العائد للمتحف الأمريكى سيصل إلى 352 مليون دولار

بالمخالفة للقانون .. الآثار توافق على سفر 166 قطعة نادرة لتوت عنخ آمون

الأحد، 25 فبراير 2018 02:00 ص
بالمخالفة للقانون .. الآثار توافق على سفر 166 قطعة نادرة لتوت عنخ آمون
توت عنخ آمون
رضا عوض

من يحمى آثار توت عنخ آمون؟ سؤال تردد بقوة داخل المجتمع الأثرى المتابع لقرار الدكتور خالد العنانى، بإرسال 166 قطعة أثرية من آثار توت عنخ آمون فى جولة عالمية، تضم متاحف أمريكا واليابان وانجلترا وكوريا الجنوبية للعرض فى تلك المتاحف.

وسيتضمن خط سير الجولة التى ستبدأ 22 مارس 2018 إلى 30 نوفمبر 2024، مركز كاليفورنيا للعلوم بلوس أنجلوس، ثم قاعة لا فيليت الكبرى بباريس، ثم قاعة ساتشى للفن بمدينة لندن، ثم متحف سمسونيان بمدينة واشنطن، ثم المتحف الأسترالى، ومنها إلى المتحف الوطنى بمدينة سيول، ثم إلى معهد فرانكلين فلاديفيا.

وبعدها يتجه إلى متحف فيلد بشيكاغو، التى سيتجه منها إلى مركز موراى للفنون بمدينة طوكيو، ثم متحف أوساكا للفن بمدينة أوساكا، مقابل 5 ملايين دولار فقط، وهو مبلغ زهيد جدا مقارنة بأهمية القطع الأثرية الأهم فى العالم، والتى تحتوى على 30 % من القطع المسافرة على الآثار الذهبية الخالصة للملك توت عنخ أمون.

 

بدأت مفاوضات إرسال تلك القطع بين وزارة الآثار وبين مسئولى تلك المتاحف، حيث تم انتقاء قطع أثرية بعينها للعرض المتحفى فى 7 دول، ووافق وزير الآثار على مغادرة كنوز توت عنخ آمون مصر لأول مرة فى مارس من العام الحالى لتقوم بجولة تزور فيها أكبر متاحف العالم، بمناسبة مرور 100 عام على اكتشاف مقبرة الملك الفرعونى.
 
المثير فى الأمر أن وزارة الآثار خالفت قانون الآثار، حيث يمنع القانون خروج القطع الأثرية النادرة، وهو ما ورد فى المادة رقم 10 من قانون الآثار والذى أكد على أنه يجوز بقرار من رئيس الجمهورية، عرض بعض الآثار - دون المتفردة والتى تحددها اللجان المختصة - فى الخارج لمدة محددة وكذا تبادل بعض الآثار المنقولة المكررة مع الدول أو المتاحف أو المعاهد العلمية العربية أو الأجنبية.
 
هناك أزمة ثانية وهى أن القطع المسافرة سيتم تسفيرها على طيران «كارجو» وهو ما يمثل خطورة على القطع الأثرية المسافرة، حيث يفترض أنه فى حالة سفر القطع الأثرية لا بد وأن يتم تسفيرها بطرق آمنة.
 
الأكثر غرابة أن هذه القطع الأثرية ضمن المعروضات التى تم الاتفاق على عرضها فى المتحف الكبير والتى تم إنشاء الفاترينات لها بعد أن اتفقت وزارة الآثار مع احدى الشركات العالمية لعمل العرض المتحفى للقطع الأثرية، وهو ما يعنى أن الفتارين الخاصة بهذه القطع ستظل خالية طوال 5 سنوات هى مدة الرحلة التى ستستغرقها رحلة توت عنخ أمون، وهو ما يطرح عددا من الأسئلة لم نجد لها إجابة لعل أهمها ما هى الجدوى الاقتصادية من سفر قطع أثرية نادرة بهذا السعر الزهيد. 
 
من جانبها قالت الهام صلاح رئيسة قطاع المتاحف المصرية بأن القطع الأثرية التى سيتم إرسالها إلى 10 مدن داخل 7 دول أوربية ستحصل منها مصر على 5 ملايين دولار فى 6 أشهر، علاوة على أنه تم الاتفاق مع هذه المتاحف على أن تحصل مصر على 4 دولارات عن كل زائر فى حالة وصول عدد الزوار ما بين 400 ألف إلى 700 ألف زائر، كما حصلت مصر على تأمين لهذه القطع الأثرية وصل إلى 860 مليون دولار.
 
وأضافت مديرة قطاع المتاحف فى تصريحات خاصة لصوت الأمة، أن الكلام عن مخالفة قرار سفر هذه القطع الأثرية إلى الخارج باعتبارها قطعا نادرة، فإن قانون الآثار «فضفاض» وليس لى علاقة بهذا طالما أن هناك قرارا وزاريا صادرا لسفر هذه القطع.
وفى ردها على حظر سفر القطع الأثرية إلى بلدان مهددة بالزلازل والبراكين، قالت الهام صلاح إنه لا توجد مادة تشير إلى ذلك فى قانون الآثار، إلا أنه من المفترض أن نقوم بتأمين المكان المتجهة إليه القطع الأثرية، وفى كل الأحوال «ربنا ستر» فى كل الآثار التى خرجت إلى دول مهددة بالزلازل. 
 
من جانبها قالت الدكتورة مونيكا حنا أستاذة الآثار الفرعونية إنها تطالب بالتحقيق فى أمر معرض الآثار المزمع عرضه بالخارج تحت مسمى «كنوز الفرعون» الصغير والذى بمقتضاه سوف يتم سفر ١٦٦ قطعة أثرية فريدة ترجع للحقبة التاريخية للملك توت عنخ أمون وإن مدة العرض بالخارج حسب بيان وزارة الآثار يمتد قرابة خمس سنوات قابلة للزيادة تنتهى قرابة عام ٢٠٢٤ وأن حصيلة الدخل لهذا المعرض يقترب من الـ 50 مليون دولار إضافة إلى أن القيمة التأمينة لهذه المعروضات تقترب من الـ٦٠٠ مليون دولار وقد جاءت بنود هذا المعرض مجحفة للطرف المصرى تماما ولا ترتقى لقيمه هذه الآثار مقارنة بآثار البلدان الأخرى.
 
وأضافت مونيكا، أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتد إلى وجود مخالفات قانونية فى العقد المبرم مع وزارة الآثار لكل ما جاء من تنظيم المعارض الخارجية لقانون حماية الآثار رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ المعدل بقانون رقم ٣ لسنه ٢٠١٠ وقانون رقم ٦١ لسنة ٢٠١٠، الأمر الذى يترتب عليه وجود مخاطر جسيمة على تلك القطع الأثرية الهامة والمتفردة.
 
وأشارت إلى أن من بين تلك المخالفات أن القانون حدد القطع الأثرية المسافرة بألا تكون قطعا متفردة، وهو ما يعنى ضرورة أن يكون لهذه القطع مثيل لها كشرط للسفر إلى الخارج، على أن تكون هذه المعارض محدده بفترة زمنية مؤقتة ولا يجوز مدها إلا بعد اتخاذ كل الإجراءات السابقة على خروجها.
 
وأكدت بأن المعرض المزمع إقامته مخالف لكل بنود القانون، وأن قطع توت عنخ أمون متفردة ولا يجوز تسفيرها، خاصة أن ٣٠٪ من القطع المسافرة هى من الآثار الذهبية الخالصة للملك توت عنخ أمون، علاوة على أن طول مدة العرض لهذه القطع سيحرم مصر من ملايين الدولارات التى ستأتى من السياح الذين يأتون خصيصا لمشاهدة قطع الملك الشاب، كما سيحرم المتحف المصرى الكبير من وجود هذه القطع رغم أهمية وجودها فى الافتتاح، ونظرا لان دعاية المتحف الكبير قامت على أنه سوف يتم لأول مرة عرض جميع مقتنيات توت عنخ امون.
 
وأضافت مونيكا أن تسفير هذه القطع يشوبه الكثير من الغموض، خاصة أن التعامل والتعاقد يتم مع شركة أمريكية خاصة هو مخالفة صريحة للقانون، لان هذه الشركة هى شركة ملكية خاصة، غير مطروحة فى البورصة الأمريكية، ولا يعرف من هم شركاء جون نورمان الذى كان من قبل مسئول عن حملة ترويج «البرنيطة» للدكتور زاهى حواس التى قيل إنها لأعمال خيرية.
 
ونوهت مونيكا إلى أن شركة المدعو جون نورمان سبق وقامت بعمل معرض سابق يسمى “Quest of Immortality” وفى خلاله تم سرقة قطعة من لعبة السنت الفريدة بالمتحف المصرى، مؤكدة أن هناك معلومة خطيرة تم تسريبها من الخارج وهى أن هناك اتفاقا بإلقاء احد الشخصيات الأثرية الهامة لـ ١٠٠ محاضرة على مدار الـ٧ سنوات تصل قيمتها إلى مليون دولار وليست مدرجة فى العقد المبرم مع وزارة الآثار.
 
أما الأثرى سليم البحطيطى فقد أكد بأنه طبقا للقانون ولعدد من الأحكام القضائية السابقة فإنه يحظر تسفير القطع الأثرية النادرة إلى الخارج مهما كان حجم التأمين عليها لأنها ستكون معرضة للتلف، مشيرا إلى أن قطاع السياحة والآثار فى حاجة إلى أشخاص يفهمون اقتصاد دولة واقتصاديات معارض، لأننا لدينا مجموعة من الأشخاص ليس لهم علاقة باقتصاديات المعارض، والدليل على ذلك ما يحدث فى آثار توت عنخ آمون، ففى الوقت الذى يتحدث فيه وزير الآثار عن 5 ملايين دولار فى السنوات الخمس، نجد أن منظمى المعرض فى أمريكا اعدوا دراسة تم إعلانها بأن العائد الذى سيحصلون عليه من عرض هذه القطع لمدة 10 أشهر هو 352 مليون دولار فى معرض واحد، لنرى الفارق المثير للغرابة بين ما ستجنيه مصر صاحبة الأثر وما ستجنيه الدولة التى ستستضيف الأثر، وهو ما يدفعنى إلى التأكيد على أن هناك شيئا خاطئا يحتم تدخل الأجهزة الرقابية فى مصر لدراسة هذه القرارات التى تصدر لتسفير القطع الأثرية إلى الخارج.
 
أما الأثرى أسامة كرار فقد أكد أن قطع توت عنخ آمون المسافرة إلى الخارج هى قطعة متفردة يصاحبها غموض غريب ومريب فى تصريحات المسئولين، وهو ما يثير الشك فى نفوسنا، وبالتالى فإننا من حقنا كمصريين أن نعرف تفاصيل العقد الذى أخفته وزارة الآثار عن العيون دون سبب معروف، لأن الوزارة ليست وصية على آثارنا المصرية وبالتالى من حقى كمواطن أن اعرف إلى أين تذهب آثارنا المتفردة.
 
وأضاف، هناك تضارب حتى فى فترات عرض تلك القطع، ففى الوقت الذى أعلن فيه الدكتور خالد العنانى أن قطع توت عنخ آمون ستظل بالخارج لمدة 5 سنوات، جاء الدكتور زاهى حواس وأعلن أن القطع ستظل بالخارج لمدة 7 سنوات، فى حين أكدت الهام صلاح رئيسة قطاع المتاحف بأنها ستظل فى الخارج لمدة ستة أشهر فقط، مشيرة إلى أنه كان على الوزارة الاتفاق على تصريح واحد، كما كان عليها تكوين لجنة اقتصادية تدير هذه القطع لتحصل لمصر على اعلى سعر طالما أن النية مبيتة لتسفير القطع للخارج، خاصة أن هناك نموذجا أمامنا لمسئولى متحف اللوفر الذين حصلوا على 45 مليون دولار سنويا من الإمارات مقابل عرض قطع أثرية اقل قيمة من الآثار المصرية.
 
وأشار إلى أن هناك مخالفة أخرى تمثلت فى أن القطع الأثرية لا يجوز تسفيرها «حسبما أكد القانون» فى بلدان معرضة للزلازل والبراكين، وهو ما لم يتم مع قطع توت عنخ آمون الذى سيسافر ضمن جولته إلى عدد من بلدان العالم المعرضة للكوارث الطبيعية وهو ما يهدد الآثار بالتلف أو الدمار. 
 
من ناحية أخرى شنت الحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار، هجوما عنيفا على الدكتور خالد العنانى مؤكدة أن رد وزارة الآثار بشأن معرض « كنوز الفرعون الصغير» زاد الأمر غموضًا، لأنه لم يوضح القيمة المالية للمعرض أو النفع الذى سيعود على مصر من خلال هذا المعرض، كما تعمد إخفاء القيمة التأمينية على تلك المعروضات أو حجم المخاطر المحتملة أن تتعرض له تلك القطع.
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق