كبسولة قانونية..كيف أصبح تشريع المواريث أنياب للحفاظ على صلة الأرحام؟

الثلاثاء، 09 يناير 2018 03:00 م
كبسولة قانونية..كيف أصبح تشريع المواريث أنياب للحفاظ على صلة الأرحام؟
المستشار نبيل صادق النائب العام-صورة أرشيفية
علاء رضوان

حفاظًا على صلة الأرحام ومنع الجرائم بين الأقارب"، أصدرت النيابة العامة تعليمات البدء فى تطبيق العقوبات الواردة بتعديلات قانون الميراث بالحبس، لمن يمتنع عن إعطاء وارث ميراثه الشرعي، وذلك عقب مرور 70 سنة على إصدار القانون رقم 77 لسنة 1943، بشأن المواريث والذي نشر في الجريدة الرسمية ، وعلى الرغم من احتوائه علي 48 مادة إلا أنه كان ينقصه شيء مهم جدًا ألا وهو "باب العقوبات" في حالة الامتناع عن تسليم الإرث لمستحقيه.  

وفى هذا الصدد، يقول، المحامى والخبير القانونى أحمد محمد الأسيوطى، أنه رغم مرور تلك الفترة الطويلة على صدور القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث والذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 8/12/1943، إلا أنه شابه قصور شديد أضاع الكثير من الحقوق أمتد لأكثر من سبعون عامًا إلا أن المشرع المصري وبعد كل هذه السنوات الكثيرة تيقن لهذا الأمر.

وأضاف "الأسيوطى" فى تصريح لـ"صوت الأمة" أن بتعديل هذا القانون الذي حمل رقم 219 لسنة 2017 وتم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 30/12/2017 العدد 52 مكرر (أ)، أصبح واجب النفاذ وساري العمل به، مذكرًا بأبرز ما جاء في هذا التعديل التشريعي .

أولًا: حدد التعديل القانوني عقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من امتنع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، أو حجب سنداً يؤكد نصيباً لوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين، حيث يجوز الحكم بالحبس مع الغرامة أو الحكم بالغرامة سالفة الذكر فقط بدون الحبس وهي سلطة مطلقة منحها المشرع للقاضي يقضي بأيهما كما يترأي له من وقائع وملابسات الدعوي.

ثانيًا: اعتبر القانون فى حالة العود لارتكاب نفس الحريمة تكون العقوبة الحبس لا تقل مدته عن سنة.

ثالثا: أجاز القانون الصلح فى الجرائم المنصوص عليها فى المادة (49) " والمضافة بالتعديل الأخير " فى أى حالة تكون عليها الدعوى ولو بعد صيرورة الحكم باتاً، ولكل من المجنى عليه أو وكيله الخاص، ولورثته أو وكيلهم الخاص ، وكذلك المتهم أو المحكوم عليه أو وكيلهما الخاص، إثبات الصلح فى هذه الجرائم أمام النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال.

رابعًا: يترتب على الصلح انقضاء الدعوي الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها، ولا يكون للصلح أثر على حقوق المضرور من الجريمة.    

من جانبه قال المحامى والخبير القانونى أحمد عبد القادر: "أنه بالنسبة للتعليق علي القانون رقم 219 لسنة 2017، فإن قانون بلا عقوبات كأسد بلا أنياب (فالعقاب هو الذي يوفر عنصر الردع لكل من تسول له نفسه مخالفة أحكام القانون)، وبالنظر للقانون رقم 77 لسنة 1943 والخاص بالمواريث نجد أن هذا القانون هو قانون تنظيمي ينظم طرق توزيع الأنصبة الشرعية بين مستحقيها دون أن ينص فيه علي أية عقوبات حال مخالفة نصوصه، الأمر الذي وجهت معه سهام النقد إلي هذا القانون وقد أصابت ظاهرة باتت متفشية في المجتمع المصري وهي حجب الميراث عن بعض مستحقيه بحجة أن المستحقين لا يستحقن تلك الأموال، طارحًا مثال على ذلك: "نري في بعض قري صعيد مصر "أن الإناث لا ميراث لهم بحجة عدم تمتع أزواجهم بأموال لم يتعبوا فيها".

