بروح القانون.. محكمة تبريء متهما اعترف على نفسه في جناية مخدرات (القصة الكاملة)
الأحد، 11 فبراير 2018 01:00 ص
«الاعتراف» دليل إدانة يعطي للمحكمة الرخصة في الاكتفاء باعتراف المتهم، والحكم عليه بغير سماع الشهود، شريطة أن يكون صادرا عن المتهم على نفسه في مجلس قضاء الحكم، تلك قاعدة شهيرة فى القانون المصرى.
إلا أن رغم تلك القاعدة القانونية الأصيلة، صدر حكم تاريخى بمحكمة جنايات الإسكندرية، ببراءة مهندس من تهمة حيازة وتعاطى المخدرات، عقب تطبيق مبدأ الحكم بروح القانون الذى يؤكد أن لا تجعل من القانون أداة للانتقام وتوقيع العقوبة المقررة علي الواقعة دون أن تراعي ظروف المتهم أو الأسباب التي جعلته يرتكب الجريمة أو دوافع ذلك أوالظروف المحيطة بالجريمة.
البداية تمثلت الشابين "على. ا"، محاسب، "أسامة. م"، محاسب، بالسفر عقب إيجاد فرصة عمل خارج الأراضى المصرية، وهو الحُلم الذى دأبا كلاهما على تحقيقه منذ سنوات للتخلص من ضغوط الحياة المادية والمعنوية نتيجة الظروف الاقتصادية.
وبالفعل، جهز الشابان أمتعة وحقائب السفر برفقة صاحبهما "إبراهيم. هـ"، مهندس، الذى أصر على توصيلهما إلى مطار القاهرة لتوديعهما، إلا أن الظروف السيئة شاءت أن تتأخر الطائرة عن الإقلاع، فقام الشباب باللنتقال إلى أحد الأماكن فى المطار بعيدا عن أعين الناس، بغرض إشعال سيجارة "حشيش"، بينما رفض "إبراهيم.هـ"، مهندس، المشاركة معهما لأنه لا يتعاطى المخدرات فى المقام الأول، ولأن المكان لا يسمح بالأمر.
الشابان أصرا على إشعال السيجارة وتعاطيها قبل إقلاع الطائرة، ونفذا غرضهما، وفى تلك الأثناء، أجهزت الأجهزة الأمنية على الـ3 شباب ليكون نهاية حلم السفر والعمل خارج البلاد قد تحطم على صخرة "الرغبة المدمرة"، إلا أن المهندس "إبراهيم. هـ"، صديق العمر لهما، كان له رأيا أخر حيث اعترف على نفسه أثناء تحرير المحضر أنه صاحب السيجارة والمواد المخدرة حتى يتمكنا رفقا العمر من السفر واللحاق بالطائرة.
وبالفعل، سافر الشابان لتحقيق حلم العمر المتمثل فى السفر والعمل بأحد الدول، بينما تركا صديقهما لمصيره الذى كتبه عليه صديقاه، بعدما أبلغا أسرته بنبأ القبض عليه لإيجاد حلول تمكنه من الخروج من تلك الورطة، وتم ترحيل "المهندس" إلى القسم ومن ثم النيابة العامة التى أجرت التحقيق معه حتى إحالته للنيابة العامة ثم المحاكمة الجنائية.
ظلت الأمور تسير على هذا النحو حتى ظهور المحاميين وحيد الكيلانى، ومحمد صبرى، اللذان استمعا للمهندس، حينها قررا أن يروى المهندس للدائرة الأولى بمحكمة جنايات الإسكندرية حقيقة الواقعة، واستمعت المحكمة للأمر جيدا، وطالب المحاميان إعفاؤه من العقاب إعمالا لنص المادة 48 من قانون المخدرات رغم تحريز سيجارة سبق اشتعالها وقطعة حشيش.
المحكمة قضت بالاكتفاء بتغريم "المهندس" 10 آلاف جنيه، دون الحبس، إلا أن المحاميين وحيد الكيلانى، ومحمد صبرى، طالبا من القاضى إلغاء الغرامة نظرا لظروف "المهندس"، وبالفعل استجابت المحكمة تحقيقا لمبدأ روح القانون، الأمر الذى أدى بدوره إلى حالة من الفرحة بين المحاميين المتواجدين داخل القاعة والأهالى باعتبار أن مثل هذه القرارات غير معتاد عليها داخل أروقة المحاكم.