الوزارة اشترت 850 ألف وحدة من لقاح الكلب «رابيز» بـ 66 جنيهًا للوحدة من «المصل واللقاح» رغم استيراده بسعر 24 جنيها

بالمستندات.. «الصحة» تمنح «المصل واللقاح» 35 مليون جنيه «بدل انتقال» لقاحات من مخزن المستورِد إلى مخازن الوزارة!

الإثنين، 12 فبراير 2018 03:07 م
بالمستندات.. «الصحة» تمنح «المصل واللقاح» 35 مليون جنيه «بدل انتقال» لقاحات من مخزن المستورِد إلى مخازن الوزارة!
أحمد عماد وزير الصحة
إبراهيم الديب

إهدار المال العام أصبح هواية لدى بعض المسئولين فى الحكومة الذين يعتبرون أنفسهم فوق المساءلة، وهو ما تجلى بوضوح فى قضية إهدار 100 مليون جنيه فى وزارة الصحة. 


الحكاية بدأت بحصولنا على مستندات تثبت تواطؤ وزارة الصحة فى تربيح شركة فاكسيرا «المصل واللقاح» دون وجه حق، حيث أن الشركة مسئولة عن توريد عقار «رابيز» الخاص بلقاح الكلب لوزارة الصحة وتقوم بتوريد مليون و300 ألف وحدة سنويا قابلة للزيادة.
وحسب المستندات التى حصلنا عليها تورد فاكسيرا للوزارة الجرعة بسعر 28 جنيها للوحدة، بينما هى تشترى الوحدة بـ 24 جنيها، أى أنها تربح 4 جنيهات فى كل وحدة عقار تبيعه للوزارة، بما يعادل 6 ملايين جنيه سنويا.


رئيس الشركة المستوردة يحتج: بأى حق تحصل شركة على ربح 200% لمجرد التوصيل؟! ولمصلحة من يحدث هذا التلاعب؟!

 

 

هذا الأمر تم فى مناقصات أعوام «2013 و2014 و2015» وبحسب المستندات التى حصلنا على نسخة منها، أعادت «الصحة» بعد تعويم الجنيه المصرى وارتفاع سعر الدولار، تقييم المناقصات الجديدة من احتياجات الأدوية والعقاقير المختلفة، لسد العجز وحددت سعر الشراء للعقار  «رابيز»  بـ66 جنيها للوحدة، على أن تورده «المصل واللقاح» «فاكسيرا» بهذا السعر، فى حين تحصل عليه من شركة تكنوفارما الشركة المستورِدة للعقار من الصين بـ 56جنيها للوحدة بربح 10جنيهات عن كل وحدة، ورغم أن عقود التوريد الخاصة باستيراد العقار أو شرائه موجودة نسخة منها فى وزارة الصحة. 
 
الغريب والعجيب والمريب، أنه وبعد زيادة الأسعار لـ66جنيها بدلا من 28جنيها حصلت «صوت الأمة» على مستندات تثبت أن المصل واللقاح حصلت على «رابيز» بـ 24 جنيها للوحدة وليس 56جنيها كما أشارت فى شروط المناقصة «الجديدة»، ورغم علم الوزارة بهذا إلا أنها لم تخفض الممارسة إلى 28 جنيها، بل ربّحت المصل واللقاح 100 مليون جنيه من المال العام دون وجه حق.
 
عقد التوريد الخاص بالمناقصة الذى وقعه اللواء طبيب ممدوح محمد منصور البهنساوى، بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات، والذى حصلت «صوت الأمة» على نسخة منه، ينص على توصية بقبول السعر المقدم من الشركة القابضة للمستحضرات واللقاحات بمبلغ 199 مليونا و92ألفا و500 جنيه وذُيلت الموافقة بتاريخ 12 فبراير2017 بعد انعقاد لجنة التعاقد فى 9 فبراير 2017.
 
وفى البند الثانى من العقد التوريد المؤرخ بتاريخ 17 فبراير 2017، والذى شمل أمصالا عدة مثل «شلل الأطفال ثنائى التكافؤ، ولقاح حمى صفراء، يلتزم الطرف الثانى (المصل واللقاح) بتوريد 850 ألف جرعة من لقاح الكلب (الذى تنتجه الشركة الصينية « Changchun changsheng life) بتكلفة 66 جنيها للجرعة الواحدة عن العام المالى 2016/2017. 
 
كان من الممكن أن يمر الموضوع مرور الكرام، تحت ذريعة أن سعر صرف الدولار قد تغير، ما أدى إلى إرباك الشركات والهيئات والوزارات خاصة تلك التى تستورد احتياجاتها من الخارج.
 
لكن الخطابات المتبادلة بين الشركات المستوردة والموردة ووزارة الصحة كشفت الملعوب، وفضحت التآمر، وأظهرت جليًا حجم التلاعب بأموال الدولة دون وازع من ضمير.
 
ففى خطاب طويل، كتبه مدحت شعراوى، رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة تكنو فارما للاستثمار والتنمية المحبوس على ذمة اتهامات خطيرة بالفساد موجه لمستشار وزير الصحة تامر عبدالكريم، يوضح فيه موقف شركته ووضع شركة المصل واللقاح، على خلفية خلاف شديد حول تنفيذ بنود المناقصة، وأمور تتعلق بالكميات وطلبات التعليق.

وجاء فى الخطاب الآتى: 
« ورغم حصولنا على مذكرة من شركة تكنو فارما الموردة لعقار لقاح الكلب، موجهة إلى المستشار تامر عبدالكريم، المستشار القانونى لوزير الصحة والسكان، والتى مفادها التالى، أنه بالإشارة إلى كتاب سيادتكم المؤرخ فى ١١فبراير ٢٠١٧ بطلب موافاتكم بموقف العملية السابق التعاقد عليها مع فاكسيرا.
 
وقالت الشركة فى خطابها إن أسعار التوريد فى السنوات السابقة للمناقصة كانت كالتالى أخذًا فى الاعتبار التسلسل الزمنى: 

أنه فى 24/11/2014
كان أمر التوريد رقم «١٨٧» بكمية «»١.٣٠٠.٠٠٠ جرعة «رابيز» لقاح الكلب بسعر الجرعة ٢١.٥ (متضمن كمية ٢١٢.٥٠٠ توريدها عند الاحتياج) للعام المالى. 

وفى ٢٥/٦/٢٠١٥
تم توريد كامل الكمية المطلوبة طبقًا للمواعيد بأمر التوريد دون كمية ٢١٢.٥٠٠ حسب لم تطلب فاكسيرا توريدها.

وكذلك فى ١٢/١١/٢٠١٥
تم إخطارنا بالترسية علينا بتوريدات العام المالى الجديد ٢٠١٥/٢٠١٦ بسعر ٢٤.٠٨ لكمية ١.٣٠٠.٠٠٠ جرعة.

وفى ٢٩/١٢/٢٠١٥
ورد خطاب من فاكسيرا بطلب الكمية المتبقية من أمر التوريد رقم ١٨٧ وقدرها ٢١٢.٥٠٠ بسعر ٢١.٥ جنيه وذلك بعد الترسية للعام الجديد ٢٠١٥/٢٠١٦ بسعر ٢٤.٠٨.
 
وأمر توريد رقم 253 بالتعلية على أمر التوريد رقم 187 للعام المالى السابق 2014/2015 بكمية 325000 جرعة بسعر 21.5 (25%) وذلك بعد الترسية لمناقصة العام المالى 2015/2016 علينا.
 
وكذلك صدور أمر التوريد رقم ٢٥٤ بكمية ١.٣٠٠.٠٠٠ بسعر ٢٤.٠٨ للعام المالى الجديد ٢٠١٥/٢٠١٦ متضمن كمية (٥٣٧.٥٠٠ جرعة عند الاحتياج - وهى ذات الكمية التى تم أخذها جبرًا منا.

وفى 4/1/2016
صدر منا خطاب اعتراض من شركتنا على طلب الكمية المتبقية وأمر التوريد رقم ٢٥٣ بتاريخ ٢٩/١٢/٢٠١٥ مع حفظ حقنا فى فروق الأسعار لانتهاء العام المالى قبل الطلب أو التعلية إضافة للترسية للعام الجديد ٢٠١٥/٢٠١٦ عليه قفل الطلب.
 
هذا وقد تضمنت كراسة الشروط والمواصفات أن الكميات وأوامر توريد الوزارة للعام المالى بشأنها هى التى سيصدر بها أمر التوريد، ولم تقم وزارة الصحة بالتعلية أو طلب كميات إضافية سوى ما تم توريده فى مواعيده (الأمر الذى يتضح معه أن خطاب فاكسيرا بطلب الكميات المتبقية للعام المالى ٢٠١٤/٢٠١٥ والتعلية ٢٥٪ بأمر التوريد رقم ٢٥٣ والذى جاء بعد الترسية للعام المالى ٢٠١٥/٢٠١٦ هو لسد احتياجات وزارة الصحة عن ذلك العام المالى وقد عرض شركتنا لخسائر كبيرة.

وفى 1/12/2016
تم الفتح المالى لمناقصة العام المالى ٢٠١٦/٢٠١٧ وتم كشف الأسعار وكنا أقل الأسعار المقدمة بمبلغ ٢.٩٩٨ دولارا للجرعة.

وفى 1/2017
تم الاستفسار منا من قبل وزارة الصحة أثناء جلسة التمارس مع فاكسيرا عن السعر وأبلغنا بأنه يعادل ٥٦ جنيها للجرعة وتم تحديد سعر التوريد من فاكسيرا للوزارة بسعر ٦٦ جنيها للجرعة.

