عن أم كلثوم والموساد.. هل حاول جهاز الاستخبارات الإسرائيلية اغتيال الست؟
الجمعة، 02 فبراير 2018 05:36 م
كالعادة المسرح امتلأ عن آخره، قوات الشرطة تحاول تخفيف الزحام في الخارج، الحناجر تعلو بالهتاف باسمها، اليوم ليس كبقية الأيام، الفرحة فرحتان؛ فرحة الشغف بأغنية الست الجديدة، وفرحة حضور الزعيم.
هدوء تام يسبقه صوت الإذاعي الشهير جلال معوض "أيها السادة رفع الستار، وها هي السيدة أم كلثوم تدخل، وتقف لتصفق ووقف معها أفراد الفرقة الموسيقية، يصفقون جميعا للرئيس جمال عبد الناصر، قبل أداء رائعتها أمل حياتي".
تشير الست بيدها إلى الحضور بالهدوء ثم تبدأ بكلماتها الخالدة "سيدي الرئيس إنني كمواطنة مصرية، أحس بالفرحة العارمة بزيارتك، كما أشعر بالفخر لكل وطن تشرفه وليس هذا مقصورا على وطننا العربي، وأقدم لك كتاب اللله الكريم ضارعة إلى الله أن يحرسك ويرعاك ويسدد خطاك ويبقيك حصنا للعروبة ورمزا لنصرها".
أحداث كثيرة أوضحت العلاقة الوطيدة التي كانت تربط أم كلثوم وعبد الناصر، بداية من حصار الفالوجة، مرورا بنكسة 67، انتهاء بيوم وفاة عبد الناصر.
"الدجاجة التي تبيض ذهبا".. كان هذا فعليا المبدأ الذي يتعامل به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع كوكب الشرق أم كلثوم، فمنذ بداية عام 1956 تحدثت الأوساط السياسية في مصر، عن تكليفها بمهمات سياسية «سرية» وعلنية.
أم كلثوم وعبد الناصر
كل الوقائع وقتها أكدت ذلك سرا، أما في العلن فقد خصص ناصر موجة تابعة للإذاعة المصرية أطلق عليها «إذاعة أم كلثوم»، وجواز سفر ديبلوماسيا. وعملها في جمع التبرعات للمجهود الحربي المصري، جعلها هدفا مكشوفا للموساد إلى درجة طرح اسمها على لجنة خاصة بإقرار قوائم الاغتيالات، ثم إعداد عملية استخبارية، أطلق عليها «عيون البقر»، لابتزازها «أخلاقياً»؛ تمهيدا لتجنيدها للعمل لمصلحة إسرائيل، أو على الأقل دفعها إلى الكف عن دعم نظام الحكم في مصر بالمال.
في أواخر 1956 ذكرت أم كلثوم في حوار، أنها فتحت حساباً في الفرع الرئيس لبنك فرنسي في باريس، وخصصته لدعم المجهود الحربي المصري. وتبين من تتبّع «موساد» بالتعاون مع الاستخبارات الفرنسية لتلك المعلومة، أن المبلغ المودع في ذلك الحساب يعادل ثلاثة ملايين دولار، كانت تكفي في ذلك الوقت لشراء خمس مقاتلات، أو دزينة دبابات حديثة، أو ثلاثة زوارق بحرية هجومية.
هل حاول جهاز الاستخبارات الإسرائيلية «موساد» اغتيال أم كلثوم؟
وفقا للصحافي توفيق مجدي في كتابه "أم كلثوم وموساد: أسرار عملية عيون البقر"، فإن الوكالة اليهودية استغلت العقود الغنائية لأم كلثوم من دون علمها من أجل تمويل الجامعة العبرية في فلسطين، علما بأن تلك العقود التي شملت إحياء حفلات في فلسطين والشام على مدى نحو عشر سنوات، تمت بمساعدة السياسي المصري اليهودي يوسف قطاوي. ويزعم الكتاب أن قطاوي نفسه ساعد في تربُّع أم كلثوم وحدها على عرش الغناء الذي كانت تتصدّره منافسة قوية هي منيرة المهدية.
كان هذا بعد فشل محاولات الموساد في اغتيالها عبر ممرضة يونانية فائقة الجمال كانت تتردد على منزلها ضمن برنامج لعلاجها من خشونة في الركبتين. واستناداً إلى تقرير للوكالة اليهودية يرجع إلى ثلاثينات القرن الماضي نُسبت إلى المطربة الكبيرة «ميول مثلية» وزعم اقترابها الحميم من فتاة مقدسية من آل داود عملت مساعدة لها خلال حفلات أحيتها في القدس، وبعدها ظهرت واقعة إطلاق بلدية القدس المحتلة اسم أم كلثوم على الشارع الذي كانت تقطن فيه تلك الفتاة، يرجع إلى أن سيدة الغناء العربي سبق أن دخلت ذلك الشارع لزيارة تلك الفتاة. والثابت أن أم كلثوم أحيت في ثلاثينات القرن الماضي حفلات غنائية عدة في القدس ويافا وحيفا وتل أبيب.
أم كلثوم وحفلات القدس
الموساد كان يريد معرفة من يدير ملف أم كلثوم في المخابرات العامة المصرية بعيدا عن التمويل، حيث إنها كانت تنقل الرسائل خارج مصر، وهناك الواقعة الشهيرة مع الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة في إطار حفلاتها كان الرئيس جمال عبدالناصر يعطيها رسائل للملوك والزعماء لأنه لم يكن يريد إرسال مبعوثين رسميين حتى لا ترصدهم الأجهزة الاستخباراتية الأخرى، ولهذا خصصت لها الدولة جواز سفر دبلوماسي.