"أبيضX أسود".. حكاية أرض البستان "باب اللوق" على مدار التاريخ
الإثنين، 12 فبراير 2018 01:00 ص
لكل منطقة وحي بالمحروسة قصة تاريخية تختلف عن الآخر باختلاف الزمان والدور والأهمية، فحي باب اللوق بمنطقة وسط البلد كان يسمى قديما "أرض اللوق"، وكان نهر النيل يجري فى منطقة وسط البلد وكان يغمر "أرض اللوق" الفيضان من فترة لأخرى وينحسر عنها فتبقى تربتها لينة وسهل رمي البذور فيها، بسهولة ولهذا السبب سميت بأرض اللوق، فكلمة لوق فى اللغة العربية تعنى الشئ اللين، فكان من السهل القاء البذور فيها وتركها ثم يعودون ليجدوا الزرع والأشجار فأطلقوا عليها "أرض اللوق" ولذلك قرر الأمير فخر الدين الشهير بـ "ابن ثعلب" شراء هذه الأرض وما حولها وكانت عبارة عن 75 فدان وقام بزرع النخل والعنب والنرجس والورود والخوخ والكثير من خيرات الله، بخلاف تربية المواشى، كما بنى لنفسه فيها "منظرة" وهو مكان يجلس فيه ليطل على المناظر الخلابة والذى أطلق عليها بستان ابن الثعلب.
باب اللوق
وبعد عدة سنوات قرر ابن الثعلب بيع الأرض للسلطان الصالح نجم الدين أيوب سلطان بلاد بعد أن طلب يشتريها مقابل مقابل 3 آلاف دينار مصرية، وبالفعل أخذ السلطان الأرض وقسمها إلى أجزاء واحتفظ لنفسه بأكبر جزء فيها لإقامة ميدان للألعاب حيث كان يشتهر نجم الدين بشراءه للماليك وتربيتهم فكان يدربهم الفروسية واللياقة والتنافسية ورياضات أخرى وأقام بهذه المنطقة ميدان كبير وأطلق عليه "الميدان الصالحى" نسبة إلى لقبه إلى أن توفى وتوالى حكام مصر من شجرة الدر وزوجها أيبك يليهم المنصور بن ايبك وحكم قطز وحكم بيبرس وهو الذى قام بالكثير من الاصلاحات فى مصر والشام وقام بهدم الميدان الصالحى وبنى ميدان جديد وسماه "الميدان الظاهرى" وكان تحفة أشاد بها كل ناظره وكان الميدان محوط بسور عظيم أشبه بالباب الضخم يدخل منه الفرسان فى مواكب عظيمة يقف المصريون لينبهروا بهم ويشجعوا الألعاب.
باب اللـوق
بعد أن هزم الظاهر بيبرس المغول طلب منه العديد من المغوليين أن يظلوا فى مصر وبالفعل سمح لهم بيبرس بالبقاء وقال "اقعدوا فى باب اللوق"، وبالفعل أخذوا أرض باب اللوق منطقة لهم وعمروا المكان واختلطوا بالمصريين واستطاعوا أن يكبروا منطقة أرض اللوق إلى أن توفى الظاهر بيبرس.
وعندما تولى الناصر بن قلاوون حكم البلاد بعد حرب طاحنة على العرش وكان عاشق للخيول فقام بهدم الميدان الظاهرى وأمر بإقامة ميدان كبير أمام القلعة وخصصه لفرسان المماليك، وأعطى أرض اللوق إلى أحد رجاله المقربين اسمه "قوصون" وهدم السور كل اتجاه والباب العظيم واندثرت معالمه وعلى الرغم من ذلك ظلت المنطقة تحتفظ باسم "باب اللوق" .
وأهملت هذه المنطقة على مدار سنوات إلى أن وصل الحال بها لتتحول من بستان إلى خرابة وانتشرت بها المستنقعات والأوبئة واللصوص إلى أن جاء السلطان محمد على ونقل المدابغ فى أرض باب اللوق ليزداد الإهمال بها إلى أن جاء الخديوى إسماعيل وكلف المهندس على مبارك بتخطيط منطقة وسط البلد كلها وفى غضون سنوات قليلة باب اللوق أصبحت فى المنتصف ما بين ميدان التحرير وميدان عابدين وتفرعت منه الشوارع المؤدية إلى الكثير من المناطق.