من "صبى" لـ "الشيخ الرئيس".. مراحل ترقي أصحاب الحرف في مصر
الإثنين، 27 نوفمبر 2017 06:00 صرامى سعيد
عرفت القاهرة، في القرن التاسع عشر، عددا كبيرا من الحرف والصنائع في مجالات شتى، شهدتها الأحياء العتيقة الباقى آثارها حتى اليوم، وسميت بأسماء أبناء الحرف، مثل حى النحاسين والسقايين، كما عرفت تلك المهن، الشكل التنظيمى البروتوكولى في عهود متأخرة كالأيوبيين والمماليك.
الدكتور نبيل السيد الطوخى يقول في دراسته "طوائف الحرف في مدينة القاهرة" عن التنظيمات الداخلية لطوائف الحرف، يبدأ السلم الوظيفي للحرف والصناعة من القاعدة "الصبى" وينتهى في القمة بالشيخ الرئيس، وفي الوسط يقف الأسطوات أو المعلمين، مفندًا أياها على ستة عناصر: الصبى، والعريف، والمعلم أو الأسطى، المختار، والنقيب، والشيخ.
ويكشف الطوخى عن البرتوكول المحدد للصبي قائلا: كان الصبى يعيش في كنف المعلم وله واجب الطاعة وعلية الاحترام، وعلى المعلم نحو الصبى واجب تعليم الحرفة التي يزاولها، ولكل معلم عدد من الصبيان لا يجوز أن يتعداه، وتبلغ مدة تمرين الصبى في بعض الأحيان سبع سنين يمضى بعد انقضائها امتحانًا ليرقى إلى مرتبة العريف.
وتوضح دراسة "طوائف الحرف في مدينة القاهرة" أن انتقال الصبى من مرحلته إلى العريف تقتضى بضع سنين لتعلم أسرار المهنة وتقاليدها، كما يقضى في مرحلة العريف فترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات ولا يجوز له خلالها أن يترك معلمه في أثنائها، وإن فعل لا يجد معلما آخر يقبله، كما لا يجوز للمعلم أن يطرد العريف قبل انقضاء مدته دون سبب كما يقتضى البروتوكول.
وعندما يصبح العريف ماهرًا في صنعته ملمًا بأسرارها قادرًا على أن يصنع في مجال حرفته عملًا ممتازًا أو تحفة فنية أو شيء دقيق في صنعته، يشهد له أن يستحق أن يكون معلمًا، ويقوم بعرض نماذج من علمه على المعلمين من صنعته ويشهد له معلمه وباقى المعلمين من صنعته ويخبرون شيخ الطائفة بذلك وتجرى الاحتفالات.
بانتقال الصانع إلى مرحلة الأسطوية أو الأستاذية يصبح الصانع ملمًا بكل دقائق مهنته التي يمارسها ويحق له في تلك الحالة أن يفتح محلا مستقلا ويستعين بمجموعة من العرفاء والصبية.
كما عرفت القاهرة في تلك الفترة تقاليد وأعراف بين أهل الطائفة من بينها معايير حماية الصبى من قسوة المعلم سواء كانت قسوة بدنية أو مادية
ويأتى بعد تلك المرحلة المختارة منصب بين النقيب والمعلم، فقد كان لكل طائفة شيخ ومختار ونقباء أسماؤهم مقيدة في المحافظة، وكان دورهم مساعدة شيخ الطائفة في الإدارة حيث كان الشيخ يرأس مجلسًا صغيرًا يتخذ القرارات التي تخص المهنة.
فيما كان النقيب بمثابة نائب أو وكيل الشيخ وكان يلعب دورا في احتفالات ترقية العريف إلى الأسطوية، كما يأتى في نهاية هذا السلم الشيخ الذي كان يُجرى انتخابته من قّبل أعضاء الحرفة الأكفاء وكان للمعلمين حرية انتخاب شيخ من بينهم.