كبسولة قانونية.. جزاء حرمان المتهم أو محاميه من حضور تحقيقات النيابة
الأربعاء، 07 فبراير 2018 04:00 م
الواقع والحقيقة يؤكدان أن هناك ضرورة حتمية لإعلان التحقيق الإبتدائى للمتهم ومحاميه على حد سواء قُبيل البدء فى عملية وإجراءات التحقيق، حيث أن عدم الإلتزام بهذا الإجراء من الناحية القانونية يترتب عليه جزاءات نتيجة القدح فى صحة التحقيق تصل إلى البطلان.
فى هذا الشأن يقول، المحامى والخبير القانونى، ياسر الأمير فاروق، إن التحقيق هو مجموعة الإجراءات التي تباشرها النيابة العامة بغية كشف الحقيقة في شأن الجريمة، وأن هذه الإجراءات عديده ومتنوعة كسماع شاهد وسؤال المجني عليه ومعاينة مكان الجريمة ومناظرة جثة المجني عليه واستجواب المتهم ومناقشة خبير، وغيرها من الإجراءات.
وأضاف «فاروق» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أن الأصل لزوم مباشرة هذه الإجراءات في حضور المتهم أو محاميه، وذلك لتعلق مصلحة المتهم بما تسفر عنه من نتائج فأراد المشرع أن تجري تحت نظر المتهم أو محاميه كي يُبدي ما يراه من اعتراضات بشأنها أو يقدم ما ينفيها، مؤكداَ أن بديهية حضور المحامي يغني عن حضور المتهم إذ ذلك ما تقضي به طبيعة الوكالة.
وأشار «فاروق» إلى أن الأمر مختلف بالنسبة لجمهور الناس إذ لا شأن لهم بالتحقيق، ومن ثم فلا حق لهم في حضور إجراءاته، فضلا عن حرص المشرع علي ستر المتهم في تلك المرحلة الدقيقة حفاظاَ علي سمعته، ولهذا كان التحقيق الإبتدائي علانيا بالنسبة للمتهم وسريا للجمهور.
وأوضح الخبير القانونى، أنه تأكيدا لأصل حضور المتهم أو محاميه، الخاصة بإجراءات التحقيق، نصت المادة 77 إجراءات علي: «أن للمتهمين وؤكلائهم أن يحضروا جميع إجراءات التحقيق»، وتمكينهم من الحضور، نصت المادة 78 إجراءات علي: «لزوم اخطارهم باليوم التي تباشر فيه إجراءات التحقيق ومكانها»، مشيراَ إلى أنه يتم الإخطار في محل إقامة المتهم إن كان مفرج عنه أو إلى مأمور السجن إن كان رهن الحجز أو الحبس.
وعن تحديد القانون للإخطار، أجاب «فاروق»: لم يحدد القانون للإخطار شكلا معينا فيصح أن يكون بخطاب مسجل أو بإعلان علي يد رجال السلطة العامة، كما يصح أن يكون شفاهتاَ أو بالتليفون، ولا يقتصر حضور المتهم ومحاميه علي إجراءات معينة بل يشمل الحضور سائر إجراءات التحقيق دون تخصيص.
وأكد «فاروق»، أن ما جري عليه العمل في بعض النيابات من صد محام متهم عن حضور استجواب متهم آخر أو منعه من حضورسماع، شاهد أو مجني عليه أو مناقشة خبير أو رجل ضبط وقصر حضوره مع المتهم الموكل عنه لدي استجوابه هو عرف فاسد لا يبوء به يجب الإقلاع عنه، ويكون من حق المتهم ومحاميه الدفع ببطلان الإجراء الذي بوشر في غيبته أو الذي منع من حضوره.
وعن الجزاء المترتب علي حرمان المتهم أو محاميه من الحضور، قال «فاروق» أن كما ذُكر هناك أحقية للمتهم أو محاميه في حضور كافة إجراءات التحقيق دون تخصيص سواء أجريت معه أو مع غيره من المتهمين الآخرين، وأنه لا يجوز صده عنها أذ الأصل علانية التحقيق الإبتدائي بالنسبة للخصوم ومنهم المتهم، وجمهور الفقه أقر علي أن حرمان المتهم أو محاميه من حضور اجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق يورث البطلان وأنه بطلان مطلق لإخلاله بضمانات الدفاع.
وكشف «فاروق» أن محكمة النقض كان لها في الموضوع رأي آخر إذ قررت أن إجراء التحقيق في غيبة المتهم غير قادح في صحته، وكل ما للمتهم أن يتمسك لدي محكمة الموضوع بما اعتري التحقيق من نقص أو عيب (نقض 1980/ 6/15 مجموعة احكام النقض س31 رقم 150 ص 775).
وأضاف أن مذهب الفقه في تقرير البطلان أرجح أما مذهب النقض فغير صحيح، إذ يكفي لتحقق البطلان وقوع المخالفة بجريان التحقيق في غيبة المتهم دون أن يكلف المتهم مشقة اثبات قصور التحقيقات أو نقصها بسبب غيابه، مؤكداَ أن مذهب النقض يجعل الكلمة العليا لمحكمة الموضوع في تقرير العيب أو النقص دون ضابط أو رقيب.
وتابع: «لقد اثبت العمل ازاء ذلك تغاض محاكم الموضوع عن أوجه قصور التحقيقات رغم جريانها في غيبة المتهم أو محاميه والتفاتها عن الدفاع بشأنها من خلال ذكر المحكمة لعبارة نمطية حاصلها اطمئنانها إلى جريان تحقيقات الغيبة من قبل النيابة العامة بموضوعية، وأنها تطمئن لذلك ولا تشاطر المتهم نعيه في هذا الخصوص، وبالتالي اضحت ضمانات الدفاع نسيا منسيا ومجرد قواعد إرشادية لا بطلان علي اهدارها».
واستطرد: «ولا ريب في أن حصول الإجراء في حضرة المتهم وتحت عينه وبصره واتاحه الفرصة له بإبداء ما يعن له من ملاحظات لحظة اتخاذه هو الكفيل الوحيد ببث الثقة فيه، أما النعي علي الإجراء في مرحلة المحاكمة بالقصور أو العيب من واقع ما سطر في الاوراق فلا يحقق ضمانات الدفاع، وأيا ما كان قدر الثقة في عضو النيابة العامة المحقق، فإن من حق المتهم أن يساوره القلق، ما دام أن المذكور خالف القانون باقصاءه عن حضور التحقيق واتخاذ الإجراء في غيبته».