وأضاف "عبد القادر" في تصريح خاص أن هناك قلة يملأ الجشع قلوبهم تتربص بباقي مستحقي التركة وباتوا يدبروا الخطط حتى يحجبوا الميراث عن المستحقين، حتى وصل الحال إلي نزول أحد الأشخاص مع مورثه ليسرق منه بصمته علي الأوراق لبيع ممتلكاته لصالحه والكثير من الحكايات التي تنذر بوجود ظاهرة اجتماعية يجب الحد منها.

وأشار الخبير القانوني إلى أن أفضل ما فعله المشرع عندما تعرض لهذه المشكلة وأصدر القانون رقم 2019 لسنة 2017 والذي أعاد الأمور إلي نصابها حيث نص هذا القانون علي أن (يضاف إلي القانون رقم 77 لسنة 1943 بشان المواريث باب تاسع بعنوان "العقوبات" يتضمن مادة جديدة برقم 49 نصها الآتي: مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر، يعاقب الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه لا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بأحدي هاتين العقوبتين، كل من أمتنع عمدا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من  الميراث، أو حجب سندا يؤكد نصيبا لوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين، وتكون العقوبة في حالة العود الحبس الذي لا تقل مدته عن سنه، ويجوز الصلح في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة في أي حالة تكون عليها الدعوى ولو بعد صيرورة الحكم بات، ولكل من المجني عليه أو وكيله الخاص، ولورثته، أو وكيلهم الخاص، وكذلك للمتهم أو المحكوم عليه أو وكيلهما الخاص، أثبات الصلح في هذه الجرائم أمام النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال ويترتب علي الصلح انقضاء الدعوة الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها، ولا يكون المصلح أثر علي حقوق المضرور من الجريمة.

وأوضح من جماع هذا النص يتبين لنا أن المشرع قد عالج القصور الموجود في القانون رقم 7 لسنة 1943 بأن أعطي له القوة الإلزامية التي تشعر كل من تسل له نفسه الحجب أو الامتناع عن تسليم الميراث أنه سيقع تحت طائلة القانون، فقد قرر المشرع فرض عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبالغرامة التي تقع بين الحدين عشرين ألف ومائة ألف وأعطي الحرية للقاضي في أن يفرض عقوبة الحبس أو الغرامة أو أن يوقعهم معا علي المتهم.

وقررالمشرع أن الجرائم المعاقب عليها كالتالى

أولاَ: جريمة الامتناع العمد عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث ومفاد هذه الجريمة وركنها الأساسي هو توافر القصد الجنائي للمتهم بحيث يكون قاصد منع الوريث من استحقاق نصيبه .

ثانياَ: جريمة حجب السندات التي تؤكد نصيب الورثة كاحتجاز عقود ملكية المورث وخلافة .

ثالثاَ: جريمة الامتناع عن تسليم المستندات الدالة على استحقاق الميراث وفى هذه الجريمة قد اشترط المشرع قبل تحريك الدعوى الجنائية أن يكون الوريث قد طالب من تحت يده المستند وامتنع عن تسليمه ويتحقق الطلب والعلم اليقيني هنا إما بتوجيه إنذار رسمي على يد محضر، أو بخطاب مسجل بعلم الوصول..كما أنه في حالة العود تغلظ عقوبة الحبس بحيث لا تقل عن سنة.

وقد راعى المشرع أن تلك النوعية من الجرائم تقع بين الأقارب وبين الأصول والفروع لذلك وحفاظاَ على صلة الرحم وخير ما فعل المشرع بأن أجاز التصالح عن هذه الجرائم في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجنائية وحتى أن أصبح الحكم باتاَ، فإنه يجوز التصالح عنه، وفى ذلك يقضى في الدعوى الجنائية بانقضائها بالتصالح وحتى وأن نفذ الحكم جاز التصالح فيه ويرجع ذلك التساهل إلى طبيعة تلك الجرائم.

  

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق