الأمم المتحدة.. والانهيار الحتمي
السبت، 30 ديسمبر 2017 01:58 م
الكلمة التي يتغير من أجلها العالم ما بقول بشر وكلمات السلام والأمن والرخاء أنشودة وأيقونة الأمم المتحدة التي تغنت بها لإنقاذ الأجيال من ويلات الحروب إن هي إلا قول البشر، بها رسم السياسيون والمفكرون صورة مزيفة الملامح والتفاصيل لنظام عالمي جديد مليء بالتناقضات فلا سلام كما تمنينا ولا أمن كما توهمنا ولا رخاء كما رجونا، وشتان أن يكون المرء سياسيًا أو دبلوماسيًا أو قانونيًا فكل يؤوّل العالم علي طريقته وبعضهم أعطى قدسية مزعومة لمبادئ هذه المنظمة وفقا لمنظوره الخاص على الرغم أنها تدور حول الحقيقة ولا تواجهها تلك هي القيم العالمية! التي خذلت العرب والمسلمين في معظم الظروف والمواقع والمواقف وجعلت من أحلامهم بالأمس كوابيس اليوم حين أدركوا بضمائرهم ومشاعرهم وأحلامهم ومخاوفهم أن الاستقلال من الاستعمار لم يمنعهم من الوقوع في فخ الإمبريالية الأمريكية الساعية للسيطرة على العالم بتفصيل نظام عالمي جديد يخدم المصالح لا ليخدم الحقائق.
إن مجلس الأمن ذلك الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة يمثل الجمود والجفوة في حل الأزمات الدولية تلك الأزمات هي شاهد إثبات على هذا الإخفاق فهو جهاز استعصى على التوجيه أو المتابعة أو السؤال أو المساءلة! وإذا كانت عصبة الأمم فشلت في المحافظة على السلم والأمن بقيام الحرب العالمية الثانية فهل تحتاج الأمم المتحدة إلى حرب عالمية ثالثة حتى تلقى نفس المصير! فالحروب والآلام لم تتوقف والضحايا بالملايين في البوسنة والهرسك وفي أفغانستان وكشمير وبورما وفي العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن وفلسطين ومصر وهي حروب تعد جزء من صراع شامل اشتد ضراوة تحت مظلة الأمم المتحدة منذ عام 1945 وحتى الآن فعمت الفوضى والفقر في هذا العالم في ظل صراع البترول وصراع اليورو والدولار والجنيه والريال وحروب الجيل الرابع.
وفي آخر الرواية وتحت رعاية مجلس الأمن ينادى بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل ليطبع الماضي بألمه صورته على الحاضر وفي مشهد يدعو للسخرية تنعق سفيرة ترامب وتستخدم حق الفيتو لتعطيل مشروع القرار المصري ردًا على قرار ترامب بتهويد القدس ثم تنال هزيمة سياسية في الجمعية العامة ورغم ذلك فمن الطريف أن نتساءل هل قرارات الجمعية العامة ملزمة لأمريكا أم لا؟! هذه إجابة أظنها لا تفيد كثيرًا لأن ترامب قد أزال المكياج القانوني الذي أُعطى لهذه المنظمة زهوًا وبريقًا على مدى عقود لتقف بوجهها القبيح بلا غطاء أخلاقي أو شرعي أو قانوني خاصة بعدما وصل الأمر إلى حد البلطجة والتهديد والوعيد لمن يصوت بإدانة قراره في الجمعية العامة قائلا: "اننا نراقبكم".
هذه دلائل تعجل بالانهيار الحتمي لهذه المنظمة لأن الشعوب العربية والإسلامية لم ترد أن تسمع أحلامًا أو أوهامًا وحديث الرموز والإشارات بينها وبين الشعوب الحرة في هذا العالم قد تجاوز حد الهمس إلى التصريح وبإلحاح للبحث عن بديل يرسى قيم العدل والمساواة بين الشعوب - وإن كان الحلم صعبًا فليس العالم كيانًا سياسيًا بل كون متعدد السياسات - يعزز من ذلك اتساع الفجوة بين ما يقال وبين الواقع الذي نعيشه فإذا تعلق الأمر بمصالح الدول الكبرى فلا نهاية للكلام أو الفعل وإذا تعلق الأمر بمصالح الدول الفقيرة فلا نهاية للصمت أو اللا فعل هذه مؤشرات تنبئ عن اقتراب الساعة الأخيرة لهذه المنظمة فهي من أفعال الماضي الذي يجب أن لا يكون له مستقبل.