الجرافيتي.. ثورة الألوان على الجدران

الأحد، 28 يناير 2018 01:00 ص
الجرافيتي.. ثورة الألوان على الجدران
الجرافيتي.. ثورة الألوان على جدران مصر
إيمان محجوب

عشق فن الجرافيتي يدفع مبدعيه لمواصلة العمل ليلا ونهارا لنقش أحلامهم، وتسجيل رؤيتهم للأحداث والحياة السياسية، على جدران الشوارع المهمة، خاصة تلك التي كانت شاهدة على ثورتي مصر في 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، ليصنعوا من هذه الشوارع متاحف مفتوحةً لسجلات الثورة، ويلونون الخيال والأماني بألوان الحرية. 
 
 
هم فنانون يعارضون الظلم بألوان الطيف، ويحاربون الفقر بالريشة وأقلام الفحم، ويؤمنون بالحق والعدل والمساواة بين البشر، ويعبرون عن معتقداتهم من وجهة نظر العين، لجذب المشاهد الذي يمر في نفس الطريق الروتيني كل يوم، إنهم الزهورالمتفتحة، شباب مصر، ورسامي الجرافيتي، الذين جمعهم حب وطنهم، وأبهروا العالم بلوحاتهم، وإبداعاتهم، التي تختلف عن كل المدارس الفنية في العالم، فطبعوا عليها مصريتهم، وجعلوا الجرافيتي يتكلم مصري فمنحوه الطابع الساخر والباكي والضاحك، وهي التي يتميز بها الشعب المصري.
 
 
الجرافيتي (graffiti) هو الرسم على الجدران العامة أو الخاصة بطريقة فنية بكلمات مقصودة وعبارات مستهدفة وبتعبير حر، ورسومات متداخلة وساخرة ويعتبر فن الجرافيتي من الفنون الحديثة التي ظهرت نتيجة ظروف اقتصادية وسياسة معينة، حدثت في مدينة نيويورك الأمريكية في عام 1970م، حيث أراد عدد من فناني الطبقة الفقيرة في نيويورك لفت الأنظار إلى حالتهم الاقتصادية ووضعهم المأساوي، فاتجهوا إلى فن الجرافيتي، حيث أخذ مجموعة من الشباب الرسم والتلوين بعبارات تعبر عن وضعهم، وقاموا بالرسم على عربات القطارات في مترو الأنفاق.
 

حادث استاد بورسعيد

 

وعندما بدأت السلطات تنتبه إلى تفاقم هذه الرسوم وانتشارها قامت بقمعها ومهاجمتها ووضعت قوانين لمنع تتداول الألوان والأصباغ وضيقت الخناق علي هذه الفئة، انتقل هذا الفن من أمريكا إلى أوروبا، وانتشر في مصر بصورة كبيرة منذ عام 2011 أثناء ثورة 25 يناير، وحتى حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وصولا إلى ثورة 30 يونيو وحتى الآن.

استخدم الفنانون رسوماتهم الجرافتية، على جدران أكبر الميادين المصرية، في التعبير عن آراء الشباب ومشاكلهم وأحيانا السخرية من الأوضاع المعيشية والسياسية، واجتاحت مصر حركة فنية كبيرة في غالبية المحافظات، وأقيمت المهرجانات لإبداعات فناني الجرافيتي، وكان أهم الرسومات التي نقشوها على جدارن الميادين صور شهداء ثورة يناير، وسخرية من خطابات المعزول مرسي، وحملة  الغضب على الجدران، بسبب الحكم بالسجن على الراقصة الأرمينية صافينار بتهمة إهانة العلم المصري، وفي أعياد الهلوين، ووصول مصر إلى كأس العالم.

الفنان أحمد فتحي، الذي رسم بورتريه  لمحمد صلاح في شوارع عدة، بعد وصول مصر إلى كأس العالم، قال إن رسوماته استخدم فيها كلاسكيات فن الرسم على الجدارن مثل قدماء الفراعنة، من كتابة الحروف والأرقام بشكل تعبيري، مضيفا أنه قليلا ما يرسم موضوعات سياسية، مشيرا إلى أن البعض يعتبره عمل تخريبي، وتقوم بمحوه في بعض الأحيان بدعوى أن الرسوم تشوه الجدران.