وفى 30/1/2017
ورد خطاب من فاكسيرا بطلب الكمية المعلق توريدها فى العام السابق 2015/2016 وكذا التعلية 25% بسعر 24.08 جنيها بإجمالى كمية 854900 جرعة.

وفى 1/2/2017
تم الاعتراض على خطاب فاكسيرا وإيضاح عدم أحقيتها فى طلب أى كمية سواء تعلية أو معلق توريدها لانتهاء العام المالى ولتغيير سعر الدولار وسبق اعتراضنا على توقيع العقد بسبب المدة.

وفى 6/2/2017
خطاب فاكسيرا بأن المستشار القانونى انتهى إلى عدم وجود جديد عما سبق الافتاء به ووجوب التزامنا بالتعلية والتوريد بالسعر القديم 24.08 لكمية المطلوبة (لم يتم إخطارنا بأى فتوى سابقة بهذا الشأن).

وفى 8/2/2017
تم الرد على فاكسيرا بطلب إعادة البحث بحيادية لعدم أحقيتها فى ما يطالبون به مع قيامنا بالتواصل مع الشركة الموردة لتوفير الاحتياجات فى المواعيد المطلوبة للمصلحة العامة.
 
ومن ثم تكون شركتنا قد قامت بتوريد كامل الكمية المطلوبة لوزارة الصحة للعام المالى 2015/2016 (جزء منها بسعر مناقصة 2014/2015 وجزء بسعر مناقصة 2015/2016 مع حفظ حقوق شركتنا فى الرجوع بقارق السعر.
 
إن الكمية المتبقية من أمر التوريد رقم 254 لهذا العام المالى 537500 جرعة والمعلق توريدها على احتياجات فاكسيرا بعد موردة بالطلب والتعلية على المناقصة 2014/2015.
 
وأنه تم الاعتراض من قبلنا على تضمين أمر التوريد كمية غير محدد بها تاريخ توريد بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات الذى أوجب أن يكون أمر التوريد محددًا به ابتداء أو انتهاء للتوريد، وقد تم إخطار فاسكيرا بذلك قبل انتهاء العام المالى فى 30/6/2016.
 
لكن أهم جزء من هذا الخطاب ما نصه «لم تقم وزارة الصحة بطلب كميات إضافية تعلية على مناقصة 2015/2016 بل بالعكس تم التفاوض مع فاكسيرا على أسعار توريد جديدة لتكون بسعر 66 جنيها للجرعة. (كما سبق وأشرنا فى أول الموضوع)، فبأى حق تستبيح فاكسيرا (المصل واللقاح) لنفسها أن تقوم بطلب تعلية بالمخالفة للقانون بسعر 24.08 جنيها لتقوم بتوريدها للوزارة بسعر 66 جنيها أى مكسب ما يعادل 200% تقريبا؟! فهذا يعد إثراء بلا سبب، بل إثراء على حساب تحطيم الغير، ومحاولة إخراجه من السوق»
ولم يكتف مدحت شعراوى بهذا، بل أضاف: «طلب فاكسيرا (المصل واللقاح) جاء بعد انتهاء العام المالى بل وانتهاء عام ميلادى من تاريخ أمر التوريد، بل وفى ظل قيام وزارة الصحة بإقرار الأسعار الجديدة للمنتج ليكون 66 جنيها للجرعة، لم تقم الشركة طرفنا (تكنو فارما) بالتأخير فى أى توريدات طلبت منها، بل كانت مثالا يحتذى به فى الالتزام بالمواعيد فى كافة التوريدات». انتهى نص كلام شعراوى الذى أرسل لمستشار وزير الصحة بتاريخ 12 فبراير 2017، قبل أن تقوم الدنيا ولم تقعد على الرجل بتهمة الفساد الذى بسببها ما زال محبوسا على ذمة القضية. قد لا يكون هناك رابط أو ثمة علاقة بين القضيتين، وقد يكون مدحت شعراوى مدانا فى قضية البنسلين، لكن على الأقل، لدينا مستندات رسمية وخطابات واضحة تؤكد أن هناك مالا مهدرا فى وزارة الصحة، ذهب إلى شركة المصل واللقاح (فاكسيرا) دون وجه حق، كان أولى به مشروعات الدولة التى تنفذها ليل نهار من أجل اللحاق بالأمم والخروج من النفق المظلم.
 
السؤال الذى يطرح نفسه ما سر تربيح وزارة الصحة 35 مليون جنيه للشركة المصل واللقاح رغم علمها بأصل سعر التوريد وعلى الرغم من أن الشركة المصرية لإنتاج الأمصال واللقاحات وهى شركة تابعة لشركة القابضة للمستحضرات الحيوية فاكسيرا وناتج أعمالها من أرباح يوزع على مجلس إدارتها طبقاً للنسب القانونية؟!
 
 
 
 
المصل واللقاح (1)
 

 

المصل واللقاح (2)
 

 

المصل واللقاح (3)
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة