قبل أسابيع من تقديم الحكومة لمشروع الموازنة للبرلمان.. إلى أين تتجه الأسعار؟
السبت، 03 مارس 2018 07:00 صماجدة خضر
قبل ثلاثة أشهر من انتهاء العام المالى الحالى ٢٠١٧ – ٢٠١٨ فى يونيو المقبل ومع تقدم وزارة المالية للبرلمان بمشروع الموازنة خلال شهر مارس يتساءل البعض عن اتجاه أسعار السلع والخدمات، وهل ستشهد موجة جديدة من الصعود فى العام المالى الجديد بداية من شهر يوليو على خلفية توجه الحكومة وفقا لتعهداتها لصندوق النقد الدولى بخفض دعم الطاقة والمواد البترولية؟ أم سينخفض معدل زيادة الأسعار وليست الأسعار وفقا لما تؤكده الحكومة؟
توقعات صندوق النقد تشير إلى أن دعم المواد البترولية فى العام المالى المقبل سينخفض بنحو٥٦ ٪، من ١٠٨٫٢ مليار جنيه فى العام المالى الجارى ٢٠١٧- ٢٠١٨ إلى ٤٧٫٢ مليار جنيه يشير - العام المالى المقبل ٢٠١٨ – ٢٠١٩ وهو ما إلى زيادات جديدة فى أسعار منتجات الوقود
تنعكس بالسلب على المستهلكين.
كانت وثائق صندوق النقد الدولى، التى تضمنها تقريره عن المراجعة الأولى للاقتصاد المصرى، التى أجريت فى مايو الماضى، كشفت عن توصية الصندوق للحكومة بعدم الانتظار حتى العام المالى المقبل من أجل إقرار زيادة جديدة فى أسعار الوقود.
وحذر صندوق النقد الدولى مصر من تجميد خطة زيادة أسعار الوقود حتى العام المالى المقبل، خشية تعرضها لمخاطر زيادة تكلفة المواد البترولية بسبب الأسعار العالمية وسعر الصرف، ويرى الصندوق، بحسب التقرير، أن مصر أقدمت على إصلاحات هامة وحاسمة فى ملف إصلاح دعم الطاقة، لكنها لا تزال "متأخرة".
وقال خبراء الصندوق فى توصياتهم لمصر: إن التزام الحكومة بوقف دعم المواد البترولية فى يونيو ٢٠١٩ ، هو أمر مشجع، لكن تأجيل أى زيادة جديدة حتى عام ٢٠١٨ – ٢٠١٩ ينطوى على مخاطر كبيرة تتعلق بارتفاع سعر البترول العالمى وأسعار الصرف.
وأضاف التقرير أن الصندوق يفضل زيادة مبكرة فى أسعار الوقود، وأنه من هذا المنظور، يرحب بالخطوة التى تعتزم الحكومة القيام بها من أجل وضع آلية لتعديل أسعار الوقود بشكل أتوماتيكى، أو أى إجراءات أخرى من أجل تعويض أى زيادة عن المتوقع فى تكلفة إنتاج المواد البترولية.
يرى خبراء اقتصاديون أنه من المتوقع أن ترفع الحكومة أسعار الوقود فى بداية العام المالى الجديد بهدف رفع الدعم بشكل تدريجى، ففى حال رفع الدعم مرة واحدة العام المالى المقبل ستكون زيادة كبيرة فى الأسعار على المستهلكين ولا يتحملها الاقتصاد.
ويشير الدكتور جودة عبدالخالق، أستاذ الاقتصاد، ووزير التموين السابق، إلى أنه فى أكتوبر ٢٠١٧ انخفض معدل التضخم السنوى إلى ٣٠ ٪ لكن صاحبته زيادة فى أسعار المواد الغذائية بنسبة ٤٢ ٪ وهو ما يعنى تراجع القيمة الحقيقة للدخول، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة راجعت مؤخراً الحد الأدنى للأجور فى ٢٠ ولاية، مضيفا أن هناك خللا حقيقيًا فى منظومة الدخل، كما أن هناك تضخمًا يصل إلى ٣٠٪ فى وقت لا تزيدالعلاوة السنوية للعاملين على ١٥٪.