 

جرافيتي صلاح
 
 
فنان الجرافيتي شادي رباب، الذي رسم لوحات كثيرة على جدران، محافظة سوهاج بجرافيتي «البهجة» كما يطلق عليه قال: «وظيفة الفن هي إسعاد البشر وإضفاء البهجة على حياتهم، وعن اعتبار الدولة فن الجرافيتي نوعا من أنواع التخريب، قال إن الفن هو أسلوب حياة، وتساءل: «هل من الممكن أن يكون الفن عمل تخريبي؟ هناك دول تقوم بتخصيص أماكن معينة له، كشوارع أو ميادين، تكون مثل معرض مفتوح لفناني الجرافيتي لأنهم فناني شوارع، ولابد أن ترى أعمالهم النور».
 
الفنان التشكيلى الكبيرأحمد الجنايني قال: «فن الجرافيتى هو جزء من الفن التشيكلى وهو يعبرعن الآراء السياسيه والاجتماعية، وبدا واضحا إبان ثورة يناير وكان تعبيراعن الثورة سواء بالتأييد أوالرفض، وجاء نتاج لثورة المثقفين لإرتباطه بشكل كبيربالفن الإعلامي أو التوجيهي لم يراع الشكل الجمالي وارتبط أيضا بالتوجيهات السياسية».
 
 

وأشارالجنايني، إلى أن الفن الجرافيتي، يندرج تحت قطاع الفنون التشكيليه بوزارة الثقافة والهيئة العامة لقصورالثقافة، والمجلس الأعلى للثقافة ونقابة الفنانيين التشكليين وقطاع الفنون التشكيلية، ولكن هناك بعض المشاكل التي تواجهنا كقطاع، منها عدم وجود أماكن العرض المناسبة لعرض أعمالنا، ولا يوجد دعم من قبل المؤسسات التي تتعلق بالفن التشكيلى، فنجد نقابه الفنانيين التشكليين ما هي إلا جسدا خاملا، لا يتحرك وأيضا لا يوجد دعم من وزارة الثقافة، سوى دعم بسيط كما أن أسعارالخامات مرتفعة، ويتم استيراد الخامات من الخارج، ويطلقون يد المستورد في تحديد أسعار الخامات دون رقابه ويتم استيراد المواد الخام من الخارج كألوان الأكربيك والألوان الزيته والأحباروالوتركلروالأوراق، وكل ذلك يتم استراده من فرنسا والصين وألمانيا وبالتالي ترتفع أسعارالخامات.

 

جرافيتي مرسي

 
الناقدة الدكتورة فينوس فؤاد قالت إن «فن الجرافتي هو في الأساس فن سياسي منذ بدايتة حتى تطوروأصبح له مدراس أخرى ، منها مزج الجرافيتي بالرسم الجداري وبمحاكاه الطبيعية وباستخدام الحروف والكلمات، موضحة أنه فن يستخدم لغة رمزية تفهم عن طريق النظر لها لأنه فن شارع في الأساس، لتوصيل رسالة معينه للشعب».

وعن استخدام الجرافيتي في تجميل الشوارع قالت إنه «بعد زوال حكم الإخوان، كتبت علي حوائط مصر عبارات خادشة للحياء، فقام رسامي الجرافيتي بحملة لتجميل حوائط مصر باستخدم الرسم الجرافيتي الممزوج مع الفن الجداري، ومحاكاة الطبيعة»، مشيرة إلى أن فن الجرافيتي كان له تأثير كبيرعلي الشباب المصري، الذي استخدمه لتحريك طاقتة بشكل إيجابي في الرسم والتعبيرعن أنفسهم وتوصيل رسائل عن طريق الجرافيتي ما جعلهم بعيدا عن اللجوء للعنف أو السلبية بل أصبح الجرافيتي أسلوب للتعبيرعن الرأي بشكل سلمي وحضاري.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق