"أكذوبة مقاعد ذوي الإعاقة".. معاناة أصم في قطارات الحكومة
الخميس، 28 ديسمبر 2017 10:00 صآية دعبس
"في تلك المرة لن أترك لهم حقي، أبدا لن أسمح لهم بتكرار إهانتي أمام الجميع، وسأجلس أمامهم جميعا".. كان ذلك حديث بين "رامز" و"رامز"، ليس لأخذ تار قديم، بل لاقتناص حق في مقعد خصصته الحكومة في القطارات والمترو للأشخاص من ذوي الإعاقة فقط، من بين أنياب معتادي انتهاك حقوق غيرهم.
في الخامسة فجرا، استعد رامز عباس 32 عاما، أصم ناطق، للتوجه إلى مقر المجلس القومي للإعاقة، حيث يعمل فني صيانة، وكعادته كل يوم اتجه إلى شباك التذاكر بمحطة قطار المحلة الكبرى، باحثا عن ذلك المخصص من بينهم لذوي الإعاقة وكبار السن، فكان ترتيبه في طابور ذلك الشباك الـ20، وأثناء اعتراضه على وجود أشخاص أصحاء بينهم، صاح به الجميع، مطالبينه بالصمت، نظرا لأن "الطابور بيخلص بسرعة".
حصل رامز على نصف تذكرة، ولم يجد إلا مساحة من أرض القطار ليفترشها حتى يصل إلى القاهرة، فقد ازدحم الباب أكثر مما اعتاد عليه، ولم يعد هناك متسعا له على أطرافه، لم يعفيه ذلك من التعليقات السيئة من المحيطين به نظرا لطوله، وطبيعة جسده الضخم- قليلا- ووسط قدرته على النطق بعد قراءة شفاه المحيطين به، كان يحول ذلك القطار إلى حلقة للمصارعة.
مع تكرار ذلك، أصيب رامز بتعب شديد في عظام ظهره، وبعد زيارته لعيادة التأمين الصحي، بدأ في البحث عن حق الـ5% في المواصلات العامة، وشعر براحة نفسية قليلا وقتها، وصاح ضاحكا "وجدتها"، فلن يعاني مجددا، فالحكومة تعلم تماما احتياجات ذوي الإعاقة وتهتم بتلبيتها لهم، وخصصت مقاعد لهم بالقطارات والمترو.
في صباح اليوم التالي، وقف رامز على باب القطار، ينظر داخله بتركيز محاولا الوصول إلى مقاعد ذوي الإعاقة، وحين وجد ضالته، لم يتردد في التوجه لها، وطالب الأشخاص الجالسين عليها بإخلائها، موضحا أنه من ذوي الإعاقة، ومع استهزائهم منه، أبرز لهم كارنيه الإعاقة الخاص به، فلم تنتهي بعدها التعليقات "معاق إيه؟ مانت تخين وزي الطور أهو، سيبك من كارنيه العجزه ده".
صُدم رامز، وعاد للجلوس على الأرض الأكثر وفاء له ممن قللوا منه وإعاقته، ونزل إلى رصيف 11 بمحطة مصر، متوجها إلى محطة مترو الشهداء، دخل المترو، ليعيد القصة نفسها التي مر بها في القطار، فما كان منه إلا أنه قرر التقدم بشكوى لرئيس الهيئة القومية لسكك حديد مصر، عله يدرك مشكلته، ويلزم العاملين بالهيئة بتنفيذها.
قال رامز عباس، لـ"صوت الأمة"، إن مصر تلتزم بتطبيق الإتفاقية الدولية للأشخاص من ذوي الإعاقة، والتى بناء عليها يتم وضع لافتة "مقاعد ذوي الاحتياجات الخاصة"، مصحوبة برسوم توضيحية لرموز الإعاقة الخمسة، طبقا لنص المادة 81 بالدستور، مطالبا وزارة النقل وهيئة السكك الحديدية، بالإلتزام بتغيير اللافتات ووضع كلمة "غرامة"، للحد من حالا التعدي على مقاعد ذوي الإعاقة، وإخلاء شباك ذوي الإعاقة والمرأة من الركاب الأصحاء، وتيسير راحة المواطن ذوي الإعاقة وسهولة وسرعة حصوله على التذكرة دون زحام.
وأضاف: "قصتي ليست في تلك الحواس التي فقدها ذوي الإعاقة، فأصبحنا في تعداد من يتاجر بهم المجتمع، لأنهم مصنفون بأنهم معاقين، قصتي هي قضية متداولة منذ بدء الخليقة، ألا وهي الاعتداء على حق الغير، وفي ذلك الاستحقاق الذي تم تحديد للأشخاص أصحاب الحواس المفقودة والمصنفون، استحقاق إنساني مراعي لخصوصية الحاسة المفقودة لعله يمنحنها شعورًا بالإنتصار".
رامز عباس