في ذكرى وفاة الشافعي.. الشاعر الحكيم
السبت، 20 يناير 2018 12:00 محسن شرف
"دع الأيام تفعل ما تشاء.. وطب نفسا إذا حكم القضاء.. ولا تجزع لحادثة الليالي.. فما لحوادث الدنيا بقاء.. وكن رجلا على الأهوال جلدا.. وشيمتك السماحة والوفاء.. وإن كثرت عيوبك في البرايا.. وسرك أن يكون لها غطاء.. تستر بالسخاء فكل عيب.. يغطيه كما قيل السخاء.. ولا تر للأعادي قط ذلا.. فإن شماتة الأعدا بلاء". حاولت أن أقتبس في ذكرى وفاته بعضا من كلماته التي عاشت على مدار قرون من الزمان، ووجدت أن كل ما قاتله قد عاش.
الإمام الشافعي- هو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطّلبيّ القرشيّ (150-204هـ / 767-820م)، وهو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو إمام في علم التفسير وعلم الحديث.
عمل الإمام الشافعي قاضيا، فعرف بالعدل والذكاء، وإضافة إلى العلوم الدينية، كان فصيحا شاعرا، وراميا ماهرا، ورحّالا مسافرا.
ولد الشافعي بغزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمّه إلى مكة وعمره سنتان، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم في مكة حتى أذن له بالفتيا وهو فتى دون عشرين سنة.
هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلبا للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي).
عاد الإمام إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريبا، وأخذ يلقي دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدمها سنة 195 هـ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساس لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ.
وفي مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلّم طلاب العلم، حتى توفي في مصر سنة 204 هـ.
"نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزمانا عيب سوانا.. ونهجو ذا الزمان بغير ذنب.. ولو نطق الزمان لنا هجانا.. وليس الذئب يأكل لحم ذئب.. ويأكل بعضنا بعضا عيانا".
استطاع الشافعي بحكمته أن يعيش على مدار قرون، وكأنه يعيش بيننا، حيث تنطبق أشعاره وحكمه على واقعنا في القرن الحادي والعشرين.