من كرامات سيدنا الولى إلى حمامة أبونا يؤانس.. المسلمون والأقباط «إيد واحدة» فى ترويج الخرافات
الإثنين، 13 نوفمبر 2017 12:30 م
حمامة أبونا يؤانس
عنتر عبداللطيف - إسراء سرحان
يتداول كثيرون من حين إلى آخر قصصًا، يرون أنها تدخل فى نطاق المعجزات، ويصرون على الترويج لها، بل ويرفضون مجرد الاستماع إلى المشككين فيها، وهى قصص تتشابه عند المسلمين والأقباط، من قبيل تزايد ظاهرة ما يعرف بأولياء الله الصالحين، الذين جاءوا فى المنام لبعض المواطنين، أحدهم يطلب إخراجه من قبره، ودفنه بمنطقة معينة، ليبنى له بعد ذلك ضريح يصبح مزارًا، يتبرك به البعض، ويصبح اسمه «سيدنا الولى»، وهى الظاهرة التى تتكرر بشكل مختلف عند بعض القساوسة الذين شوهدوا، وقد حطت «حمامة» على ذراع أو رأس أحدهم، حيث أن الحمامة هى رمز للروح القدس «الله» فى الإنجيل، التى حلت على السيد المسيح، عندما اعتمد فى نهر الأردن من يوحنا المعمدان، يقول الكتاب المقدس: «فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نازلا مثل حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ».
كما أن الحمامة تعد من رموز السيدة العذراء مريم، فالحمامة هى رمز السلام، ما يؤكد أن انتشار مثل هذه الخرافات لم تفرق بين مسلم وقبطى، ففى مركز الفشن ببنى سويف، خرج مئات الأهالى من منازلهم إلى المقابر هاتفين «الشيخ لازم يطلع من قبره»، حيث فتحوا مقبرة تعود لـ «شيخ» يدعى رمضان، وذلك بعد دفنه بـ73 يومًا.
الأهالى أرجعوا رغبتهم فى فتح المقبرة إلى رؤيا، قالوا إن أكثر من 50 شخصًا من أصدقاء الشيخ رأوها، حيث شاهدوا الشيخ رمضان فى الرؤيا وكأنه «موجود فى حدائق واسعة.. وكأنه فى الجنة»، وفق قولهم، ليخرج الأهالى الجثمان بالفعل من المقبرة، وهم يصيحون «الله أكبر.. مدد.. جسم الشيخ رمضان سليم».
يؤكد الأهالى أنهم بعدما أخرجوا الجثمان، اكتشفوا أنه لم يتحلل رغم كل هذه المدة، وعلى دقات الطبول، وأنغام المزمار البلدى، توجهوا من المقابر بصحبة «طلعت»، ابن الشيخ، إلى منزل تابع لأسرته، وأعادوا دفنه فى المنزل، وأقاموا مقامًا له داخل إحدى الغرف، ووضعوا صورته، وأكدوا أنه أحد أولياء الله الصالحين.
لم تنته القصة عند هذا الحد، حيث يقول طلعت رمضان جنيدى، نجل الشيخ، فى تصريحات صحفية: «بعد نقلى الجثمان، رغم رفض مدير الأمن، تم احتجازى فى قسم الشرطة، وداخل الحبس قلت: يا سيدنا الحسين.. يا سيدة زينب، وقلت: يا أبويا أنا عملت إيه عشان أدخل الحبس، وقمت اتوضيت عشان أصلى ركعتين، وقبل ما أنهى الوضوء، فوجئت بباب الحجز يتم فتحه، وقال لى العساكر: المأمور ورئيس المباحث عايزينك وسألونى عن اسمى ووالدى، وقلت لهم: إنه شيخ، قالوا لى: إيه اللى يثبت إنه شيخ؟ قلت لهم: أى واحد بيموت جسمه بيعفن، ويملأ الدود جسمه بعد 3 أيام، لكن أبويا طلع سليم».
ظاهرة مقامات أولياء الله الصالحين، امتدت إلى رفض جثمان محمد عصر، دخول القبر، بعد أن مات عن 75عامًا. وحسب روايات الأهالى، فقد كان يعيش زاهدًا فى غرفة فى قرية شبرا ملس، التابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية حتى وفاته، وعقب تشييع جثمانه من المنزل، فوجئ الجميع بتوقف النعش إجباريًا، وعدم السير فى المكان المخصص للجنازة، مؤكدين أن النعش حرك المشيعين إجباريًا إلى مكان الخلوة، التى كان يعيش فيها الشيخ بمفرده، داخل الأراضى الزراعية بوسط القرية، لتتحول «دفنته» إلى زفة، حيث هتف المشاركون فى تشييع الجثمان «لا إله إلا الله»، مع التهليل والزغاريد.
