رئيس جمعية المشروعات الصغيرة بالقاهرة الجديدة: المستثمر ينظر لمجمعات وزارة الصناعة بمنطق "يا مربى فى غير ولدك يا بانى فى غير ملكك"
الخميس، 15 فبراير 2018 03:00 صمدحت عادل
الفكرة جاءت بمحض العشوائية قبل انتخابات الرئاسة عام 2005، عندما اقترح وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان تخصيص قطع أراضى 300 متر وتخصصها لمحدودى الدخل، ورغم عدم اكتمال المشروع كما كان مخطط له تحولت هذه المنطقة الآن إلى أراضى صناعية تحتوى على ما لا يقل عن 900 مصنع صغير ومتوسط يعمل فى قطاعات مختلفة وهى أول منطقة صناعية تخصص لهذا الغرض.
هذه المنطقة أصبحت الآن تحتوى على عدة تجارب ناجحة وأخرى تعانى وتحتاج إلى دعم وتوجيه من الدولة لتصبح منطقة مؤهلة للصناعات المغذية فى مصر، وهو ما يتناوله هشام كمال رئيس جمعية المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى حواره مع "صوت الأمة".
وطالب هشام كمال رئيس جمعية مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الرئيس عبد الفتاح السيسي باستحداث وزارة جديدة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، لأن هذه الصناعات قادرة على تحقيق نقلة نوعية كفيلة بتغير مسار الاقتصاد المصرى.
وقال هشام كمال فى تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة"، إن وزارة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر سيكون دورها إعادة الثقة بين أجهزة الدولة والاقتصاد غير الرسمى، من خلال حزمة حوافز تشجع هؤلاء المستثمرين الصغار على العمل تحت عباءة الدولة، من بينها إعفاءات ضريبية وتسهيلات تمويلية، خاصة أن هذه الفئة لديها رغبة فى العمل ولكن ينقصها الشعور بالأمان بالعمل تحت مظلة الدولة.
وأكد هشام كمال، أن المستفيد الوحيد من بقاء الاقتصاد غير الرسمي فى وضعه الحالى هو الموظف المتستر على هذا النشاط المنتشر فى عدة مناطق معروفة، من بينها باسوس وميت نما وغيرها من المناطق، لأنه يستفيد ماديا مقابل عدم المساس بالنشاط الصناعى فى تلك المناطق، وفى المقابل الدولة هى الخاسر الأكبر من تنامى هذا القطاع المستمر دون تحقيق أى عائد اقتصادى على خزانة الدولة سواء فى الضرائب أو التأمينات، علما بأن ضم اقتصاد هذا القطاع سيضم هامش كبير من أمواله داخل البنوك المصرية.
ويرى هشام كمال، أن منطقة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالقاهرة الجديدة، لديها الفرصة لتلعب دورا كبيرا فى تغيير مسار الاقتصاد المصرى فى الفترة المقبلة، ففكرة إنشاء مصانع على مساحة 300 هى تجربة مطبقة فى ماليزيا وألمانيا بشكل ناجح، ولكن فى مصر تحتاج هذه المنطقة إلى مزيدا من التعاون والتنسيق من أجل الانتقال إلى مرحلة التكامل الصناعى بين المشروعات الكبرى والمشروعات متناهية الصغر، وهو ما يمكن أن يتحقق عن طريق حث وتشجيع الشركات الصناعية الكبرى فى مصر والتى تستورد مكوناتها من الخارج للبحث عن مصنع مصرى ومنح هذه المصانع فرصة عامين إما للبحث عن مصنع مكون مصرى بجودة تحت إشرافه أو بتبني مصانع قادرة على تصنيع حلقات استيرادية، وبذلك يتحقق حلم تعميق الصناعات المصرية.
وأوضح هشام كمال، أن المشروعات الصغيرة تفتقد الرؤية والتوجيه فى نفس الوقت، ويجب على كل من وزارة التجارة والصناعة وهيئة التنمية الصناعية أن تبذل مزيدا من الجهد فى هذا الإطار، علما بأن هيئة التنمية الصناعية من المفترض أن يتجاوز دورها توفير التراخيص إلى توفير فرص التكامل فى الخريطة الصناعية فى مصر، لتحقيق تكامل صناعي كفء.
وأكد هشام كمال، أن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى لتوفير تمويل 5% للمشروعات الصغيرة كانت خطوة جريئة، ولكن الضوابط التى وضعها البنك المركزى تحول دون توسيع قاعدة المستفيدين من هذه المبادرة حتى الآن، ولذلك اقتصر المنتفع من هذه المبادرة على الشركات الكبرى التى أسست شركات صغيرة تابعة لها من أجل الحصول على التمويل بتكلفة بسيطة، أما المستثمر المبتدئ لا يمكنه الحصول على التمويل اللازم له بما يتجاوز 250 ألف جنيه فقط وهى غير كافية حتى لشراء ماكينة إنتاج بسيطة بعد تحرير سعر الصرف، أما إذا أراد الحصول على تمويل أكبر لشراء المواد الخام وخطوط إنتاج فإن البنك يشترط عليه أولا الحصول على رخصة تشغيل وإصدار سجل صناعى من هيئة التنمية الصناعية، في حين تشترط هيئة التنمية الصناعية أن يكون هناك ماكينات ومواد خام أولا لإصدار السجل ورخصة التشغيل، وهو ما يترتب عليه توقف المستثمر عن العمل من الأساس.
وانتقد هشام كمال، توجه وزارة التجارة والصناعة التوسع فى المجمعات الصناعية فى المحافظات، نظرا لارتفاع التكلفة على صغار المستثمرين، وإن كانت هذه المجمعات توفر تراخيص التشغيل للقضاء على البيروقراطية، مشيرا إلى أن هذه المجمعات تمنح حق انتفاع 65 عاما لأصحابها ولا تمنحهم حق التملك، وهو ما يفسر عدم إقبال المستثمرين عليها حتى الآن، ورغبتهم فى عدم اكتمال مشروعاتهم فى بعض المجمعات الصناعية القائمة من بينها مجمع بورسعيد وميرغم بالإسكندرية ومدينة السادات بمحافظة المنوفية، ولكن من الأفضل فتح باب التملك حتى يشعروا بالأمان، كما أن الدستور الحالى لا يمنع المصريين من تملك الأراضى، علما بأن المستثمر فى مصر ينظر إلى هذه المجمعات بمنطق المثل القائل " يا مربى فى غير ولدك يا بانى فى غير ملكك"، فمهما اجتهد وحقق نجاحا فى عمله يعلم أنه يبنى مشروعا لا يملك أرضه، لذلك من الأفضل منح الحرية للمستثمرين بالبناء ومنحهم الترخيص المطلوب بدون تعقيدات، ووضع قواعد وضوابط تضمن التزام المستثمر الصغير بالعمل وعدم المتاجرة بالأرض.
ودعا رئيس جمعية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى تحقيق تكامل بين الجامعات المصرية فى كافة تخصصاتها التى تخدم الصناعة والمصانع الصغيرة والمتوسطة، من خلال مراكز الأبحاث بالجامعات حسب كل تخصص، بحيث نفتح المجال أمام خروج تقنيات مصرية فى الصناعة أسوة بتجارب الدول النامية الأخرى صاحبة التجارب الناجحة.