"مش كلها مخالفات".. حكايات مقاهي شاهدة على تاريخ مصر

الثلاثاء، 07 نوفمبر 2017 07:45 م
"مش كلها مخالفات".. حكايات مقاهي شاهدة على تاريخ مصر
قهوة الحرية
احمد جمال الدين

مخالفات ومشاجرات تصل للقتل أحيانا.. مشاهد تلخص ما يحدث بمقاهي تحولت خلال الفترة الأخيرة إلى بؤرة للإزعاج، والتجاوزات وسبب كافي لتغير بعض السكان محال إقامتهم والإنتقال إلى مكان آخر طلبا للهدوء والسكينة ، وهو ما يفسر الحملات المستمرة التي تشنها الأحياء  لرصد هذه المخالفات وإزالتها.
 
بالعودة إلى الوراء قليلا، لم تكن المقاهي بمثل هذه الصورة الموجودة عليها، حيث لم تكن مجرد مكان لقضاء أوقات الفراغ فقط، بل امتد إلى لعب دور ثقافي وسياسي هام يقصدها مشاهير الفنانين والسياسين.
 
مقهى  الزهراء
 
مقهى الزهراء
 
مقهى المشايخ أو الأئمة القاب كلها أطلقت على ذلك المقهى الواقع في حي الحسين، بسبب مرتاديه من مشاهير القراء والمنشدين والمبتهلين ومنهم النقشبندي، ونصر الدين طوبار.
 
ولم يقتصر ارتياد المشاهير لذلك المقهى الذي انشىء في ثلاثينات القرن الماضي  على الأئمة فقط وإنما كان ملتقى عدد آخر من نجوم المجتمع ومنهم الإعلامي أحمد المسلماني والعالم الرحل أحمد زويل، ومن الفنانين علي الحجار ومدحت صالح، وحلمي بكر.
 
قهوة الحرية
 
قهوة الحرية
 
ليست مجرد  كراسٍ ومناضد خشبية تم وضعها بعناية، بل هو أقرب إلى المتحف التاريخي فكل بقعه منه تروي جزءا من تاريخ ذلك البلد حيث يحتفظ بين أركانه بكثير من ملامح القاهرة الخديوية وكان مركزا ومشارك في كثير من الأحداث التي شهدتها مصر.
 
ولم يكن مستغربا أن المقهي الذي تم بناؤه محل منزل الزعيم أحمد عرابي أن  يطلق عليه مقهى الحرية، أن يكون تجمعا لبعض الثوار الذين يقومون بعملية فدائية ضد المستعمر الانجليزي وقتها، ثم  يكون الأقرب لقلوب الضباط الأحرار ومنهم الرئيس الراحل أنور السادات، وعددا من الفنانين وهم رشدى اباظة، وأحمد رمزي، وشكري سرحان، بالإضافة إلى الفنان عادل امام.
 
مقهى ريش
 
مقهى ريش
 
بأبوابه ومقاعده الخشبية العتيقة ظل مقهى ريش صامدا محافظا على التراث رافضا الانجراف إلى بعض التحولات التي طرأت مؤخرا على  منطقة وسط البلد، بفضل القواعد الصارمة التي وضعها مالكوه التي تنتقل من جيل إلى أخر، ومنها اختيار رواده بعناية، بالإضافة لبعض القواعد الخاصة في المظهر والسلوك، وعدم تقديم "الشيشة".
 
المقهى الذي تم بناؤه 1908 لم يكن فقط محلا للنقاش أو تجمع لبعض مشاهير الساسة والفن فقط بل ساهم في عمليات المقاومة ضد الاحتلال والتي كانت شاهدة عليها ماكينة طبع المنشورات التي عثر  عليها في بردوم المقهى بالصدفة أثناء عملية الترميم، التي كان يستخدمها الثوار لإيقاظ الروح الوطنية لدى الشعب ضد المستعمر وقتها.
 
استحق ريش أن يتم ذكره بالاسم داخل عدد من الكتب والأبحاث التي ترد التحولات التاريخية  داخل المجتمع المصري والتي كان فاعلا ومشاركا في عدد كبير منها.
 
المؤرخ عبد الرحمن الشافعي في كتابه "تاريخ مصر القومي"، أوضح أن المنشورات المطالبة بالاستقلال خرجت من مقهى ريش، وأيضاً كان المقهى مقر الاجتماعات التمهيدية لجمال عبد الناصر ورفاقه للتخطيط لثورة 1952 ، ولم يقف دور المقهى على صنع الأحداث التاريخية داخل مصر  فقط حيث  انه في ستينات القرن الماضي  مأوى للطالب العراقي وقتها صدام حسين الذي حكم العراق فيما بعد، بالإضافة إلى  قحطان الشعبي، أول رئيس للجمهورية اليمنية (عام 1967) يرتاد المقهى وكذلك رابع رئيس لها عبد الفتاح إسماعيل. كذلك كان الروسي يفغيني بريماكوف من رواد المقهى ويلتقي فيه المثقفين والسياسيين المصريين والروس، ليصبح بعدها وزيراً للخارجية ثم رئيساً للوزراء.
 
كما أن المقهى كان نقطة انطلاق تظاهرة 1972 بقيادة الأديب يوسف إدريس وعبد الوهاب البياتي وسليمان فياض، احتجاجاً على اغتيال الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، على يد جهاز الموساد الإسرائيلي.
 
كما صدر من المقهى أيضا بيان سياسي، عام 1971، سمّي ببيان توفيق الحكيم وحمل توقيع العديد من الأدباء.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة