الناقد السيد الزرقاني عن رواية "شجرة اللوز": تمثل حالة من التمرد النسائي
الثلاثاء، 20 فبراير 2018 07:52 م
علق الناقد، والكاتب السيد الزرقاني، على رواية"شجرة اللوز"، قائلا: استجمعت قواها.. أرادت أنْ تصرخ وتستغيث، خذلها صوتها وانهمرت دموعها ساخنةً تحرقها، وكل خلية بجسدها ترتجف، ثم رأتها تذهب صوب الباب وفتحته لترحل." من هنا جاءت العتبة الاولي للكاتبة " سماح الجمال " في روايتها الجديدة " شجرة اللوز" الصادرة عن دار النخبة .
أكد أن تلك الرواية تمثل حالة من حالات التمرد النسائي على تلك القيود المجتمعية والأعراف، التي سكنت عقول وشيوخ هذا المجتمع ونظرته الي المرأة في كل الأطوار المتعددة التي يمكن ان تمر بها ، وكانت " أميرة " الشخصية المحورية في تلك الرواية من نوع خاص حيث نجحت الكاتبة في تحريك الشخصية في محور درامي وفلسفي بطريقة خاصة أظهرت براعتها في تدفق الأحداث في ترابط وتداخل دون الإخلال بالبناء الفني في الرواية.
وتابع: بداية الرواية تأخذنا إلى تلك العادات والتقاليد المصرية في تناول درامي وصور حياتية من خلال تلك المفردات التي تتميز تلك الشخصية التي انكبت علي ذاتها ورسمت ملامحها في التفوق الدراسي والعلمي والابتعاد عن فكرة الزواج التقليدي الذي يخلق كيانات تعيسة في سجن ربما يطلق عليه البعض " عش الزوجية " لم تكن أميرة أسيرة تلك الأفكار التي اعتلت عقول وتفكير البنات علي مر العصور ولكن كانت تبحث عن هذا الفارس الذي يبحث عنها أيضا سوف تنتظره لأنه أيضا ينتظرها مهما بلغ بها العمر كانت لها فلسفة خاصة رغم تقدم العمر بها واعتراض الأهل والجيران .
وأشاد النقاد، بالبراعة والقدرة في تناول تلك الشخصية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسيكولوجية وتجلت براعتها في هذا الربط المباشر والغر مباشر من شخصيات الرواية الرئيسية او الثانوية الا انها حافظت علي تلك المسافة من الاختلافات الثقافية والاجتماعية بين كل منهما وكيفية تناول فكرة العلاقة مع الرجل في الإطار المجتمعي العربي او حتى الغربي وما ينتج عنه من أوجاع ولذالك كانت فكرة الوجع الجسدي او النفسي هو العمود الفقري لهذا العمل الأدبي من خلال تناول تلك الاطارحات الفلسفية التي نتجت عن ثقافات مختلفة سكنت باطن كل شخصية من شخصيات الرواية ،والكاتبة اعتمد علي العبارات المنطقية الغير منطقية في تحريك الشخصيات على مسرح الحدث في ظل الإطار المجتمعي المحيط بها ومن خلال المنظور الثقافي حيث التأثير النفسي والمعنوي علي كل منهن .
وقال" الزرقاني": كانت الكاتبة بارعة في تناول البناء الدرامي تصاعديا من خلال ظهور الشخصيات بشكل متتالي لتكتمل الأحداث في مشكل مشاهد درامية متتابعة لتضع القارئ في دائرة الحدث ليتعايش معه فكريا ربما يتعاطف مع البعض من الشخصيات او ربما ينفر من بعض التصرفات في إطار تلك الثقافات الشرقية التي أحاطت المرأة بسياج من القيود الاجتماعية مخلفة ورائها المزيد من الأوجاع التي تناولتها الكاتبة ببراعة من خلال أسلوب سردي بسيط متناغم مع تطور الأحداث ،ولعل اهم محور في تلك الرواية هو محور الانهزامية ربما كان هذا المحور هو أهم المحاور في تلك الرواية حيث يدي منذ الوهلة الأولي ان كل شخصيات الرواية بلا استثناء هي شخصيات انهزامية سحقت تحت ستائر الوجع والهزيمة سواء كانت معلنه تلك الهزيمة او غير معلنة .
وأضاف أن كانت تلك الهزيمة الداخلية او الخارجية هي اللاعب الأساسي في تنامي الحدث فنجد " أميرة" البطلة هلي ضحية تلك الهزائم المتتالية اجتماعيا وعلميا ونفسيا هزمت في امر الزواج واستسلمت إلي تلك الهزيمة لتصرخ في صمت فنجدها قائلة في ص41 (لم أوافق والزواج شرطه القبول ، إذا فعلاقتي بهذا الرجل غير شرعية ولكن المجتمع موافق ، وما حدث في تلك الليلة اعتداء علي إنسانيتي وكرامتي وجسدي ، لم يعد جسد ي لي وحدي لم اعد أتحكم فيه أصبح يقاسمني فيه رجل غريب عني لا تربطني به سوي ورقة ) وهنا نجد أن الكاتبة كانت صريحة في إيقاع الانهزامية الحياتية علي الرجال والنساء علي السواء حتى " دلال " لم تسلم من ذالك عندما عادت ابنتها " ماجي " تحمل طفلا بلا أب مما وضعها في دائرة الخزي والعار رغم تباين الموقف بين " ماجي " ودلال " الا أن الكاتبة كانت حريصة علي ترك تلك المساحة للحزن لدي السيدة التي عاشت ترسم السعادة او تختلق السعادة للآخرين من خلال تلك العلاقات الإنسانية مع الجميع مهما اختلف ثقافتهم ،"سلوى " عاشت هي الاخري حياة انهزامية منذ اللحظة الأولي لها من الزواج في ص48 (نسيت إني امرأة ،ولم اعد املك مشاعر او أي رغبة ، حتي حلم الأمومة انتهي حلمها عندي .
واستطرد :"تحجر بداخلي الاشتياق أصبحت جامدة صماء لا شيء قادر أن يخترق مشاعري ،ماتت رغباتي واحتياجي كا مرآة فانا زوجة مع وقف التنفيذ )، ولم تقتصر الانهزامية علي العنصر النسائي فقط في تلك الرواية بل امتد أيضا الي الرجال حيث وجدنا شخصية " خالد " أن وافق علي العيش منهزما مع زوجة لا تحبه وصرحت له عن كل مشاعرها الباردة نحوه وفضل بقاء هذا الإطار الاجتماعي المسمي "زواج " وكذالك "اشرف" الذي يعرف انه غير مؤهل للزواج ولكنه وافق وطلب من زوجته ان تعيش حياتها كيفما ترغب دون تدخل منه لأنه شاذ في علاقته بأصدقائه ،حتي البطل الذي فتنت به " أميرة" وأحبته حبا أفلاطوني خيالي ووهبت له كل ألوان المتعة هو أيضا شخصية انهزامية قبل العيش حياة عبثية منهزما رافضا التحرر منها والزواج بحبيبته التي تمنته ووهبت له حياتها وعرضت عليه الطلاق والزواج الشرعي الا انه أعلن عن انهزامه داخليا رافضا عرضها وفضل البقاء تحت قيد الهزيمة المعنوية".