الدولة العثمانية كانت ديكتاتورية.. هكذا انتقم أجداد أردوغان من المصريين
الإثنين، 01 يناير 2018 02:14 م
الكثير من المشاهد والأحداث التي شهدتها مصر خلال الغزو العثماني بالقرن السادس عشر، دونها المؤرخ المصري محمد بن إياس الحنفي في كتابه الشهير "بدائع الزهور في وقائع الدهور"، حيث كان الكاتب الذي توفي بعد ستة سنوات من سيطرة الأتراك على القاهرة، من ابرز الموثقين لهذه الفترة التي شهدت بحسبه جرائم و بطش وقمع فاق ما قامت به الغزوات الأخرى، حيث كان آل عثمان يرغبون في نقل الخلافة الإسلامية من مصر إلى اسطنبول بذريعة الدفاع عن الإسلام، ولكن كان الهدف الأسمى تقليل نفوذ القاهرة لتكون تابعة للدولة العثمانية.
وقبل عام 1517 ميلاديا 923 هجريا كانت القاهرة عاصمة الخلافة الإسلامية، وكان يحكمها المماليك، التي امتدت دولتهم إلى حدود آسيا الصغرى، مسيطرة على الشام، لتنتهي هذه الخلافة بقدوم العثمانيون إلي مصر ونقل الحاكم المملوكي في ذلك الوقت عنوة إلى اسطنبول ليتنازل عنها لسليم الأول الإمبراطور التركي.
ووصف المؤرخ المصري ابن إياس في كتابه فترة حكم العثمانيين على مصر بما فعله جند هولاكو من جرائم في بغداد، قائلًا : «أنه لم يقاس أهل مصر شدة مثل هذه.. وقع فيها مثل ما وقع من جند هولاكو فى بغداد" وفى موضع آخر من الكتاب أنه «وقع في القاهرة المصيبة العظمى التي لم يسمع بمثلها فيما تقدم»، و«من حين فتح عمرو بن العاص مصر لم يقع لأهلها شدة أعظم من هذه الشدة قط» هكذا يصف المؤرخ يوم دخول الأتراك العثمانيين أو ما يصفهم بـ «العثمانية» إلى مصر بقيادة سليم خان.
لم يخف بن إياس الذي عاش وقائع دخول القوات العثمانية في مصر من بطش الأتراك في تلك الفترة وسجل شهادته عما رآه من وقائع كانت صعبة منحازًا للحقيقة، وصلت لاقتحام الأزهر الشريف ومسجد ابن طولون وجامع الحاكم، وإحراق جامع شيخو، كما أنهم خربوا ضريح السيدة نفسية وداسوا على قبرها، كل هذا شهده المؤرخ المصري ورواه في كتابه.
وتوصيفًا لما شهدته مصر في تلك الفترة من مشاكل وضعف وتبعية أكد بن إياس: "من العجائب أن مصر صارت بعد ذلك نيابة بعد أن كان سلطان مصر من أعظم السلاطين في سائر البلاد قاطبة لأنه خادم الحرمين الشريفين وحاوى ملك مصر الذي افتخر به فرعون اللعين"، مؤكدًا أن " ابن عثمان انتهك حرمة مصر وما خرج منها حتى غنم أموالهم وقتل أبطالها ويتم أطفالها وأسر رجالها وبدد أحوالها".
وروي بن إياس فى أحدى أجزاء كتابه أن "سليم خان، الإمبراطور التركي، الذى اقتحم القاهرة، كان رجلا سيئ الخلق سفاكا للدماء شديد الغضب، ناقلًا عنه أحدى مقولاته التي أكد فيها: "إذا دخلت مصر أحرق بيوتها قاطبة وألعب فى أهلها بالسيف"
ولم يظهر من آل عثمان ومن قواته العسكرية ما يدل على دفاعهم عن الدين الإسلامي، فالعساكر العثمانيون كما يصفهم ابن إياس كان عندهم "قلة دين يجاهرون بشرب الخمور في الأسواق بين الناس، ولما جاء عليهم شهر رمضان فكان غالبهم لا يصوم ولا يصلى في الجوامع ولا صلاة الجمعة إلا قليل منهم، ولم يكن عندهم أدب ولا حشمة"
وأكد بن إياس الظلم الذي وقع وأصاب المصريين من العثمانيين حيث وصل الأمر إلى سقوط 10 آلاف من عوام المصريين قتلى في يوم واحد، وحسب وصف ابن إياس لهذا اليوم المشئوم "فالعثمانية طفشت في العوام والغلمان والزعر ولعبوا فيهم بالسيف وراح الصالح بالطالح، وربما عوقب من لا جنى، فصارت جثثهم مرمية على الطرقات من باب زويلة .. ولولا لطف الله لكان لعب السيف في أهل مصر قاطبة"
وحسب ما ورد في كتاب بدائع الزهور قال بن إياس: "إنها في يوم اضطربت أحوال القاهرة، وصارت أرباب الإدراك (الدرك) تقف على أبواب المدينة ويمسكون الناس من رئيس ووضيع ويضعونهم في الحبال حتى من يلوح لهم من القضاة والشهود، وما يعلم ما يصنع بهم، فلما طلعوا بهم إلى القلعة أسفرت تلك الوقعة على أنهم جمعوا الناس حتى يسحبوا المكاحل النحاس الكبار التي كانت بالقلعة، وينزلوا بها إلى شاطئ البحر .. وحصل لهم بهدلة من الضرب والسك وخطف العمائم..ربطوا الرجال بالحبال في رقابهم ويسوقونهم بالضرب الشديد على ظهورهم"