كبسولة قانونية.. الحراسة القضائية وشروطها وأنواعها
الأحد، 04 فبراير 2018 11:00 ص
"فرض الحراسة القضائية على النقابة"..دعاوى قضائية تُرفع بصفة دائمة، ليكون فرض الحراسة عليها بحكم قضائي، كما حدث مع عدد من النقابات مثل نقابة الصيادلة، وكذا نقابتى الصحفيين والمحاميين، ويحدث أيضاَ مع الشركات والهيئات الحومية والغير حكومية.
"صوت الأمة" ترصُد فى التقرير التالى الحراسة القضائية وتعريفها وطبيعتها وأنواعها وشروطها.
تعريف الحراسة
وفى هذا الصدد يقول ياسر سيد أحمد، الخبي القانونى والمحامى بالنقض، أن الحراسة اصطلاحاً: عُرّفت الحراسة بأنها: وضع مال يقوم في شأنه نزاع أو يكون الحق فيه غير ثابت، ويتهدده خطر عاجل في يد أمين يتكفل بحفظه وإدارته ورده مع تقديم حساب عنه الى من يثبت له الحق، وعُرفت أيضاً بأنها: إجراء تحفظي مؤقت يأمر به القاضي بناء على طلب صاحب مصلحة لوضع عقار أو منقول أو مجموع من المال يقوم بشأنها نزاع أو يكون الحق فيه غير ثابت تحت يد أمين يتولى حفظه وإدارته ليرده مع غلته المقبوضة لمن يثبت له الحق فيه.
الحراسة فى القانون
وعن تعريف الحراسة فى القانون، أضاف "أحمد" فى تصريح لـ"صوت الأمة" أن تعريف الحراسة في القانون: أورد القانون المدني المصري الحراسة ضمن العقود المسماة وقد عرفها: عقد يعهد الطرفان بمقتضاه الى شخص آخر بمنقول أو عقار أو مجموعة من المال يقوم في شأنه نزاع أو يكون الحق فيه غير ثابت فيتكفل هذا الشخص بحفظه وبإدارته وبرده مع غلته المقبوضة إلى من يثبت له الحق فيه.
وأشار إلى أن الحراسة القضائية ليس موضوعاً حديث العهد جاءت به القوانين الوضعية الحديثة بل أنه موضوع عرفته الشريعة الإسلامية منذ بواكير العمل بالقضاء الإسلامي، فقد كان لكل قاضٍ أعوان يقدمون المساعدة للقاضي عند القيام بعمله ولكل واحد من هؤلاء مهمة موكلة إليه، وقد كان ما يسمى "أمين القاضِ" يتدرج تحت عنوان أعوان القاضي ويتم اختياره من قبل القاضي لتوفر شروط الأمانة فيه والثقة والعدل ويحدد القاضي واجبات أمينه "الحارس" بالحفاظ على المال المتنازع عليه وإدارته وإعادته حتى يبت القاضي بأمره.
وأوضح الخبير القانونى بأنه يلجأ كثير من الناس الى الإحتماء بالقضاء المستعجل من أجل الحفاظ على مصلحة مهددة بالخطر وكإجراء وقتي يقوم قاضي الأمور المستعجلة لحماية الحق والحيلولة دون ضياعه الى إتخاذ القرار المناسب لحماية ذلك الحق، وكان للحراسة القضائية دور هام في حماية تلك الحقوق بصفة خاصة والقضاء المستعجل بصفة عامة.
طبيعة الحراسة القضائية:
الحراسة القضائية: هي اجراء تحفظي مؤقت، لذلك فإن فرضها لايجوز أن يكون له تأثير في موضوع النزاع مطلقاً، كما ليس للقاضي أن يعطي الحارس أية صلاحية لها مساس بموضوع النزاع، وأن دعوى الحراسة كما استقر على ذلك الاجتهاد ليست وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري على المدين الممتنع عن الوفاء فلا تفرض على المال لمجرد الرغبة في وفاء الدين المستحق، وإنما هي إجراء تحفظي مستعجل من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة، ويمكن أن ترفع دعوى الحراسة أيضاً كطلب مستعجل تبعاً لطلبات موضوعية أمام محكمة الموضوع ويقضي بها قبل الفصل في الموضوع دون تعد عليه أو تأثير فيه، ولا فرق في أن تكون المحكمة مدنية أو جنائية وأنه يشترط لاختصاص القضاء المستعجل لنظر دعوى الحراسة القضائية توافر أركانها، وأن يتوافر أيضاً شرط اختصاصه من استعجال وعدم المساس بأصل الحق، ويجب أن يكون هناك خطر عاجل لا يكفي تفاديه إجراءات التقاضي العادية، وحالات الخطر يعود تقديرها للقاضي الذي ينظر في دعوى الحراسة ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض، وترفع دعوى الحراسة القضائية أمام محكمة موطن المدعى عليه أو المحكمة الموجود في دائرتها المال المطلوب وضعه تحت الحراسة.
وعن أنواع "الحراسة"، أجاب "أحمد" للحراسة أنواع ثلاث، الأول هو الحراسة الإتفاقية والثاني هو الحراسة القانونية والثالث هو الحراسة القضائية ونأتي بأيجاز على كل واحدة من تلك الأنواع.
النوع الأول – الحراسة الأتفاقية:
القانون المدني المصري قد ذكر عقد الحراسة – وعلى وجه الخصوص – ضمن أحكام العقود المسماة، مما يدل على الإهتمام الكبير الذي يوليه المشرع المصري لهذا العقد، فالحراسة الإتفاقية هو اتفاق بين طرفين أو أكثر حل بينهما نزاع في مال منقول أو عقار أو مجموعة أموال على إيداع تلك الأموال لدى شخص ثالث ولحين إنتهاء ذلك النزاع، حيث تحدد للحارس مسؤولية في إدارة ذلك المال وحساباته واجرته فأن كانت الحراسة من دون أجر طبق بشأنها أحكام الوديعة.
وإلتزامات الحارس بشأن المحافظة على ماعهد إليه به وأن يبذل من العناية ما يبذله الرجل المعتاد، كذلك الكيفية التي يرد بها المال بعد إنتهاء النزاع مع الغلة.
النوع الثاني – الحراسة القانونية:
وهي الحراسة التي تتم بموجب نص قانوني، أي أن هذه الحراسة ليست اتفاقية "عقد"، كما أنها ليست قضائية أي لا تتم بموجب قرار يصدر عن القضاء المستعجل، بل يتم إيقاعها من قبل موظف عام مخول بموجب القانون ومثال ذلك ما يتخذه المنفذ العدل من إجراء بالحجز على الأموال وبالطريقة المرسومة قانوناً حيث يدون في محضر الحجز جنس الأموال ونوعها ومقدارها وقيمتها ومكان حفظها وطريقة حراستها وذلك بإيداعها إلى يد عدل أو بإقامة حارس عليها، لقاء اجرة يقدرها القائم بالتنفيذ ويوافق عليها المنفذ العدل، ثم ينبه الحارس على الإلتزامات الواجبة عليه لحفظ المال المحجوز وإدارته وإعادته بعد إنتهاء المهمة الموكلة إليه.
النوع الثالث – الحراسة القضائية:
الحراسة القضائية هي تلك الحراسة التي تتم بقرار من القضاء المستعجل أو من القضاء العادي بالتبعية وحسبما مبين تعريفها من جهة الفقه والقانون، وهذا النوع له أهمية خاصة من دون النوعين الآخرين فإن ذلك عائد إلى كونه الأكثر شيوعاً بين الناس لإطمئنان الناس إلى قرارات القضاء الصادرة بشأنه ولإعتقادهم إن الكلمة الفصل التي يقولها القضاء بهذا الشأن هي الأكثر إلزاماً لصدوره من سلطة مختصة بإصداره ولأن قوته القانونية تعلو على العقود الأتفاقية أولاً وكذلك أوامر الموظف العام.
هذا كما أن الأحكام الواردة في الحجز الإحتياطي تنص عن الشخص الثالث الذي يكون المال تحت يده، سواء كان أحد طرفي النزاع أو الغير حيث أن المحكمة عندما تصدر قرارها بوضع الحجز الإحتياطي يتم تبليغ المحجوز عليه والشخص الثالث المحجوز تحت يده.
وبالنسبة لشروط الحراسة القضائية، أكد "أحمد" أن الحراسة القضائية بصفتها أحد مواضع القضاء المستعجل تستلزم تحقق شرطي القضاء المستعجل وهي الإستعجال وعدم التصدي لأصل الحق وهذه ما تسمى بالشروط العامة للقضاء المستعجل وإضافة لذلك فإن لها شروط خاصة وهي المصلحة ووجود النزاع والمال محل الحراسة والخطر العاجل مع بقاء المال تحت يد الحائز، فإذا تحققت هذه الشروط وضع القاضي المال تحت الحراسة وهذا هو الدور الأول للحراسة، أما الدور الثاني فهو تعيين الحارس القضائي.
الشروط الخاصة للحراسة القضائية:
الشرط الأول – المصلحة:
تعرف بـ "الفائدة العملية المشروعة التي يسعى الشخص للحصول عليها من وراء إتخاذه إجراءاً قضائياً" وتعرّف كذلك بأنها: "الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى من الحكم له بطلباته الواردة في الدعوى"، ويقال كذلك: "المنفعة المشروعة التي يراد تحقيقها بالإلتجاء إلى القضاء"، وهي كذلك: "الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى من الحكم له"، ويقال: "هي الفائدة التي تعود على المدعي من الحكم له بطلباته في الدعوى".
أما قانون المرافعات المدنية فلم يُورد تعريف للمصلحة وترك ذلك إلى الفقه والقضاء إلا أنه عندما جاء على ذكر المصلحة، ذكرها باعتبارها شرطاً من شروط الدعوى، حيث قال: "يشترط في الدعوى أن يكون للمدعى به مصلحة معلومة وحالة وممكنة ومحققة ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي إن كان هناك ما يدعو إلى التخوف من إلحاق الضرر بذوي الشأن"، فهذا الشرط هو ما تتطلبه دعوى الموضوع.
أما في المسائل المستعجلة فإن للقاضي أن يتلمس المصلحة من ظاهر المستندات والأوراق المقدمة للمحكمة ومن دون المساس بأصل الحق, فأن تأيد له وجود المصلحة وضع المال تحت الحراسة وبخلافه عليه رد الطلب، كما في حالة شريكين وضعا المحل العائد لهما تحت يد عدل فلا يجوز لأحدهما طلب وضع المال تحت الحراسة القضائية ما دام يد العدل قائم بواجباته ولكون الأخير يقوم بوظيفة تماثل الوظيفة التي يقوم بها الحارس القضائي، لذا لا مبرر لتعيين حارس قضائي مع وجود يد العدل.
هذا ومن المعلوم أن للمصلحة خصائص عدة، فالخاصية الأولى أن تكون قانونية، ويقصد بذلك حماية الحق مع البقاء على المركز القانوني للخصوم، وبعبارة أدق أن يكون للمصلحة سند من القانون إضافة للخاصية القانونية فهي يجب أن تكون مباشرة وتعبر عن شخص طالبها وهذا يعني عدم جواز قبولها إذا رفعت من شخص غير ذي صفة، إضافة إلى الخاصية الثالثة التي تقول أن المصلحة ممكن أن تكون محتملة، لأن واحدة من مهام القضاء المستعجل هو القيام بتهيئة الدليل لدعوى الموضوع وخشية ضياعه عند حدوث نزاع في المستقبل.
الشرط الثاني – وجود نزاع:
لم يورد قانون المرافعات المدنية تعريف للنزاع، وترك أمر تقصيه للقاضي ولما لديه من سلطة تقديرية التي تمكنه الاستدلال عليه من ظاهر المستندات والأوراق المقدمة له، وكلمة النزاع هنا غير محددة بموضوع معين بل هي أي نزاع يتعلق بمنقول أو عقار أو حق ملكية فكرية أو مجموع من المال، فتحقق النزاع يثبت به الشرط الثاني لوضع المال تحت الحراسة من أجل المحافظة على الحقوق، سواء كانت تلك الحقوق عينية أو شخصية، والنزاع يتخذ صور شتى كالنزاع على إدارة المال الشائع أو النزاع بشأن واضع اليد على المال مصـدره عقـد مشاركة وغيرها من صور النزاع الأخرى.
ولا يكفي أن هناك نزاع وحسب بل يشترط أن يكون ذلك النزاع جدياً يتحقق فيه أسباب المصلحة والصدق، لذا فإن النزاع المفتعل أو النزاع الإتفاقي المقصود منه الإضرار بأطراف أخرى يخرج من موضوع الحراسة القضائية لتخلف شرط النزاع الجدي، وأن المعيار المتخذ لبيان جدية النزاع من عدمه أمر متروك لسلطة القاضي التقديرية عليه استنباطه مما تقدم إليه من مستندات وما يوحي إليه ظاهرها، وله اعتبار ذلك النزاع جدياً فيضع المال تحت الحراسة وبخلافه يرد الطلب، وهذا ما استقرت عليه الأحكام.
الشرط الثالث – المال محل الحراسة:
إن الأموال التي يجوز وضعها تحت الحراسة هي المنقول والعقار وقد شرحت الأسباب الموجبة لقانون المرافعات معنى المنقول والعقار بالقول بأنهما الأموال بشكل عام والمال كما يعرفه القانون هو كل حق له قيمته المادية، ومع ذلك ولكي يوضع المال تحت الحراسة يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية:
1-أن يكون قابلاً للتعامل فيه.
2-الأموال التي لا يمكن إدارتها من قبل الغير.
3-أن يكون المال متقوماً.
4-لا يجوز وضع المال تحت الحراسة إذا كان تحت اليد.
الشرط الرابع – الخطر العاجل مع بقاء المال تحت الحائز:
للحراسة القضائية شروط خاصة بها إضافة إلى الشروط العامة للقضاء المستعجل وقد بينا معنى الخطر العاجل عند تناول الشروط العامة للقضاء المستعجل، وفي موضوع شرط الإستعجال، أما الشرط الخاص هنا لوضع المال تحت الحراسة القضائية فهو الخطر العاجل مع بقاء المال تحت يد حائزه يعتبر واحداً من أهم شروط قبول الحراسة القضائية والمتمثل بالضرر الواقع الذي يهدد مصلحة طالب وضع المال تحت الحراسة من تركه تحت يد الحائز.
ولقاضي المسائل المستعجلة وسائل عدة للوصول إلى القناعة المطلوبة لوضع المال تحت الحراسة القضائية على وفق مفهوم هذا الشرط بعد تدقيق ظاهر المستندات والأوراق المقدمة إليه، ومن تلك الوسائل التي تلجئه لذلك هي الخشية من تلف المال أو ضياعه في حالة بقائه تحت يد الحائز أو إستحواذ بعض الشركاء على عائد العين مهددة بالتلف والضياع ذاتها، وفي ضوء القناعة التي يستنبطها القاضي وتقدير الوسائل المستخدمة من ظاهر المستندات فله أن يضع المال تحت الحراسة وفي خلاف ذلك يقرر رد الطلب وذلك لكون الخطر العاجل ليس حالة ثابتة أو مستقرة فهو يختلف باختلاف الموضوع المعروض على القضاء المستعجل الأمر الذي تركه المشرع لسلطة القاضي التقديرية.
إن الخطر العاجل مع بقاء المال تحت يد الحائز ناتج من طبيعة الحق المطالب به، لذا لا يجـوز إضفـاء صفـة الإستعجال خلافاً لطبيعة الحق حتى ولو اتفق الأطراف على ذلك لأن الاتفاق على الوصف لا يغير تلك الطبيعة.
وخلاصة القول فإن قاضي المسائل المستعجلة ملزم بوضع المال تحت الحراسة إذا كان وجود المال تحت يد الحائز يهدد مصلحة صاحب الحراسة سواء كان صاحب اليد غاصباً أو مسلوب الإرادة أو غير مؤتمن أو مهملاً أو قام بأعمال الغش والتدليس والاضرار بمصلحة طالب الحراسة.