أُنْقِذت صديقتي وبقى السرطان.. أين نحن من بهية و فاطمة

الأحد، 04 فبراير 2018 06:00 م
أُنْقِذت صديقتي وبقى السرطان.. أين نحن من بهية و فاطمة

1-

هاتفتني إحدى صديقاتي أعتبرها بمثابة الأخت الصغرى قائلة: يا محمد انت فين أنا عايزة أروح مستشفى "بهية" ضروري، فرديت عليها: ليه خير.. هتعملي موضوع ولا إيه، فقالت لي بصوت ملكوم، ينبثق منه حزن شديد: هتيجي معايا ولا لا إنجز مش إنت روحت هناك قبل كده، وتعرف فيها دكاترة، فقولت لها: أه أعرف  كشغل.. بس إهدي طيب أنا في شغل قابليني في الهرم.

2-

وصلت للهرم ووجدتها تنتظرني لنذهب سويا إلى المستشفى، فتحدثت معها في الطريق عن سبب رغبتها في الذهاب للمستشفي بالتحديد، فقالت لي: علشان أحجز، فسألتها: هتحجزي إيه بالظبط ولمين، فصمتت قليلا ثم بكت قائلة: ليا أصل أنا كشفت وطلع عندي سرطان وعايزة أتعالج.

3-

استكملنا الطريق حتى المشفى، وأنا أرسم في مخيلتي ما سنفعله حينما سنصل، سأدخل مباشرة إلى الأطباء الذين تعاملت معهم بالفعاليات، وأحجز لصديقتي وتبدأ فورا في العلاج، .. بالفعل وصلت إلا أنني وجدت عشرات السيدات تنتظرن في مدخل المستشفى للحجز، فقررنا أن ننتظر مثلهن ونحجز بنفس الطريقة.

4-

مرت دقائق طوال، حتى جاء دورنا في الحجز، فإذ بالموظف يبلغنا أن دورنا في بدء العلاج سيكون في شهر 4 القادم، وكنا في حوالي منتصفالعام، أي بعد حوالي 6 أشهر من تاريخ الحجز، وهنا كانت الصدمة، كيف ننتظر كل هذه الشهور؟.. فمن الممكن أن نستطيع علاج المرض في بدايته قبل أن تتدهور الحالة ولا نستطيع السيطرة عليها، فسألنا من جديد.. ولماذا ننتظر كل هذه الفترة؟، فكانت الإجابة.. ده دور يا فندم خلال الفترة دي كلها فيه قوائم انتظار هتتلقى علاج عندنا برضو للأسف.

5-

دموع صديقتي بدأت تنهمر تلقائيا، بعد علمها بقوائم الانتظار، انتظرنا طويلا نفكر مليا ماذا سنفعل؟، توجهنا سويا إلى أحد الأطباء لمعرفة سبب تلك القوائم الكبيرة من المرضي وطول فترة الانتظار، فأجاب أن ذلك يرجع إلى عدد المتقدمين، والذي يقارب الـ200 حالة يوميا الإمكانيات، حجزنا موعدا، وخرجنا من المستشفي، وأنا على يقين أن صديقتي لن تنتظر لحظة لتتعالج فيها.

6-

مر يوم تلو الآخر، وحدث ما توقعته، هاتفني صديقتي من جديد قائلة: يا محمد أنا هعمل العملية في مستشفي خاص على حسابي وهكمل علاج فيها لأن موضوع المجاني هيطول، وبالفعل أجرتها، وانتهت من المرض اللعين الذي كان ينخر في جسدها ليل نهار، ويمثل لها كابوسا يؤرق حياتها.

7-

شفاء صديقتي لم يكن بمثابة نهاية المطاف، حيث أنني انتظرت حتى مرت فترة الانتظار التي حددتها المستشفى، ولم يهاتفنا أحدا حتى الآن على الرقم الذي سجلناه، للحضور إلى المستشفى لتلقى العلاج، كما كان متفق عليه، وسألت نفسي عدة أسئلة.. ماذا إذا لم تمتلك صديقتي المال اللازم لإجراء العملية بمستشفى خاصة؟. هل كان من الممكن أن يطيح المرض بها؟ وما هو وضع من أسوأ من حالتها وأتوا بعدنا إلى المستشفي ولا يستطيعون العلاج على نفقتهم الخاصة؟، تناسوا صديقتي قليلا الآن ، واسألوا أنفسكم السؤال الأعظم ألا وهو ماذا لو لم تنشأ السيدة بهية وهبي تلك المستشفى من الأساس؟، كيف سيكون مصير السيدات اللاتي تلقين العلاج بها والبالغ عددهن حوالي 15 ألف سيدة سنويا؟.

8-

في اليوم العالمي لعلاج السرطان، الأمر يتطلب نظرة، نظرة إنسانية بالطبع في المقام الأول، فعل الخير لا يطلب، وأعتقد أن التبرع لأي صرح يعمل في مجال علاج الأمراض المزمنة بشكل عام والسرطان بشكل خاص واجب وطني، مثل مستشفي 2020 لعلاج الأورام، والتي وضع حجر أساسها بالصعيد مؤخرا، فهذا "كل الخير"- كما يقولون-، ولنا في الحاجة فاطمة حسين عطية، إبنة مركز المنصورة، والتي تبرعت الشهر الماضي بقطعة أرض 7 قراريط لإقامة مستشفى لعلاج المرضى قدوة طيبة حسنة صادقة، وإذالم تكن تدري قيمة ما ستفعله، فاستمع لقصة سيدة تعالج من هذا المرض اللعين، وتخشى أن تخلع حجابها، وينكشف رأسها أمام "أي شخص"، حتى وإن كان زوجها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق