من شريعة اليهود لموروثات القردة بالجاهلية... هل حد الرجم موجود أصلا في الإسلام؟
الخميس، 08 مارس 2018 11:00 م![من شريعة اليهود لموروثات القردة بالجاهلية... هل حد الرجم موجود أصلا في الإسلام؟ من شريعة اليهود لموروثات القردة بالجاهلية... هل حد الرجم موجود أصلا في الإسلام؟](https://img.soutalomma.com/Large/201803080148464846.jpg)
منذ أن فجر الشيخ القرضاوي قنبلته حول حدود الشريعة الإسلامية وبخاصة حد «الرجم» الذي فرضته الشريعة الإسلامية على الزاني المحصن المتزوج، وتأكيده في أحد كتاباته بأن حد الرجم غير موجود في الشريعة الإسلامية، وهو موروث من شريعة اليهود، والشبهات تثور حوله، يذهب فريق من الناس إلى عدم وجود هذا الحد في الشريعة الإسلامية، وما يؤكد ذلك عدم وجود نص قرآني أو حتى آية قرآنية واحدة تدل على هذا الحد، فيما يهب فريق آخر إلى أن هذا الحد موجود في الشريعة الإسلامية، وطبقه النبي في زمنه، وهو ما يؤكد وجوده في الشريعة.
موقف الشيخ أبو زهرة
من أبرز الذين أيدوا عدم وجود حد «الرجم» في الشريعة الإسلامية الشيخ محمد أبو زهرة عضو مجمع البحوث الإسلامية الراحل، وذلك خلال ندوة التشريع الإسلامي التي عقدت في ليبيا بالعام 1972م، حيث وقف في الندوة ليوجه كلامه لجموع الحضور قائلا إني كتمت رأيا فقهيا في نفسي من عشرين سنة، وكنت قد بحت به للدكتور عبد العزيز عامر، ثم استدار ناحية الشيخ قائلا له: أليس كذلك يا دكتور عبد العزيز؟، فقال: نعم، ثم استدار مرة أخرى نحو الجمهور ليكمل قائلا: لقد آن لي أن أبوح بذلك قبل أن ألقى الله تعالى، ويسألني لماذا كتمت ما لديك من علم، ولم تبينه للناس، هذا الرأي يتعلق بقضية «الرجم» للمحصن في حد الزنى، فرأيي أن الرجم كان شريعة يهودية، أقرها الرسول في أول الأمر، ثم نسخت بحد الجلد في سورة النور، ولي على ذلك أدلة.
الدليل الأول: أن الله تعالى قال: «فإذا أُحصِنَّ فإن أَتيْنَ بفاحشةٍ فَعَليهنَّ نِصفُ ما على المُحصناتِ مِن العذابِ»، والرجم عقوبة لا تتنصف، فثبت أن العذاب في الآية هو المذكور في سورة النور في قوله تعالى "وليَشْهَد عَذَابهما طائفة من المؤمنين».
والدليل الثاني: ما رواه البخاري عن عبد الله بن أوفى أنه سئل عن الرجم، هل كان بعد سورة النور أم قبلها؟ فقال: لا أدري، فمن المحتمل أن تكون عقوبة الرجم قبل نزول آية النور التي نسختها.
أما الدليل الثالث، فأن الحديث الذي اعتمدوا عليه، وقالوا بإنه كان قرآنًا ثم نُسخت تلاوته وبقي حكمه أمر لا يقره العقل، لماذا تنسخ التلاوة والحكم باق، وما قيل: إنه كان في صحيفته فجاءت الداجن وأكلتها لا يقبله منطق، وممن يدعمون تلك الرؤية عدد من العلماء المسلمين منهم الإمام فخر الدين الرازي، الشيخ محمد الغزالي، والدكتور مصطفي محمود، والدكتور أحمد حجازي السقا.
هل قال الشيخ أبو زهرة ذلك؟
يجزم الشيخ يوسف القرضاوي، مفتي الجماعة الإرهابية، بأن هذا الموقف قد حدث أمامه في الندوة التي كان يحضرها، وقد كتبها في مذكراته وكان المقال بحمل عنوان «أبو زهرة يفجر قنبلة»، وقد تحدث عنها في أكثر من لقاء تلفزيوني عبر الفضائيات العربية، منها برنامج «مراجعات» الذي تبثه قناة «الحوار» الفضائية.
موروث من الشريعة اليهودية
يذهب فريق من الذين يقولون بإن حد الرجم غير موجود في الإسلام، إلى أنه مأخوذ من شريعة اليهود وهو من الموروثات اليهودية، وأنه كان من الشرائع اليهودية، ودليلهم في ذلك ما جاء في التوراة التي نزلت قبل القرآن بمئات الأعوام كحكم لعقوبة على الزاني والزانية.
ويعللون ذلك بما ورد في سفر التثنية في قوله «وَلكِنْ إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ صَحِيحًا، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ، يُخْرِجُونَ الْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ، لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ، إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعًا مَعَ امْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْل، يُقْتَلُ الاثْنَانِ: الرَّجُلُ الْمُضْطَجِعُ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيلَ، وإِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُل، فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي الْمَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، فَأَخْرِجُوهُمَا كِلَيْهِمَا إِلَى بَابِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الْفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَمْ تَصْرُخْ فِي الْمَدِينَةِ، وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ».
القردة في الجاهلية
بينما يذهب فريق آخر من المنكرين لوجود حد الرجم في الإسلام، إلى أن حد الرجم أخذ من القردة الممسوخة، والتي كان قد مسخها الله تعالى بأعمالهم لقوله تعالى «فجعل منهم القردة والخنازير» مستدلين بما جاء في البخاري عن عمرو بن ميمون قال: «كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا على شرف ، فجاء قرد من قردة فتوسد يدها، فجاء قرد أصغر منه فغمزها، فسلت يدها من تحت رأس القرد الأول سلا رفيقا وتبعته، فوقع عليها وأنا أنظر، ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق، فاستيقظ فزعا، فشمها فصاح، فاجتمعت القرود، فجعل يصيح ويومئ إليها بيده، فذهب القرود يمنة ويسرة، فجاءوا بذلك القرد أعرفه، فحفروا لهما حفرة فرجموهما، فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم».
نسخ آية الرجم
بينما يذهب فريق آخر من المنكرين إلى أن آية الرجم قد نسخت في القرآن الكريم وهي «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم»، فقد ذكر أنها كانت أحد آيات سورة الأحزاب، وأن الصحابة رضي الله عنهم قرأوها على عهد رسول الله، وكانوا يعدونها آية من القرآن، وأنها نسخت لفظا وبقى حكمها، حيث أنها لم تكتب في المصحف، فلم تعد بعد النسخ من الآيات القرآنية.
تجمع الأمة بفقهائها وعلمائها ورحالها، إلا قليل من المجتهدين، بأن حد الرجم ثابت في الشريعة الإسلامية، وأنه موجود في الشريعة الإسلامية نصا وثبوتا، وكل ما ورد من أنها كانت في الشريعة اليهودية والنبي أخذها منهم، أو أنها كانت في القرود الممسوخة، أو أن آية الرجم منسوخة، ضعيفة ومتواترة، وهو ما أكدته دار الإفتاء المصرية، في فتواها حول وجود الرجم في الشريعة الإسلامية.
واستدل العلماء بما يثبت أن الرجم موجود في الإسلام، واقره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب.. فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل، ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف.
ومن الأدلة أيضا ما أخرجه البخاري عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت، قال: لا، يا رسول الله، قال: أنكتها! لا يكني، قال: فعند ذلك أمر برجمه.
وأخرج مسلم عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.