وراء كل مثل قصة وحكاية.. "آخر خدمة الغز علقة"
الخميس، 18 يناير 2018 01:00 م
تحمل الأمثال الشعبية بين ثناياها أكثر من مجرد حكايات اجتماعية حدثت وانتهت في العصور القديمة، فعلى قدر ما توثقه من قصص يومية لأسلافنا وأجدادنا القدامى، توثق أيضًا قصص تاريخية، طافت وجالت تفاصيلها عبر الزمن، حتي رست في زمننا هذا بـ"حكمة" تداولت على ألسن جميع الشعوب العربية.
ترصد "صوت الأمة" جميع القصص وراء هذه الأمثال الشعبية، وفي السطور التالية نتناول قصة إحداهما الذي حاز على شهرة واسعة، وهو "آخر خدمة الغز علقة"، والذي تردد على ألسنة الكثيرون خلال أحاديثهم، ولكن قليلون من يعلم في أى مناسبة خلق هذا المثل.
هذا المثل الشعبي له دلالة وعلامة على "نكران الجميل"، وبالإضافة لذلك سلوك الأناس التي تقابل عمل الخير بـ"الشر"، قصة هذا المثل "تاريخية" أكثر من كونها قصة اجتماعية من قديم الزمن، فكلمة "الغز" هي لفظ عامي مصري اشتقه المصريون من لفظ الغزاة، وهم ما يقصد بهم "المماليك".
تعود قصة هذا المثل إلى عصر المماليك، الذين كانوا لا يستعمرون قرية من قري البلاد إلا وعاثوا فيها فسادًا وحل الخراب والهلاك على أهلها بسبب ما يفعلون، فكانوا يتحاملون بشكل كبير على أهل القرى جميعًا سواء نساء أو رجال او شيوخ كبار السن، ولم يسلم منهم الأطفال صغار السن.
كان "المماليك" إذا دخلوا قرية نهبوها وأخرجوا أهلها للعمل لديهم وخدمتهم بالسخرة دون مقابل، وبجانب كل هذه الأفعال المشينة يسرقوهم وينهبون خيراتهم ويأخذون أموال الغلابة والفلاحين، ويأخذون الغلال عنوة من أصحابها، ويجبرون بقية أهل البلد على العمل لديهم بالقهر ودون أجر ويعاملوهم بشكل سىء للغاية.
عندما يفرغ "المماليك" من أفعالهم والهلاك والخراب، الذين يتسببون به لأهالى القرية بأجمعها، ويصبحوا في حالة تأكد أن لا يوجد هناك شئ أخر لم يستولوا عليه من هذه القرية، وأن لا يوجد أى خير آخر من وراءها يمكن أن ينهبوه، كانوا يهموا بالرحيل منها، ولكن "المماليك" لا تخرج بطريقة عادية أو طبيعية من هؤلاء القرى وإنما يختتمون أفعالهم المشينة، ويقوموا بضرب الرجال العاملين معهم كنوع من التجبر وفرض السطوة، فصار المصريون من يومها يقولون "آخرة خدمة الغُز علقة".