مقربون من الشيخ زعموا أنه أخبر عن ميعاد وفاته قبل موته بيومين، وطالب أبناء عمومته بدفنه فى مكان خلوته، ولما أصر الأهالى على دفنه فى مقابر القرية، تحرك النعش إجباريًا حتى مكان الخلوة، واستقر بموقعه، وقال الأهالى، إن النعش كان يجبرهم على العودة مرة أخرى إلى خلوته، المكان الذى كان يعيش فيه بمفرده طوال الـ 40 سنة الأخيرة من عمره، حيث تم دفنه بها، مؤكدين أنهم سيقومون بإنشاء مقام على الخلوة، ليكون مزارًا للشيخ، نظرًا لكراماته.
فى سوهاج ظهر مكان يدعى «الكحريتة»، وهى طبقا لمعتقدات قرية بنى حميل، أرض مقدسة، تشفى من الأمراض، وتمتد على مساحة مسطحة من الأرض مستوية، وسط جموع الأولياء والمقامات، ويتردد الكثير عن قدرتها فى المساعدة على حل مشكلات الحمل لدى السيدات، وعلاج آلام العظام والظهر للرجال.
لـ«الكحريتة» طقوس، حيث يبدأ المريض بالنوم على الرمال المستوية ثم الدحرجة، لينتهى به المطاف عند الجانب الآخر من المكان، حيث تتردد المقولة إن عملية الدحرجة أو اللفة بطريقة لا إرادية، تكمن فى قوة خفية، تقوم بدحرجتك إلى مكان أنت لا تحدده، وبالطبع يروى الأهالى عشرات المعجزات عن شفاءمئات المرضى بهذه الطقوس الغريبة.
كما تزايدت مؤخرًا أيضًا ظاهرة وقوف حمامة على رأس أو ذراع القساوسة، وهى الظاهرة، التى تكررت مع بعضهم من قبل.
الأنبا يؤانس، مطران أسيوط، حيث فوجئ جموع الأقباط المحتفلين بعيد صعود السيدة العذراء بديرها بجبل درنكة، وأثناء موكب «الزفة»، بحمامة بيضاء، تقف على أيدى وكتف الأنبا يؤانس، ووفق شهود عيان، فإن الحمامة وقفت أيضًا على كتفه مدة طويلة قبل أن تطير، وقوبل المشهد بفرحة عارمة وزغاريد، وسط حضور الآلاف من الأقباط.
للبابا المتنيح شنودة، قصة طريفة مع «حمامة»، ظهرت فى إحدى عظاته، وهى القصة التى رواها القس بولس الأنبا بيشوى، قائلا: «عن ظهور الحمامة بهذا الشكل فى عظة الأربعاء، أثناء حديث قداسة البابا شنودة، أحب أن أقول وأنا كنت ملازمًا لقداسته فى هذه الفترة، والآباء الذين حضروا هم موجودون، ويمكن لأى شخص أن يتحقق، فى هذا اليوم كان قداسته، يتحدث عن موضوع مهم، وهو اختيار الأب البطريرك بالقرعة الهيكلية، وما كان مثارًا وقتها من أمور وموضوعات تتعلق بهذه النقطة، ومحاولة البعض التدخل أو التلاعب فيها، وشدد عليها قداسته، وأنها أمر مهم استقر فى الكنيسة، تتدخل فيه السماء لاختيار الأب البطريرك بالروح القدس».
فى قرعة هيكلية بعد قداس إلهى، وأثناء حديثه، جاءت هذه الحمامة، وهى موجودة بالطبيعة داخل الكاتدرائية، وليست ظهورًا بمعنى أنها جاءت من السماء واختفت، العجيب هنا أن مكتب قداسته، كان موجودًا عليه كوب ماء وأوراق وزجاجة وكاسيت وأشياء أخرى، وجاءت هذه الحمامة أثناء حديث قداسته، ووقفت دون أن تصطدم بشىء، ووقفت لفترة.
ثم طارت لأعلى الكاتدرائية، وذلك أثناء حديثه عن القرعة. والحمامة تشير إلى الروح القدس والسلام، وكأن كلام قداسته مؤيد من الروح القدس ومن السماء، وهذا فى حد ذاته، كان تعزية وفرحة لنا جميعًا، وحتى قداسته لم يصفها بأنها ظهور، إنما علق على طير الحمامة مساءً، وأتعجب لمن يخرج علينا ليقول إنها حمامة ظهرت من السماء واختفت، وظهرت على شباك المزار بالدير هى نفسها.
وكثير من هذه الأمور، لا لهدف إلا الانتشار والنشر، ما يسىء لمعجزة حدثت مع رجل عظيم مثل قداسة البابا شنودة، ويعطى فرصة للمشككين حين يتأكد عدم صحة هذا الكلام.
