أبي "حيوان منوى"
الجمعة، 03 نوفمبر 2017 06:30 م
ربما يستنكر الكثير عنوان المقال ولكن ربما بهذه الكلمات يتضح لماذا أصف بعض الآباء بالحيوان المنوى.
طفلة فى مقتبل العمر فتحت عيناها لم تجد سوى والدتها وشقيقها لم تكن تعلم أن هناك عنصرا مفقودا فى الأسرة وهو الأب ولم يذكر أمامها سيرته ولو بالخطأ، إلى أن ذهبت إلى الروضة وبدأت التعامل مع أطفال فى عمرها يرددون كلمة بابا وكلما سألت والدتها "يعنى ايه بابا؟" تهربت الأم من الإجابة، إلا أن السؤال لم يبعد عن ذهن الطفلة وأخذت تبحث عنه فى كل مكان وتسأل كل رجل فى العائلة الكبيرة التى تعلم منهم سوى أهل والدتها، "هو انت بابا؟!" ولم تجد إجابة سوى عيون مليئة بالدموع محبوسة خوفا من أن تكشف الواقع أمام الطفلة.
الواقع الذى لم تكتشفه سوى مؤخرا بعد أن قضت 18 عاما تبحث عن والدها والذي لم تجد منه سوى رقم هاتفه وتتحدث معه طالبة أن تراه أو يهاتفها من فترة لأخرى حتى تشعر بوجود والدها مثل باقى الأطفال، إلا أن الصورة اتضحت بعد كل هذه المطالبات والحقيقة التى أخفاها الكافة عنها هى أنه رجل مزواج، تزوج العديد من النساء وينجب من كل سيدة طفلين أو أكثر ثم يتركها ليتزوج بأخرى وينشغل عن باقى أولاده الذين لا يعرفونه، خوفا من تحمل مسئولية كل هؤلاء الأطفال.
إلى أن قررت الفتاة أن تبدأ حياتها مثل باقى التى قضتها فى رحلة البحث عن "حيوان منوى" لم يكن له دور فى حياتها سوى أن حيوانه المنوى اخترق بويضة والدتها ليكون جنينا يتركه ويذهب لزوجة أخرى قبل أن يرى نتيجة حيوانه المنوى، وقررت الفتاة أن تعتبر نفسها يتيمة وأن والدها توفى قبل أن تولد ورفضت البحث عنه مجددا.
وبعد عدة أعوام يشاء القدر أن تلعب السوشيال ميديا دورها فى تواصل مستخدميها ليتواصل الأب مع ابنته إلا أنه لم يتغير، يعد ولا يوفى، يعد بلقاء لا ترى منه سوى الفراق، إلا أن فى هذه المرة وعد بشئ مختلف ألا وهو أنه سيعوضها عن كل الأعوام الماضية بأن يحجز لها نخلة فى مزرعته ليكون البلح الذى تنتجه النخلة من نصيبها وتكون تركتها لتتذكره دائما، فلا تجد الفتاة ردا سوى "بلح"، فهكذا حاول الحيوان المنوى أن يعوض ابنته عن غيابه وإهماله الغير مبرر سوى بأنه "زير نساء".
هذه ليست قصة من وحى الخيال ولكنها حقيقية مليون فى المائة وبطلتها لم تكن بعيدة فهى كاتبة هذه السطور، التى لم تجد وسيلة فى أن تقول لوالدها حقيقته المخجلة سوى بهذه الكلمات ليعلم كيف تراه ابنته التى رماها 28 عاما ليعدها فى النهاية بالتعويض بـ"بلح"، لتشاهده الفتاة على أنه حقا مجرد "حيوان منوى".