أبوالحسن الشاذلى كلمة السر..
على جمعة من مفتى مصر إلى شيخ طريقة صوفية
الأربعاء، 14 فبراير 2018 05:00 مكتب - عنتر عبداللطيف
400 ألف مريد انضموا إلى «الشاذلية الأحمدية»
هل يسير الشيخ على جمعة على، مفتى الديار المصرية السابق، على طريق أستاذه الشيخ محمد زكى مبارك شيخ الطريقة الأحمدية الشاذلية بعد أن قرر «جمعة» إشهار طريقة صوفية جديدة تحمل اسم «الشاذلية العلية الأحمدية»؟ وهى الطريقة التى وصل عدد أتباعها إلى ٣٠٠ ألف مريد داخل مصر، و١٠٠ ألف مريد خارجها وسيكون مقرها بمسجد «فاضل» الذى أنشأه «جمعة» فى 6 أكتوبر، لتبارك المشيخة العامة للطرق الصوفية وتعلن اعترافها بالطريقة الصوفية الجديدة بالإجماع.
هل هناك رابط يجمع حركة «خدمة» الصوفية التركية، التى يترأسها المعارض التركى فتح الله كولن وطريقة الشيخ « جمعة» الجديدة؟ خاصة أن الأخير هو رئيس مجلس إدارة مدارس «صلاح الدين» فى مصر، وهى المدارس التابعة لحركة «خدمة» التركية، فمن المعروف أن العلاقة بين الرجلين- كولن وجمعة- ممتدة منذ وقت طويل ويجمعهما المنهج الصوفى فى مواجهة السلفية.
الطريقة الأحمدية الشاذلية التى كان يترأسها الشيخ محمد زكى إبراهيم رفعت راية الإصلاح الصوفى ليؤسس «الشيخ زكى» طريقته رسميا فى ١٩٧٦، ويعتمدها الرئيس السادات عام ١٩٧٨ وينظم الشيخ الراحل مئات الندوات وجلسات الدرس التى ترأسها أزهريون منضمون إلى الطريقة كما جرى افتتاح مركز للدراسات الصوفية بهدف تنقيتها (الصوفية) مما دخل عليها من أمور غريبة.
يقول الشيخ على جمعة عن التصوف إنه جاء «لحماية مرتبة الإحسان، وأن يعلمنا كيف نصل إليها، وأنه مُقيدٌ بالكتاب والسنة، ولذلك فأى شىء يُخالف الشريعة الغراء على ما فهمه العلماء العاملون فإنه يكون مردودًا»، قال الجنيد سيد الطائفة: «طريقنا هذا مقيدٌ بالكتاب والسنة، ونحن نعمل على الكتاب والسنة تحدث لنا أشياء، بعضها أسماه بالأحوال، وبعضها يسمى بالمقامات، وبعضها تسمى بانكشاف الأسرار، وبعضها تسمى بتنزُّل الأنوار، وبعضها تسمى بمكاشفة القلوب، وهكذا، عندما تقيَّدتُ بالكتاب والسنة حدث لى هذا فى العمل، ونحنُ مأمورون أن نخْلِصَ النية لله، ولذلك قالوا لنا أهل ذلك الطريق: إن ملتفتًا لا يصل، وإنه لا ينبغى عليك أن تلتفتَ إلى الأنوار ولا إلى الأسرار ولا إلى المكاشفات ولا إلى غير ذلك من اللوافت التى تلفتك عن الله، فإن الله مقصود الكل، ويجب عليك أن تخلى قلبك من كل قبيح وأن تحليه بكل صحيح حتى يتم التجلى والوصول إلى الرب المعبود سبحانه وتعالى، لما حدث هذا دخل الشيطان فى أثناء التجربة البشرية، فقام علم التصوف يحمى العابدين من دخول الشيطان ودسائسه ومحاولاته للتخليط والتلبيسِ وجَعل مع العابد مِفتاحًا يستطيع به أن يفتح الخزائن، ومعيارًا ومقياسًا كالمتر يستطيع به أن يقيس الأمور، وأن يعرف الصالح من الطالح، وما الذى يؤدى به إلى الانحراف عن الطريق؟ وما الذى يؤدى به إلى السعى فى ذلك الطريق ولذلك فإن العبادةَ على غيرِ علمِ التصوف تكونُ فى خطر، لأنك تحرمه من أن يدرك هذه الأداة التى يستطيعُ بها أن يستمرَّ على الكتاب والسنة».
الشيخ « زكى» كان قد ضم لقب «المحمدية» إلى اسمها لتأكيد تعلق الطريقة وارتباطها بالسلف الصالح، كما أسس الشيخ زكى معهداً لإعداد الدعاة فى الستينيات، ما دعا الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لأن يهديه وسام الرواد الأوائل ونوط التكريم وهو الشىء ذاته الذى فعله جمعة بضم لقب « المحمدية» إلى طريقته.
