سوق النخاسة لبيع العبيد والرق.. من ليبيا وموريتانيا إلى بريطانيا

الأربعاء، 29 نوفمبر 2017 06:00 م
سوق النخاسة لبيع العبيد والرق.. من ليبيا وموريتانيا إلى بريطانيا
المهاجرون في ليبيا
محمود علي

صدمة وردود افعال واسعة، أحدثتها الفيديوهات التي رصدت خلال الأيام القليلة الماضية مزادات لبيع المهاجرين الافارقة في طرابلس، حيث أظهرت صور وفيديوهات كافة اشكال العبودية بأبعادها التقليدية السافرة .

إحدى المزارِع الليبية تحولت إلى سوق للنخاسة يباع فيه وفي مزاد علني اشخاص ذو بشرة سمراء بأسعار متدنية، حيث يظهر مقطع الفيديو بثته قناة "سي أن أن" في وقت سابق شبانا من منطقة جنوب الصحراء يباعون بسعر 1200 دينار ليبي (نحو 800 دولار) في أماكن لم يكشف عنها من ليبيا، من أجل العمل في المزارع وقطاع البناء.

وأثار الفيديو الكثير من ردود الافعال الغاضبة، حيث عبرت الأمم المتحدة عن صدمتها، كما رفضت مصر بشكل كامل كافة الانتهاكات ضد المهاجرين واللاجئين، أو المساس بحقوقهم وكرامتهم الإنسانية، وعبرت الأمم المتحدة عن صدمتها، كما طالب الرئيس الغيني ورئيس الاتحاد الأفريقي ألفا كوندي بملاحقات قضائية على خلفية ما سماها بـ"التجارة الخسيسة التي تعود إلى الحقبة القديمة".

واهتمت الصحف العالمية والدولية بهذا التقرير، حيث وصفت صحيفة لاكروا الفرنسية المزرعة التي شهدت واقعة الرق والعبودية، بسوق النخاسة الذي يعتبر أحدى الجوانب الظاهرية السيئة، في بلد تعاني في الأصل من اقتتال داخلي وانهيار أمني وانتشار لميلشيات متطرفة، مؤكده أن ليبيا اصبحت سوقًا مفتوحًا لممارسات أشد بؤسا غير انسانية اتجاه المهاجرين الأفارقة الذين يقصدونها كممر للهروب إلى أوروبا، بسبب ويلات الحروب وازدياد معدلات الفقر في بلدانهم.

وتضاف ظاهرة العبودية التي ربما تكون منتشرة في ليبيا منذ فترة ولكن سلط عليها الضوء مؤخرًا بسبب تسرب فيديوهات وصور تؤكد فجاعة المشهد، إلى تحديات ومعضلات عديدة في بلد ممزقة سياسيًا، لتختلف التحليلات والتفسيرات حولها، فبين من يؤكد أن أسباب هذه الظاهرة هو تدخل الناتو في ليبيا واسقاط الزعيم الليبي معمر القذافي، وآخرون يؤيدون فكرة انتشار هذه الظاهرة لأسباب تتعلق باستخدام القذافي عدد من الافارقة كمرتزقة في الحرب مع الميلشيات المتشددة.

لكن بين هذا وذاك فأن جميع المحللون والمتابعون يقتنعون، بأن هذه الظاهرة ليست فردية كما أكد المجلس الرئاسي الليبي، لاسيما وأن المجتمع الليبي الذي يشهد حاليًا وضع من الاضطراب الكلي في غياب القوانين والسلطة المركزية ليس مستغربا أن تظهر فيه مظاهر العبودية بالصورة التي أظهرها فيديو السي أن ان.

تجارة الرقيق في اٍفريقيا موجودة منذ الآف السنين وكان الطريق الرئيسي الأول لها مر عبر الصحراء، مربوط بتجارة الرقيق عند العرب، و بعد عصر الاستكشاف، أصبع العبيد الأفارقة جزء من تجارة الرقيق عبر الأطلسي لتأتي فكرة الغرب حول العبودية كنظام اٍجتماعي لأحفاد العبيد و غير مالكي العبيد الأفارقة، و رغم كونها غير شرعية، فأن تجارة الرق ما زالت مستمرة في بعض الأجزاء من العالم، بما في ذلك أفريقيا وخاصة في مورتانيا التي عانت حتى العقد الأخير من انتشار هذه الظاهرة.

فمورتانيا تعتبر آخر بلد في العالم يلغي الرق تحديدًا في عام 1981، بعد اصدارها مرسوم رئاسي يمنع هذه الممارسة، لكن غياب التفعيل القانوني جعل محاربة هذه الظاهرة حبر على ورق، حيث  يقدر عدد العبيد في البلاد من قبل منظمة SOS الرق حوالي 600 الف أي نحو 17٪ من سكان البلاد، وصُنفت موريتانيا في مؤشر الرق العالمي لسنة 2014 الصادر من مؤسسة وولك فريكأول دولة في العالم على مقياس ممارسة أشكال "العبودية العصرية"، كون 4% في مجموع سكان موريتانيا، حوالي 140.000 نسمة، يعانون من شكل من اشكال العبودية المعاصرة.

ورغم ردود الافعال الدولية الواسعة والصدمة التي أحدثتها التقارير التي نشرت عن ليبيا مؤخرًا، إلا أن بحسب الاحصائيات الدولية، فمازالت مظاهر الرق تنتشر في مختلف أنحاء العالم وتطال الملايين من الاشخاص، حتى ولو كانت بشكل أخر فيما عرفت بـ"العبودية الجديدة" حيث طرحت صحيفة لوموند الفرنسية سؤالًا يتعلق باستعباد الأفارقة وهل يعتبر أكثر قبولا في دول أخرى مما هو عليه في ليبيا؟ فبحسب المؤشرات العالمية للرق، يظل حتى الآن نحو 46 مليون شخص في 167 بلدا عام 2016 يعانون من "الرق الجديد" سواء بالزواج القسري أو العمل القسري أو العمل المنزلي فيما أشبه بالعبودية أو أشكال أكثر حدة.

ففي اغسطس الماضي أعد مكتب العمل الدولي ومؤسسة "ووك فري فاونديشن" تقريرًا يؤكد أن نحو 13.6% من العبيد في العالم يوجدون في أفريقيا جنوب الصحراء، وخصوصا بجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال وجنوب السودان والسودان وموريتانيا، مضيفًا أن ليست الدول الافريقية فقط التي تعاني من هذه المسألة فبالاضافة إلى ذلك فإن دولا مثل باكستان ونيبال وهايتي والصين تضم أعلى معدل لانتشار الرق في العصر الحديث، كما أن هناك مجتمعات غربية تتشدق بالديمقراطية هي الأخرى تنتشر فيها هذه الظاهرة حتى لو بمعدل نسبي أقل أو بأشكال أخرى من العبودية المعاصرة، ففي دول أوروبية مثل بريطانيا وإيطاليا وغيرها كشفت تحقيقات أن هناك استغلال للعمال والعبودية الجنسية في شبكات الدعارة، وكشف مؤشر الرق العالمي عن وجود 11 ألفا و700 ضحية لأشكال العبودية المعاصرة في بريطانيا عام 2016.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق