خطاب رسمي يكشف مافيا المشتريات بوزارة الصحة: الوزارة "مطنشة".. والخسائر بالملايين
الأحد، 25 فبراير 2018 08:30 مهناء قنديل
لا يمر أسبوع إلا وتظهر واقعة تؤكد استمرارالقصور والتقصير بوزارة الصحة على المستشفيات، وما يقع داخلها من أخطاء وخطايا طبية، وإدارية، وإنما يمتد إلى جميع قطاعات الوزارة، وإلى الأسلوب الذي يدير به مسؤولوها الملفات المتعلقة بصحة المواطنين، وأيضا بالمال العام، وحقوق دافعي الضرائب.
"صوت الأمة" حصلت على مستندات تكشف تفاصيل مثيرة، حول مخالفات متعلقة بالشركة "القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات"، التي دأبت على مخالفة التزاماتها تجاه تعاقداتها مع الوزارة، المتعلقة بتوريد اللقاحات المطلوبة
وتصر إدارتها في كل مرة على مطالبة الوزارة بترحيل الالتزامات التي لم تفِ بها إلى العام التالي، رغم حصولها على مستحقاتها التعاقدية، بخصوص هذه التوريدات صفقات!
المدهش أنه في كل مرة تطلب فيها الشركة من الوزارة ترحيل التوريدات التي أخلت بها، توافق الوزارة، ويتغاضى مسؤولوها عن تطبيق شروط التعاقد، التي تتضمن شرطا جزائيا، يطبق في حالة الإخلال بالتعاقد، وهو ما يحدث منذ عام 2014 وحتى الآن!
أما الأكثر غرابة فإن اللقاحات التي تفشل الشركة في توريدها للوزارة، وتوافق الوزارة على ترحيلها، تتم المحاسبة عليها في العام التالي وفق أسعار جديدة أكثر ارتفاعا، وهو ما يكبد ميزانية الوزارة الملايين، إذ إنه بدلا من أن تعاقب الوزارة الشركة على تقصيرها، توافق على عدم إتمام كامل التوريدات، وتقبل أيضا أن يتم ترحيل المكية التي لم تفِ بها الشركة إلى العام التالي بأسعار جديدة!
"صوت الأمة" حصلت على خطاب موجه من الوزارة، إلى الدكتورة ألفت غراب رئيس مجلس إدارة الشركة تقول فيه الوزارة: "بالإحاطة لما تم طلبه في الاجتماع مع السيد الوزير، بتاريخ 11/7/2016، بشأن أوامر توريد الطعوم والأمصال للأعوام السابقة، المتعثر توريدها من قبل الشركة، وإيماءً إلى خطاب الوارد في هذا الشأن، نحيط علم سيادتكم بأنه: أولا فيما يخص أمر التوريد الإضافي للعام المالى 2013/2014 الصادر في 12/3/2014 بشأن لقاح (mmr) والمطلوب فيه ترحيل كمية 750 ألف وحدة، لأمر توريد 2015/2016 وإلغاء كمية 975080 وحدة، فلا مانع لدينا من الناحية الفنية".
وأضاف الخطاب: "وفيما يخص أمر التوريد 2014/2015 بشأن لقاح (ثنائي رضع) المطلوب فيه ترحيل 11060 وحدة لأمر التوريد 2015/2016، ومصل (عقرب) المطلوب فيه ترحيل كمية 5496 وحدة لأمر التوريد 2015/2016، ومصل (تيتنانوس 1500) المطلوب فيه إلغاء كمية 500 ألف وحدة فإنه لا مانع لدينا من الناحية الفنية".
وأوضح الخطاب أيضا أنه: "فيما يخص أمر توريد 2015/2016 بشأن لقاح (شلل الأطفال) المطلوب فيه ترحيل كمية 11 مليون وحدة، لأمر التوريد 2015/2016، والغاء كمية 6 ملايين وحدة، ولقاح (الكلب) المطلوب فيه الغاء كمية 7210 وحدة، فإنه لا مانع لدينا فنيا".
وأردف الخطاب بالقول: "ونحن بانتظار سرعة الرد بمواعيد توريد الأصناف المتأخر توريدها فى أمر توريد 2015/2016، حتى تتمكن الشركة من استرداد خطابات الضمان، بقيمة 15 مليون جنيه، الخاصة بأومر توريد أعوام 2013، 2014، 2015، وتوفر سيولة للشركة حتى تتمكن من الالتزام بمتطلباتها".
وانتهى الخطاب الموقع من رئيس قطاع الطب الوقائي، الدكتور عمرو قنديل، دون أن يوضح الإجراءات العقابية، أو الجزائية التي سيتم تطبيقها بحق الشركة، وفقا للتعاقد المبرم، الذي يتضمن شرطا جزائيا، يدفع في حالة التأخير عن الوفاء بالالتزامات.
أما أعجب عجائب تلك القصة، هو أن قطاع الطب الوقائي، ألغى جميع كميات اللقاحات التي لم تفِ بها الشركة، وهو ما يطرح التساؤل عن مدى الاستغناء عنها، فإذا كان من الممكن الاستغناء عن هذه الكميات من الأساس فلماذا تعاقدت الوزارة عليها؟ وإذا كانت الوزارة بحاجة إلى هذه الكميات فكيف ستتصرف بعد إلغاء توريدها من أجل عيون الشركة المتعثرة في أداء واجباتها؟
المثير أيضا أن الوزارة ألغت هذه التوريدات، رغم أن الشركة صرفت بالفعل دفعات مالية متعلقة بها، ولم يتم تسوية تلك المبالغ حتى الآن، رغم أن أحدثها كان في عام 2017، ليبلغ إجمالي قيمة ما تم صرفع في هذا الشأن 8 ملايين و627 ألف و751 جنيها.
هذا بخلاف فروق الأسعار المترتبة على موافقة الوزارة على ترحيل التوريدات الناقصة، وحسابها بالأسعار الجديدة كل عام، وذلك على النحو التالي: "مصل تيتانوس: الكمية التى تم الغائها 500000 بسعر الوحدة 4,25 بإجمالي 2,125,000، الدفعة المقدمة التي حصلت عليها الشركة 531,256 وسعر الشراء الجديد 11,75 جنيها بإجمالي 5,875,000، ويكون الفارق 3,750,000 جنيها، والمبلغ المهدر 4,281,250".
وتشير المستندات إلى أهدار 324,450 جنيها فيما يخص لقاح مصل الكلب، حيث كان سعر التعاقد على الوحدة 28,00 جنيها، بينما سعر الشراء الجديد 66,00.
محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء، أكد أن عدم وجود خطط واضحة، لدى قطاع الطب الوقائي بالوزارة، هو السر وراء حالة التخبط التي تهدر المال العام، وتسمح باستشراء المخالفات.
وشدد على أن مسؤولي الوزارة يهدرون المال العام دون حساب، أو مراقبة، داعيا الأجهزة الرقابية إلى التدخل والكشف عن هذا السيل من المخالفات، ومعاقبة المسؤولين عنها.