تنتسب عائلة شيخ الطريقة الأحمدية الشاذلية إلى الإمام أبوالحسن الشاذلى والذى عنه يقول الشيخ جمعة «سيدى أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه -591- 656هـ- شيخ الطريقة الشاذلية، وأصلُ مددها، وعنصر مشربها، وقطب دائرتها الذى تدور عليه، وهو السيد الأَجَلُّ الكبير سيدنا وسَندُنا ومولانا القطب الربانى العارف الوارث المحقق بالعلم الصَّمدانى، صاحبُ الإشارات العلية، والحقائق القدسية، والأنوار المحمدية، والأسرار الربانية، والمنازلات العرشية، الحامل فى زمانه لواء العارفين» إلى أن يصل «جمعة» إلى قوله الأستاذُ الواصل المرّبى الكامل أبو الحسن سيدى عليٌّ الشاذلى الحسنى بن عبدالله بن عبدالجبار بن تميم بن هرمز بن حاتم بن قصى بن يوسف بن يوشع بن ورد بن بطال بن على بن أحمد بن محمد بن عيسى بن إدريس المُبايع له ببلاد المغرب ابن عبدالله بن الحسن المثنى ابن سيد شباب أهل الجنة وسبط خير البرية أبى محمد الحسن بن أمير المؤمنين سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه ومولاتنا فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان الشيخ «زكى» قد شارك أيضا بدور بارز فى رفع معنويات الجنود المصريين بزياراته إلى الجبهة بعد نكسة يونيو، بصحبة الشيخ حافظ سلامة والشيخ محمد الغزالى وعدد من العلماء وهو الموقف نفسه الذى كرره الشيخ على جمعة قبل فض اعتصام رابعة الإرهابى.
الطريقة الأحمدية الشاذلية كانت تضم مشاهير السياسة بين مريديها من قبيل اللواء زكى بدر، وزير الداخلية الراحل، والدكتور إبراهيم الدسوقى مرعى، وزير الرى الأسبق سعد الدين الشريف، كبير الياوران فى عهد عبدالناصر، واللواء جمال الدين حسين، نائب رئيس الجمهورية فى عهد السادات، والدكتور حمدى مراد، ومستشار العاهل الأردنى الملك حسين للشئون الدينية، ومحمد مختار الناصرى، سفير المغرب فى جامعة الدول العربية وغيرهم كثيرين وبالطبع من المتوقع أن تشهد طريقة الشيخ على جمعة الجديدة انضمام مشاهير فى الفن والسياسة والرياضة إليها نظرا لمكانة «جمعة» الدينية وتخرجه من ذات البيت الصوفى منذ زمن بعيد وهو البيت الذى ينتمى إليه بالفعل مئات المشاهير فى مجالات شتى».
الواضح أن التقارب الروحى بين جمعة وأستاذة زكى إبراهيم أقوى من علاقته بفتح الله جولن وأن كانت علاقته قوية أيضا بالأخير ففضلا عن ترأس الشيخ «جمعة» لمجلس إدارة مدارس صلاح الدين التابعة لحركة خدمة التركية التى اسسها فتح الله جولن فإن هناك صداقة قوية تجمع الرجلين - جمعة وكولن- إلا أنه من الواضح أن «جمعة» يتخذ من الإمام أبوالحسن الشاذلى شيخا له فى حين تتبع حركة خدمة طريقة الشيخ «بديع الزمان سعيد النورسى» حيث يؤيد أعضاء حركة خدمة الحوار والتسامح بين الحضارات والأديان لذلك زار كولن الفاتيكان فى 1998 والتقى البابا يوحنا بولس الثانى.
عقب تعرض الشيخ على جمعة إلى محاولة الاغتيال الشهيرة التى وقفت خلفها الجماعة الإرهابية أرسل فتح الله كولن رسالة مواساة إليه قائلا فيها: «ببالغ الألم والحزن تلقيت نبأ تعرّض الصديق العزيز، والأخ الوفى، والعالم الكبير، مفتى الديار المصرية السابق العلامة الشيخ على جمعة لمحاولة اغتيال قذرة أثناء خروجه لأداء صلاة الجمعة. وإنها لجريمة نكراء أدينها من صميم قلبى، وأعزى نفسى بخروج فضيلته من تلك المحاولة المشئومة بتمام الصحة وكمال العافية» متابعا فى رسالته: «سبق أن أكدت مرارا أن العنف لا يمكن أن يكون حلا لأى إشكال، وأدنت جميع أنواع العنف والإرهاب بشدة، وأعلنت عند كل عملية إرهابية تستهدف أمن المجتمعات -سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية- أن “المسلم الحقيقى لا يمكن أن يكون إرهابيا، وأن الإرهابى لا يمكن أن يكون مسلما، وإن كل محاولة اغتيال مادى أو معنوى تستهدف فضيلة العلامة الشيخ على جمعة وأمثاله من أهل العلم والحكمة والرشد إنما تستهدف الإسلام ذاته، وتطعن الأمة الإسلامية فى قلبها، نستكرها وندين مرتكبيها بشدة. نحمد الله تعالى على سلامة فضيلته ونسأله تعالى أن يحفظه ويحفظ مصر الغالية من شر الأشرار وكيد الكائدين، ويديم عليها نعمة الأمن والسعادة والهناء».