حكاية "محافظة مصر" التي تحولت إلى القاهرة
الجمعة، 02 فبراير 2018 05:30 م
«أنا نازل مصر.. مسافر مصر.. ها جيب حاجة من مصر وراجع».. وغيرها من الجمل التي يتداولها أهل الريف كل مرة يهم أحدهم فيها للقدوم إلى العاصمة، فكثير من سكان المحافظات، ينظرون إلى القاهرة على أنها «مصر»، تلك المدينة المزدحمة العامرة بكل شيء، وكأنها تجسد مصر الدولة، ففيها الأطباء والهيئات الحكومية والوزارات والأماكن المدنية المتحضرة، وغيرها من مظاهر الترف والرفاهية بالنسبة لهم، كون مناطقهم التي أتوا منها تفتقد للكثير من هذه الخدمات.
قد يتصور البعض أن هذه الجمل- التي يتداولها عبر سنوات طويلة سكان الأقاليم، ليس لها أصل وأنها مجرد لقب أطلقه البعض اختصارا أو دليلا لتذكر المكان، لكن المهندس عاطف عبد الحميد محافظ القاهرة، كشف مؤخرا أن تلك المقولة كانت تنشر في الجريدة الرسمية قبل سنوات طويلة.
لفترات طويلة ظل الشكل الإداري الذي كانت عليه محافظات مصر غير معروف ومفقود، وهو ما دفع مسئولي محافظة القاهرة إلى البحث والتدقيق في أصل محافظة القاهرة، وماذا كان يطلق عليها قبل أن تسمى بهذا الاسم؟ فقد توقفت المعلومات الخاصة بمحافظة القاهرة منذ عام 1960م، أما قبل ذلك لا توجد معلومات واضحة عن أصل ومسمى عاصمة بلاد النيل.
«لا نعلم تاريخ محافظة القاهرة بالكامل.. رغم احتفالنا بعيدها القومي.. فأخر معلومات عن التقسيم الإداري وأسماء المحافظين للعاصمة بدأت في الظهور في 1960» يقول محافظ القاهرة الحالي عاطف عبد الحميد. ويضيف: «لابد من توثيق تاريخ العاصمة لأنها تستحق ذلك».
في سبيل ذلك، شكلت المحافظة لجنة لجمع المعلومات عن تاريخ القاهرة وتوثيق ذلك، للحفاظ على هذا التاريخ من الضياع، بحسب عبد الحميد، وخلال عملها توصلت إلى سر تسمية القاهرة، عاصمة البلاد، باسم «مصر»، كما لقبها الأجداد ويلقبها كثير من سكان الأقاليم.
يقول عبد الحميد: «اللجنة المكلفة بتوثيق تاريخ القاهرة، اكتشفت من خلال مراجعة الجريدة الرسمية، أن العاصمة كان يطلق عليها محافظة مصر، وهو ما يؤكد مقولة المصريين، لأن ذلك كان يطلق على اسم المحافظة، مشيرا إلى أن المحافظ كان يطلق عليه محافظ مصر».
الاكتشاف لم يكن مفاجأة للمهتمين بقراءة التاريخ، لكن البعض اعتبره أكبر دليل وبرهان، على أهمية العاصمة بالنسبة للمصريين، وأنها مقولة تحمل بين طياتها رسالة أنين واحتجاج على غياب كثير من الخدمات في مناطق سكنهم في محافظات مصر.