أسطورة مقام "سيدى الأربعين" بين الانتقام والتبول

الجمعة، 29 ديسمبر 2017 09:00 م
أسطورة مقام "سيدى الأربعين" بين الانتقام والتبول
مقام سيدى الاربعين بالسويس
رامى سعيد

التبرك بالأضرحة ظاهرة تخص المصرين والعرب فقط ، حديث طويل أحدث جدل تاريخى ودينى لكنه ظل طقس لا ينتهى بين أوساط البسطاء من المصريين، وتحتل مقامات الأسياد لأولياء الله الصالحين، مكانة خاصة فى نفوسهم ، البعض يتبارك بها والأخريقدم لهم النذور، ويطالبون منهم الشفاعة عما تقدموا به من ذنب، أو يقصدونهم بهدف مساعدتهم في تجاوز المحن والأزمات التى يمرون بها،  فلا يعرف على وجهة التحديد من الناحية التاريخية، متى تعلق قلوب المصريين بالأضرحة والأولياء، إلا أن الراجح فى هذا الصدد أن تلك الممارسات العقائدية قد زادت بشكل ملحوظ خلال فترة حكم الدولة الفاطمية التى كانت تُجل آل البيت ، بين حقيقة المقامات الخاصة بالأسماء، حكايات ورويات حول سبب إقامة كل ضريح ، منها بينهم من هو صالح وآخر طالح، وهناك بعض المقامات، لا يوجد سند واحد تاريخي عليها، مثل مقام "سيدي الأربعين" الذي اختلف بشأنه الأقاويل.

ويقول عنه أحمد أمين، صاحب موسوعة قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية الصادر عام 1953،"عند المصريين شيخ مشهور يسمى سيدى الاربعين. يدعون أن له أربعين مقبرة كناية عن الكثرة، وليس المراد بها العدد المخصوص، والسبب أن صاحب بيت إذا وجد وجد ناس " يبولون" فى ركن من أركان بيته أوحارته فمنعهم فلم يقبلوا، احتال بين ليلة وضحاها فأدعى أن هذا المكان هو سيدى الأربعين وبني ضريحًا صغيرًا، وأدعي أن فيه شيخًا فامتنع الناس عن البول فى هذا المكان ولذلك تراه كثيرًا فى أركان القاهرة".

فيما قدم الأديب والمؤرخ جمال الغيطاني، تفسيرًا مغايرًا، عما تقدمه به أحمد أمين، حيث أرجع انتشار أضرحة سيدى الاربعين إلى أسطورة إيزيس وأوزوريس الشهيرة، في قصة مازالت حية نابضة، ففي الملحمة الخالدة قام "ست" بتقطيع جسد أوزوريس ووزعته على أقاليم مصر"أربعين"، حتى لا تتمكن زوجته إيزيس من إعادة الحياة إليه، وصارت كل ناحية تفخر بأن فيها جزءا من القطع الأربعين لأوزوريس،  الذي صار إلها للحياة الآخرة عند المصريين القدماء، وانتشرت عبادته ضمن الثالوث الشهير"إيزيس وأوزوريس وحورس" في ربوع مصر، بل ووصل تقديس الأم "إيزيس" إلى بلاد أثيوبيا والسودان تلك التى ارتبطت بها كثير من الطرق الصوفية ومازالت الرحلات الصوفية المتبادلة بين مصر وأفريقيا حتى الآن خصوصا على مستوى علاقات الطرق الصوفية الشعبية.

وتتشابه واقعة سيدى الاربعين، بما كان يجري فى العراق، حسب شهادة الدكتور على الوردي عالم الاجتماع العراقى فى كتابة " الأحلام بين الحلم والعقيدة الذي أرجع وجود كثير من الأضرحة، إلى احتيال بعض العراقيين على الناس بخدعة رؤية مقام في المنام، الذي يكون الشخص قد رتبت دفن شخص غير معروف فى تلك البقعة.

ويروى الوردي فى كتابه قصة مفادها " أن احد المشعوذين الذين يتظاهرون بالزهد والتقوي ذهب فى الظلام إلى قبر صبى كان قد دفن حديثًا فنبشه وأخرج جثة الصبي منه ودفنه فى موضع آخر، ثم أعلن بعد ذلك أنه رأى فى المنام عمر بن الخطاب وعلى ابن أبى طالب وقالا له: إن فى هذا الموضع صبيًا من أولاد أمير المؤمنين على ابن أبى طالب، واجتمع الناس حول الموضع فحفروه ووجدوا الصبي فيه.. وأخذوا يتقاسمون كفنه للبركة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة