تزايد الظاهرة ناقوس يدق الخطر..
"زواج القاصرات" جريمة اغتصاب بإيصال أمانة على بياض.. والشرقية في المركز الثالث
الأحد، 24 ديسمبر 2017 08:00 ص
عيد عادل أحد أبناء الشرقية، رفض ذكر بياناته بالتفصيل لحساسية القضية، قال: ابنة أختي تزوجت في الخامسة عشرة من عمرها، وتم تزويجها بإيصال أمانة على بياض، حتى تبلغ البنت سن العقد الرسمي، ومن ثم يتم إعطاء الزوج إيصال اﻷمانة، وهذه الفكرة باتت شيئا متعارفا عليه ومنتشرة بصورة كبيرة جدا، فغالبية الزيجات التي تتم بهذا الشكل تفشل.
يروي عيد تجربته مع إبنة شقيقته فيقول: كان زوجها دائم الضرب لها، يهينها ﻷتفه اﻷسباب، وتدخلنا عدة مرات للصلح ولكن ﻻشئ يجدي، فقد كان يكبرها بـ17 عاما أويزيد، وﻻ مجال للتفاهم، وبالرغم من عدم موافقتي علي زواجها من البداية، إلا أن شقيقتي أصرت، لأن زواج الصغيرات هو السائد في القرية، نظرا للحالة ااقتصادية السيئة والتغيرات ااجتماعية التي طرأت على مجتمعنا في اﻵونة اﻷخيرة.
واستطرد قائلا: رفضت إعطاءه إيصال اﻷمانة بعد أن تم العقد، ولكني تراجعت سريعا، لأن اﻹيصال لم يمنعه من ضربها أو سوء معاملتها، وفي النهاية أعطيته له، وهي تعيش يوما في بيتها و10 عند أهلها، لكثرة المشاحنات، وﻷن فكرة الطلاق باتت فرصتها معدومه بسبب إنجابها لطفلين.
إنعام محمد علي عضوالمجلس القومي للمرأة قالت لـ"صوت الأمة" إن الشرقية تحتل المرتبة الثالثة في زواج القاصرات من بين محافظات مصر، وأضافت أن ظاهرة زواج القاصرات زادت بشكل ملفت في السنوات اﻷخيرة نتيجة التغييرات اﻹقتصادية واﻷزمات الطاحنة التي عصفت بالبيوت نتيجة لذلك، وأشارت إلي أن القومي للمرأة يحاول من خلال الندوات التثقيفية التي يعقدها في القري والنجوع إلى التوعية بمخاطرالزواج المبكرسواء من الناحية الصحية أوااجتماعية.
وتحكي عضو القومي للمرأة عن تجربة صادفتها قائلة :"شاهدت فتاة عمرها 14 عاما ، تستعد للزفاف ، عند أحد مصففي الشعر فإستفذني ذلك جدا وحادثت والدتها وأخبرتها أنها تلقي بإبنتها في غياهب المجهول ، ولكن قد فات آوان ذلك فالعروس تستعد للزفاف، ووجهت إنعام ، رسالة للإعلام بأن عليه دورا كبيرا في التوعيه، كما أثنت علي مسلسل القاصرات الذي فجر تلك القضية، وتأمل أن يكون مشروع القانون الجديد الذي يشدد العقوبات علي اﻷب والمأذون وكل من يشارك في جريمة زواج القاصرات.
هناك قرى تابعة لمركزي فاقوس والحسينية وكفر وأوﻻد صقر، يكثرفيها زواج القاصرات، بل وأصبحت بعض المدن تنتهج ذلك النهج الخاطئ، والفتيات الصغيرات بعضهن يعملن في المصانع بالمناطق الصناعية، والبعض اﻵخرفي جني الثمارالموسمية، وكثيرات منهن يعملن بمصانع اﻹستثمار.
"رضا.ح" فتاه لم تبلغ الـ15عشرعاما تقول :"ولدت في أسرة فقيرة ، حظها من التعليم قليل، كنت الثالثة بين 5 شقيقات، 3 منهن تزوجن في سن ال14 عشر ولم يحصلن علي قدرمن التعليم ، ثلاثتهن خرجن وهن مازلن في الصف الخامس اﻹبتدائي، أما أنا فلم أهتم بأمرالتعليم كثيرا، فلقد نشأت علي فكرة العمل من أجل توفير جهاز العروسة، وهكذا كن شقيقاتي، يعملن في الحقول في مواسم الحصاد وفي غيرها يتجهن إلي المصانع، وباﻷخيرمايحصلن عليه من نقود يذهبن به إلي المحلات لشراء اﻷواني واﻷكواب وغيرها.
وأردفت قائلة: "أمي هي التي زرعت في عقولنا منذ نعومة أظافرنا، أن" زواج البنت سترة"، وأن البنات ﻻ طموح لديهن سوي الزوج والأبناء ومراعاة شؤون المنزل.
وتحكي عن تجربة شقيقتها الكبري التي تزوجت ولم تتجاوز الـ15 عشر من عمرها وكيف أنها تعرضت ﻷبشع أنواع الظلم علي يد حماتها، فتقول تزوجت أختي في محافظة آخري وكانت مازالت صغيرة السن ولكنها كانت تجيد فقط شؤون المنزل كما تعلمنا، وكانت تجهل كيف تواجه سوء معاملة حماتها بشئ من السياسية، فكانت تضربها حتي أنها ذات يوم عانت من آﻻم مبرحه باﻷذن نتيجة ضربها بقوة عليها، وظلت علي تلك الحالة أسبوعا كاملا، وبعد أن منت عليها حماتها بالذهاب للطبيب، أخبرها أنها فقدت السمع بها.
