عندما يتحول بعض الأطباء إلى تجار مرضى

السبت، 17 فبراير 2018 03:17 م
عندما يتحول بعض الأطباء إلى تجار مرضى
عبدالفتاح على يكتب:

لم يتمكن الشاب من الحصول على قسط طبيعى من النوم، فقد كان التنفس يحدث بصعوبة بالغة، ذهب إلى استشارى فى مستشفى «تحت الإشراف» لاتهامات تتعلق بالأخونة.
وبعد الفحص، قال انت عندك اشتباه فى جلطة، ولا بد من عمل الأشعة والتحاليل اللازمة (تكلفتها3400جنيه)، وأنصحك بهذه المراكز لأن الدقة مهمة جدا، ثم ارسلها لى فورا على الواتس آب ولا تنتظر التقرير.
 
ولما أرسلت النتيجة، طلب الطبيب من الشاب الذى لم يبلغ من العمر 27 سنة أن يتوجه فورا إلى المستشفى لأن حالته تستدعى احتجازه فى الرعاية المركزة فورا.
 
مر يوم كأنه دهر، لم يتوقف الشاب فيه عن قراءة القرآن، وطلب رؤية أهله قبل أن يموت.
 
فى صباح اليوم التالى تم نقل الشاب من الرعاية إلى غرفة خاصة وبعد أن بلغت التكلفة نحو 12 ألف جنيه، التى باتت ديونا عليه، لا يعرف كيف ستسددها زوجته وطفلاه الصغيران من بعده.
 
مرت الأيام الثلاثة، وفى كل يوم يطمئنه الطبيب بأن الجلطات الثلاث فى طريقها للذوبان، وأن النزيف الذى بدأ يتكرر من أنفه «عرض جانبى» للأدوية المذيبة للجلطة.
 
فى اليوم الرابع، ذهبت الزوجة إلى مركز الاشعة، كى تحصل على التقرير الذى طلب الطبيب عدم انتظار خروجه، وهناك سألت اخصائى الأشعة بالمركز: أين الجلطات بالضبط؟، فنظر إليها متعجبا، جلطات إيه، ما فيش جلطات أصلا، دى شوية التهابات، الدكتور بتاعك ح يشرح لك أسباب الالتهابات وطريقة علاجها.
 
عادت مسرعة إلى المستشفى وأخبرت زوجها بما قاله أخصائى الأشعة، فنهرها بشدة، كيف تصدق فنى أشعة، وتكذب الطبيب الاستشارى المتخصص فى الصدرية، فى مدينة أكتوبر، ورغم غضبه، إلا أن الشك بدأ يتسرب إلى قلبه الذى ظن أنه سيتوقف فى أى لحظة.
 
مساء نفس اليوم طلب منه شقيقه أن يخرج للتمشية معه بناء على نصيحة الطبيب، وبالفعل خرج من الغرفة ثم من المستشفى، وما أن اقتربا من السيارة طلب منه أن يركب ليذهبا إلى مشوار صغير جدا.
 
كان المشوار عبارة عن كمين للذهاب إلى عيادة طبيب قلب شهير، وما أن كشف عليه ونظر إلى الاشعة والتحاليل، فقال له قوم اجرى وعيش حياتك أنت عندك شوية التهابات علشان الزفت اللى بتشربه (يقصد السجائر).
 
ومن طبيب القلب إلى طبيب صدرية شهير جدا فى مصر الجديدة، كان التشخيص تقريبا واحد، ثم طبيب مخ وأعصاب فى الدقى، ثم طبيب مناعة فى المهندسين، ثم طبيب باطنة فى وسط البلد، ومن مستشفى إلى آخر، تعددت المستشفيات والتشخيص واحد.
 
الغريب أن طبيب القلب الشهير سأل عن اسم الطبيب المعالج، وما أن بلغه الاسم حتى تغيرت ملامح وجهه وقال: ليه كدا، إيه اللى بيحصل للناس الكويسة.
 
الشاب باتت صحته أفضل ما إن أوقف التدخين وأخذ علاج الالتهابات، وبعد أن بلغت فاتورة «المتاجرة بالمرضى» 22 ألف جنيه، سيظل الشاب يسددها لفترة طويلة من عمره.
 
فى مصر يتخرج نحو 10 آلاف طالب من 24 كلية للطب البشرى، أغلبهم – مع حسن الظن- يبدأون عملهم وهم يأملون فى أن يتمكنوا من تحقيق رسالة سامية، لا تقل عن رسالة المعلم.
 
وفى الطريق يبدأ بعض الأطباء فى التساقط تحت ضربات الحياة الموجعة، وتختفى رويدا رويدا كلمات قسم التخرج التى نصها «أقسم بالله العظيم أن أراقب الله فى مهنتى. وأن أصون حياة الإنسان فى كافة أدوارها، فى كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعى فى استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق