"فتش عن أوسلو".. كيف بدأ تهويد القدس؟
الخميس، 07 ديسمبر 2017 04:00 ممحمد أبو ليلة
في أكتوبر من عام 1993 وقت مفاوضات أوسلوا بعث وزير خارجية إسرائيل شيمون بيريز برسالة لوزير خارجية النرويج "هولست" نصت على اعتراف إسرائيل بالمصالح الوظيفية لمنظمة التحرير في مدينة القدس، وأن جميع المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية، بما فيها المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية، بالإضافة إلى بيت الشرق والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية تؤدي مهمة رئيسية للسكان الفلسطينيين وتتعهد إسرائيل بعدم عرقلة نشاط هذه المؤسسات، وقد نقل هذا التعهد إلى منظمة التحرير.
هذه الرسالة كانت جزء من مفاوضات أسفرت على الاتفاقية المعروفة دولياً بـ "اتفاقية أوسلو" والتي اعترفت بالسلطة الفلسطينية، وإسرائيل اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، ونصت على انسحاب إسرائيل من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة خلال خمس سنوات من عقد الاتفاقية نفسها.
أوسلو وما بعدها
كما أقرت بحق الفلسطيين في إقامة حكم ذاتي على أراضي الضفة وغزة، لكن هذه الاتفاقية تركت مشكلة القدس مُعلقة لتفاوضات أخرى بين الإسرائيليين والفلسطيين.
وبالرغم من إقرار "اتفاقية أوسلو" بحق الشعب الفلسطيني في تحديد مصيره وعلى الرغم من رسالة وزير خارجيتها وقته شيمون بيريز التي اعترفت فيها بمصالح منظمة التحرير الفلسطينية في القدس إلا أن إسرائيل لم تتخل عن سيطرتها عن مدينة القدس، فعلى الجانب الفلسطيني جعلت منظمة التحرير طرفا مفاوضا فقط في القضايا التي تؤثر على حياة المقدسيين، وعلى الجانب الأردني، جعلت الأردن طرفا مفاوضا بشأن القدس في ما يتعلق بأماكن العبادة الإسلامية فقط.
كل هذه المقدمات كانت تمهيداً لقرار الرئيس الأمريكي دولاند ترامب أمس الأربعاء بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من مجينة تل أبيب إلى القدس، فهذا القرار وصفه عدد كبير من المحللين العرب والدوليين بأنه يضرب عرض الحائط بكافة الاتفاقيات الدولية ويُجهض قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في محاولة لحل القضية الفلسطينة وتحقيق سلام عادل في المنطقة، لأن ترامب بهذا القرار يعترف ومن وارءه الولايات المتحدة الأمريكية بأن القدس عاصمة لإسرائيل.
حيث يؤكد محمد حامد الخبير في الشأن الدولي في تصريحات خاصة لـ صوت الأمة أن قرار ترامب بنقل سفارة أمريكا إلى القدس "بيضرب كل الشرعية الدولية والقرارات الدولية عرض الحائط".. حيث يقول.
ويضيف أنه منذ اتفاقية أوسلو وفترات التفاوض بين العرب وإسرائيل حتى قمة السلام في لبنان عام 2002 لم يتحدث أحد عن فكرة القدس وأن كل شيئ ترك للتفاوض النهائي الذي لم ينتهي بعد.
فتش عن أوسلو
وأوضح أن قرار ترامب مخالف لقرارات الأمم المتحدة المتمثلة في الجمعية العامة ومجلس الأمن، ويخالف قرارات منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية وكل الأعراف والأخلاق الدولية التي تحتم الحفاظ على هوية القدس، متابعاً "اتفاقية أوسلو هي النواة التي أنشأت نواة لدولة فلسطينية، عبر التفاوض خلقت سلطة واعترفت بمنظمة فتح كممثلة للشعب الفلسطيني، اتفاقية أوسلو لم تتحدث مطلقا على القدس وظلت القدس موجودة دائما وان القدس ستكون ملك للفلسطيين.
هناك ثمة مُقاربة بين إتفاقية أوسلو وقرار ترامب أمس، فمنذ اتفاقية أوسلو قامت إسرائيل بعزل مدينة القدس بشكل غير مباشر عن بقية المدن الفلسطينية عن طريق الجدار العازل والحواجز على مداخل القدس، كما عزلت الأحياء المقدسية عن بعضها البعض من خلال إقامة بؤر استيطانية، والتحكم في طرق التواصل بين هذه الأحياء. لدرجة أن نحو 140 ألف مقدسي أصبحوا يقطنون الآن خارج جدار الفصل العنصري بفعل عدم توفر وحدات سكنية داخل الجدار.
مُصاردة أراضي القدس
لم تكتفي إسرائيل بذلك بل قامت بمحاصرة الوجود السكاني الفلسطيني في مدينة القدس في أضيق مساحة ممكنة، والحد من توسعها من خلال مصادرة أكثر من ثلثي الأراضي في مدينة القدس، وتقييد حركة البناء الفلسطيني والتوسع في هدم المنازل، حيث ضاعفت إسرائيل بعد اتفاق أوسلو هدم المنازل بنسبة 500%، كما تضاعفت حالات سحب حقوق الإقامة من المقدسيين، حيث قامت إسرائيل بعد اتفاق أوسلو بسحب حقوق الإقامة من أكثر من عشرة آلاف مواطن مقدسي.
لم تكتفي إسرائيل بذلك بل قامت بمحاصرة الوجود السكاني الفلسطيني في مدينة القدس في أضيق مساحة ممكنة، والحد من توسعها من خلال مصادرة أكثر من ثلثي الأراضي في مدينة القدس، وتقييد حركة البناء الفلسطيني والتوسع في هدم المنازل، حيث ضاعفت إسرائيل بعد اتفاق أوسلو هدم المنازل بنسبة 500%، كما تضاعفت حالات سحب حقوق الإقامة من المقدسيين، حيث قامت إسرائيل بعد اتفاق أوسلو بسحب حقوق الإقامة من أكثر من عشرة آلاف مواطن مقدسي.
لم تحترم إسرائيل اتفاقية أوسلو ولم تحترم البند الذي ينص على ممارسة المؤسسات الخدمية الفلسطينية لأعمالها في القدس، حيث أغلت هذه المؤسسات وقامت بانتهاج سياسة إحلال مؤسسات إسرائيلية مكان المؤسسات الفلسطينية، وربطت الخدمات الصحية التي كانت تُقدم لسكان القدس بمؤسسات إسرائيلية.
وأنشئت العديد من المؤسسات الاجتماعية والشبابية والرياضية المرتبطة بالبلدية الإسرائيلية، كما أنشئت مرافق تعليمية لتدريس المناهج الإسرائيلي ومحاولة فرض هذا المنهاج على المدارس الخاصة الفلسطينية في مدينة القدس، وهي المحاولة التي يخوض المقدسيون صراعا كبير من أجلها.
زيادة المستوطنات
سياسة التهجير الصامت التي تبنتها إسرائيل منذ اتفاقية أوسلو جعلت هناك خلل في الكتلة السكنية للقدس لصالح المستوطنات اليهودية.
فمنذ توقيع اتفاق أوسلو لم تكف إسرائيل على بناء المستوطنات في مدينة القدس والضفة الغربية، حيث تضاعف عدد المستوطنين في القدس الشرقية خلال العقدين الماضيين إلى ثلاثة أضعاف، فقد كان عددهم قبل الاتفاق نحو مئة ألف مستوطن، ليصل الآن إلى نحو ثلاثمئة ألف مستوطن في القدس الشرقية، خاصة بعد أن قامت إسرائيل بتوسيع حدود المدينة إلى أكثر من مئة كيلومتر مربع.
الاستهداف الحقيقي للمسجد الأقصى والمقدسات المسيحية جاء بعد اتفاق أوسلو، فالاعتادات والمحاولات مستمرة لفرض السيطرة الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف، التي كانت آخرها محاولات وضع البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد، وهي المحاولة التي تصدى لها المقدسيون وأفشلوها.