ويضيف "جودة"، ان الحكومة سوف ترفع أسعار الكهرباء والوقود يوليو المقبل، وسيصبح دعم الطاقة صِفرًا فى عام ٢٠٢٠ طبقا لتصريح وزير الكهرباء أمام غرفة التجارة الأمريكية، ويتساءل عن كيفية حساب دعم الكهرباء؟ خاصة وأن شركة الكهرباء المملوكة للدولة فى حكم المحتكر فهى الشركات ذاتها التى تنتج وتنقل وتوزع، وهو الأمر الذى ينطبق على حساب تكلفة وتسعير المياه، ما يشكل حالة من الغموض!
وأضاف أن الحكومة رفعت سعر الفائدة على الودائع والقروض لخفض التضخم، لكن ما حدث أن ارتفع معدل التضخم، وسبق أن شكلت لجنة برئاسة رئيس الوزراء فى أكتوبر ٢٠١٦ لتحديد هامش لربح المنتجات والسلع الأساسية لم تفعل شيئا.
برؤية أكثر تفاؤلية، يقول الدكتور فخرى الفقى المستشار السابق لصندوق النقد الدولى: إن معدل الزيادة فى الأسعار بدأ فى الانخفاض، وأصبح هناك سعر صرف موحد، متوقعًا فى نهاية ٢٠١٨ ، وفقا لتوقعات الصندوق وتقاريرالحكومة أن ينخفض التضخم الى ١٪
وأشار إلى أن الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد تحتاج إلى جهد منظم وزيادة الأسعار جزء من هذه الاختلالات، لافتا إلى أن عجز الموازنة وصل إلى
١٪ من الناتج المحلى، بينما النسبة المقبولة يجب أن تكون ٣٪ بما يعنى أن ادخارات الحكومة بالسالب.
وقال إن توحيد سعر الصرف كان خطوة جريئة من الحكومة أن ترفع سعر البنزين والسولار والغاز وسيتم رفع الدعم كليا عن الطاقة عام ٢٠٢٢ حسب طلب الصندوق أما سعر الكهرباء فيتم رفعه بمقدار معين كل عام مع تقسيم المستهلكين إلى شرائح ونتيجة لرفع سعر الطاقة استطاعت الحكومة توفير ٥٠ مليار جنيه بالاضافة إلى ٣٥ مليار جنيه من دعم المواد الأخرى.
أوضح أن الاقتصاد بحاجة إلى كتيبة من المبدعين فى الحكومة القادمة لعلاج التشوهات الهيكلية بجسم الاقتصاد المتعلقة ب ١٥ منظومة خاصة بالصحة والتعليم، وقطاع الأعمال العام، والدعم بأشكاله والمعاشات والقطاع غير الرسمى، من جهة أخرى، توقع "الفقى" نزول سعر الفائدة بمقدار ٥ نقاط بنهاية ٢٠١٨.
بينما يرى أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، أنه فى حالة استمرار السياسات الاقتصادية التى تدعم المحتكرين لن تنخفض الأسعار، مشيرًا إلى أن تكلفة المنتج تعتمد فى السلع التى تصنع محليًا على الاستيراد من الخارج وهذه المكونات تتأثر بسعر الدولار.
وقال إن معدل الارتفاع فى الأسعار شهد انخفاضًا منذ شهرين بعد أن وصل إلى أعلى معدل له، لافتًا إلى أن سعر إحدى السيارات التى تجمع فى مصر تباع بمليون و ٣٠٠ ألف جنيه ونفس السيارة فى الخليج سعرها ٢٥ ألف دولار، فالمصنع هنا يربح فى السيارة الواحدة ٥٠٠ ألف جنيه فى وقت لا يسدد جمارك باعتباره مصنعًا، وضرب مثلا آخر بزجاجة البرقان ال ١٠٠ ملى، التى لا تزيد تكلفتها على ٥٠٠ جنيه تباع فى السوق ب ٢٥٠٠ جنيه نتيجة احتكار السلعة، وحماية هؤلاء المصنعين من قبل الحكومة حتى الملابس زادت أسعارها بنسبة تعدت ال ٣٠٠٪.