فشل أردوغان في عفرين يعمق أزمة الثقة بين تركيا وإيران وروسيا
الأحد، 25 فبراير 2018 10:00 م
دخلت الحرب التركية على مدينة عفرين السورية، يومها السادس والثلاثون، دون أن تحقق هذه العملية أي نجاح يذكر مقارنة بما كان يخطط أردوغان لتحقيقه من ورائها، فمازالت قوات جيشه ومعها مقاتلين محسوبين على الجيش الحر، مازالت تراوح مكانها دون تقدم كبير على الأرض، في ظل مقاومة شديدة من المقاتلين الأكراد. ما كشف بصورة واضحة حجم الاختلافات أوعدم الثقة بين تركيا وكل من روسيا وإيران.
وفي تقرير حديث لـ"المونيتور" أكد أن أهداف تركيا للمرحلة ما بعد معركة عفرين، شكلت مصدر قلق كبير للاعبين الآخرين وخاصة إيران التي التزمت بالنأي بالنفس عن دعم الهجوم التركي، في الوقت الذي تمتنع فيه أيضًا عن دعم وحدات حماية الشعب الكردية في المنطقة.
وفسر التقرير الموقف الإيراني باعتبار طهران ترى أن تدخّل تركيا لن يؤدي إلا إلى تعقيد الوضع المتأزم أصلًا في سوريا، واضعاف مساعي مؤتمر سوتشي للسلام الذي شهد بالفعل انتكاسة كبيرة في اجتماع 28 يناير الماضي في روسيا، عندما قاطعت أغلبية المعارضة السورية المؤتمر.
وأشار التقرير إلى تأكيدات مسؤول إيراني طلب عدم الكشف عن هويته، إلى أن طهران حذّرت أنقرة من الإنجرار الى حرب استنزاف في عفرين. وقال المسؤول لـ "المونيتور": "تعتبر إيران أن المقاتلين الأكراد لديهم خطوط دعم خاصة بهم فيما يرغب العديد من الأطراف في رؤية تركيا تتخبط في مستنقع الحرب. ولذلك، من الأفضل محاولة احتواء هذه المغامرة وإلا فلا أحد يدري ما سيتكبده الجيش التركي من خسائر ".
ويبدو أن طهران مقتنعة بأن المقاتلين الأكراد في عفرين لا يتحركون بمفردهم وأنهم يتلقون مساعدات سخية من جهات مختلفة. ولكن من الواضح أيضًا أن أي إنتكاسة خطيرة لتركيا في عفرين ستؤدي إلى خلق وضعٍ جديدٍ في شمال سوريا، وبالتالي ستنعش آمال الأكراد للمطالبة من جديد بالحكم الذاتي على كيان متماسك على طول الحدود التركية. فضلاً عن ذلك، وفي حال فشلت تركيا في عفرين، فستكثر التوقعات بوجود بصمة أمريكية أقوى في سوريا من شأنها أن تشكل تهديدًا لإيران وحلفائها في حلب القريبة.
ويذهب التقرير إلى أن كل من روسيا وتركيا وإيران، أي الجهات الأساسية في عملية أستانا، تقف على جهات مختلفة في ما يتعلق بمعركة عفرين على الرغم من تقاطع بعض الآراء حول هذا الموضوع، ما قد يؤدي إلى خلل في إطار المسار المشترك بين الأطراف الثلاث خلال الأشهر القليلة الماضية كمحاولة جادة للتوصل إلى حل سلمي للنزاع الدائر في سوريا. وفيما تشن تركيا هجماتها، تحاول روسيا صيانة علاقاتها مع أنقرة مع الحفاظ على علاقات قوية مع الأكراد.
وقال مصدر عسكري قريب من عفرين لـ"المونيتور" طلب عدم ذكر اسمه: "يتقن الروس لعبة التناقضات. فروسيا لا تظهر نفسها على أنها معارضة للجانب التركي، ولكنها في الوقت ذاته لم تتخل عن الأكراد ولم تتركهم وحدهم في هذه المعركة ". وأكّد المصدر أن "الروس ينقلون مقاتلين أكراد من الحسكة والقامشلي إلى عفرين. وبالاضافة الى ذلك، سيكون من المثير للاهتمام معرفة كيف حصل الاكراد على صواريخهم المضادة للدبابات ".
أما الإيرانيون فهم يحاولون التوصل إلى اتفاق بين الأكراد والجيش السوري لضمان انتشار جيش نظام الأسد في المنطقة إلى جانب المقاتلين الأكراد وبعض الجماعات المتحالفة مع إيران. وتتركز الجهود الإيرانية على الخروج من المعركة بأفضل النتائج الممكنة مع الحفاظ على مكانتها كصديق لكل من الأكراد السوريين وتركيا. وفي الوقت ذاته تسعى إيران إلى قطع الطريق على الأطراف الأخرى — أي الولايات المتحدة — التي قد ترغب في الاستثمار في القتال في عفرين لتعزيز موقفها في الأزمة السورية.
وأكد المصدر العسكري لـ"المونيتور" أن بعض المقاتلين العرب السوريين المعروفين بانتمائهم إلى إيران يقاتلون إلى جانب المقاتلين الأكراد الذين يدافعون عن المدينة موضحًا أن هؤلاء المسلحين كانوا مسؤولين عن الحرص على عدم عبور القوات التركية باتجاه مناطق أخرى، وبالتالي تم تسليحهم بقذائف مضادة للدبابات لمنع شن مثل هذه الغارات. تظهر مخاوف جدية على الجانبين السوري والإيراني من محاولة تركيا خلط الأوراق مرة أخرى في شمال سوريا وإعادة الوضع برمته إلى المربع الأول.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الاتفاق، فقد تؤثر مراكز المراقبة بشكل سلبي على تقدم القوات السورية باتجاه إدلب. وبالتالي، لم يتضح بعد كيف ستتعامل كل من إيران وروسيا مع الوضع، وما إذا ستتمكن مناطق خفض التصعيد من الصمود والتغلب على تضارب المصالح الظاهر. ويعطي هذا التحليل فكرة واضحة عن انعدام الثقة في الميدان بين اللاعبين الكبار في الصراع السوري – وعن أثر إنعدام الثقة هذا على الصورة الأكبر في البلد الذي مزقته الحرب.