب هذه القصيدة الرائعة فى 1910م، وكانت بمثابة تهنئة للخديو عباس بمناسبة حجه، وهى القصيدة الشهيرة التى نشرتها مجلة الهلال وقتها وغنتها فيما بعد كوكب الشرق أم كلثوم.
أما محمد عبدالنبى فيتناول فى روايته «فى غرفة العنكبوت» قضية شائكة وهى المثلية الجنسية ساردا تفاصيل «المسكوت عنه» فى المجتمع، وهى بالطبع رواية وليست سيرة ذاتية لكنها تدخل ضمن أدب التغريد خارج السرب.
يقول حامد عبدالصمد فى رواية «وداعا أيتها السماء»: «كانت آثار رياح الخماسين لا تزال واضحة عند الأفق وتحجب قرص الشمس خلفها، غطت العاصفة قريتنا لليوم الثانى على التوالى بالرمال، كل شىء بدا مهزوما.. فانيا.. مقبورا.. كان جوا أسطوريا يتوافق مع مشاعرى ويليق بيوم الوداع، ولكن لا شىء ولا أحد كان يشعر بالخوف الغاضب الذى تملكنى وأنا أبدأ أول خطوات طريقى إلى المجهول، سارت السيارة ببطء وراحت تبعدنى تدريجيا عن مسقط رأسى ومقبرة أحزانى، مررت على حقل الموز الذى كنت أزوره أيام مراهقتى، وأتخطى فيه حدود المسموح، مررت على النيل الذى بدا هادئا.. رغم شدة الرياح، نظرت إلى النهر الصامت وقرأت على صفحته قصته التى هى قصتى: قصة ملك لا يملك ومعبود لا يعبد.. قصة أسد مخصى محبوس خلف سد عال، فصار بلا طمى ولا فيضان. وبعد قليل استقبلتنا القاهرة بضبابها وسحابتها السوداء، ولكن الزحام القاهرى لم يكن بالحدة المعهودة، وكأن عاصمة بلادى كانت تريد أن تطردنى بأسرع ما يمكن».
يتعرض بطل الرواية إلى اغتصاب جنسى عنيف مرتين وهو مشهد ظل يطارده طويلا فضلا عن حيرة ايمانية بدأت بذورها تتملكه فى وفترة مراهقته.
خلال زيارته لمصر إبان حكم المعزول مرسى تعرض حامد عبدالصمد إلى حادث اختطاف ليصدر بعض المتشددين دينيا وقتها فتاوى بإهدار دمه، واتهموه بالزندقة والخروج عن الإسلام.