وأردفت أن شقيقتها تعرضت لما هو أبشع من ذلك، فقد كان زوجها يعمل في بلد آخر وﻻ يأتي إلا كل 20 يوما، وهي تعيش مع حماتها وشقيقه وطفل بالعاشرة من عمره وذات ليلة إستيقظ أبي علي صوت الهاتف فجرا، وإستبدل ثيابه وأخذ أمي وذهبا ، ولم يخبرنا بما حدث ولكن بعدها علمنا أن شقيق زوج اختي تسلل لغرفتها ليلا وحاول اﻹعتداء عليها، وهربت إلي حيث تنام حماتها لتخبرها فردت عليها ببرود إن أخبرتي زوجك فسوف أقول له أنتي من قمتي بغوايته وإنظري من يصدق فينا أمه أم أنت؟ ! وذهب أبي وأحضرها وكان الطلاق وطفله لم تبلغ العام، وهي اﻵن تعيش لتربي ابنتها، وتقسم ﻷبي إن أجبرها علي الزواج لسوف تنتحر.
أما محمد عبد الهادي المحامي فيقول : في اﻵونة اﻷخيرة كثرالطلب علي رفع قضايا الطلاق والمثير للدهشة أن معظم الحالات لزوجات لم يكملن عامهن الـ18، مضيفا أن حالات زواج القاصرات لم تقتصرعلي الريف بل وإمتدت لبعض المدن وهذا مايدق ناقوس الخطر حول اﻷسباب التي جعلت اﻷسر تتخلي عن تعليم الفتيات وتزوجهن في سن مبكرة تتراوح ما بين 13 والـ16 عشرغيرعابئين بالنتائج السلبية التي تنعكس علي تلك الزيجات.
أشار عبد الهادي إلي أن غالبية الفتيات ، يتم تزويجهن بعقدين عرفيين وإيصال أمانة يؤخذ علي بياض لضمان حقها حسب إعتقاد أهل القاصر، حتي سن 18 فيقوم اﻷهل بعقد رسمي للزواج، ولكن المفاجأة أنه يتم طلاق الفتيات قبل الوصول إلي تلك السن ، ومن هنا تبدأ المشكلة وهي كيفية إثبات الحقوق للزوجة.
أحلام مُجهضة
يقول أحمد عبد العزيز بجمعية تنمية المجتمع بقرية شهداء بحرالبقر: "عاد الزمن للوراء وسارعت اﻷسر للموافقة علي أول خاطب يتقدم ﻹبنتهن، للتخلص من إلتزاماتها المادية واﻹنفاق علي تعليمها في ظل الظروف اﻹقتصادية الطاحنة، فيوميا نشاهد حالات لزواج فتيات في سن 13 و14 ولم يكملن مرحلة التعليم اﻷساسي.
وتقول والدة إحدى الفتيات بالشرقية لدي 5 بنات ووالدهن عامل بسيط وجميعهن أعمارهن متقاربه فكنت أحمل ﻷجل إنجاب الولد ولكن إرادة الله.
وتستطرد قائلة: كانت البنت الكبرى لم تتجاوز 15 عاما، ولكنها كانت عفية الجسد مما جعل الكثيرون من شباب القرية يتقدمون إليها فوافقنا علي الفور وتزوجت ومنذ اﻷيام اﻷولي تعكرزواجها بالمشاحنات، فزوجها يكبرها بـ16 عاما وهي مازلت تحمل عقلية اﻷطفال، كانت شكواه دائما من عدم تحمل المسؤولية، وكانت تأبي عليه كثيرا في الفراش حتي تعود علي إيذائها جسديا بالضرب، فكانت تهرب وتأتي إلينا، ونحاول تهدئة الوضع بينهما وتعود من جديد.
ثم سكتت الأم لبرهة وعادت للحديث وكأنما كانت تسترجع تلك اﻷيام بمرارها ، وأكملت قائلة :"في أحد اﻷيام التي لن أنساها جاءتني ابنتي تروي لي والدموع تغسل وجهها أنها لم تعد قادرة علي اﻹيفاء بمتطلبات البيت ، وأسرت إلي حديثا وكأنما نزعت قلبي من مكانه حينما قالت لي أنها تتعذب وتشعر بآلاما مبرحة كلما إقترب منها زوجها، وأنه يقيدها من يديها كلما أراد اﻹقتراب منها، وبكت اﻷم وقالت بصوت بئيس لقد انهالت ابنتي علي يداي تقبلهما حتي أطلقها، او تسكب علي نفسها جازا يخلصها من معاناتها إلي اﻷبد، ولم تنس اﻷم أن تذكرأن ابنتها تعرضت لإجهاض نتيجة العنف والضرب من زوجها الذي لم يتفهم حداثة سنها.
وبادرت اﻷم قائلة وقتها ضممت ابنتي لصدري، وطلبت طلاقها ولكن والدها رفض ﻷسباب كثيرة ومع اصراري رفعت دعوي طلاق ولم تحصل علي شئ ولم تخرج من هذه الزيجة اﻹ بحالة نفسية جعلتها حبيسة الجدران.
اﻷبشع في تلك الزيجات هو عدم قدرة الزوج على كتابة أطفاله باسمه، ويلجأ أحيانا لكتابة الطفل باسم والده وربما شقيقه، هكذا بدأ محمد أحمد غالب حديثه، مضيفا أن هذه المأساة أصبحت واسعة اﻹنتشار، فيصبح إبنه شقيقه علي الورق! وطالب بوضع تشريعات رادعة لزواج القاصرات ومن يثبت تورطه في هذه الجريمة.