وطن قومي لليهود في الأرجنتين أو أوغندا.. ماذا لو وافق هرتزل على الاقتراح البريطاني؟
الخميس، 02 نوفمبر 2017 03:00 ص
يكفيك فقط أن تراجع التاريخ الصهيوني في تسعينات القرن قبل الماضي، وخاصة بعد مؤتمر هرتزل الأول لتعلم أن إسرائيل كان من الممكن أن تنشأ (كيانها المحتل) وطنها القومى كما تقول في أوغندا أو الأرجنتين بدلًا من فلسطين، ففى عام 1886 قام تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية بوضع اقتراحات قدمتها بريطانيا والباروني اليهودي الألماني مورس دي هيرش لحل المشكلة بتأسيس وطن قومي لليهود في الأرجنتين أو أوغندا أو فلسطين.
ووقع في النهاية الاختيار على فلسطين، وذلك بناء على خزعبلات تاريخية تم الترويج لها من قبل الصهيونية بوجود دلالة على ذلك في "التوراة" وطابقوا زورًا اسم (فلشتيم التي ذكرت في الكتاب) مع اسم فلسطين، للمناداة بها كأرض ميعاد.
الارجنتين
انقسمت الحركة الصهيونية في مؤتمر بازل على الاختيار بين الأرجنتين وفلسطين لتأسيس وطنهم المزعوم، حيث كانوا أثرياء يهود بريطانيا يروا أن الارجنتين هي الأفضل ليؤسسوا فيها وطنهم، وكانوا غير متحمسين كفاية لتمويل المشروع في فلسطين، ربما لإدراكهم بالتعقيدات السياسية، لذلك تبلور تياران داخل المؤتمر، أحدهما يرى أن أرض الميعاد قصة دينية، يمكن أن تتجسد في أي (وطن) وبالتالي، فقد طرح هذا التيار خيار الأرجنتين وأوغندا، أما التيار الثاني الرافض للفكرة، فهو الذي تشبث بإقامة دولة في فلسطين، خصوصا أن اختيار الأخيرة كان منسجماً مع المخططات الاستراتيجية للقوى الاستعمارية في المنطقة العربية، لذلك قرر برلمان الحركة الصهيونية في العام 1906 أن يكون الوطن القومي لليهود في فلسطين.
يقول الدكتور أيمن الرقب القيادي الفلسطيني أن الوجود اليهودي في فلسطين نشأ بشكل قوى قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية ولم تستطع أمريكا تغير ذلك والأمر، مؤكدًا أنه لو وجدت دولة لليهود في أمريكا اللاتينية قبل الحرب العالمية الثانية لكان الأمر صعب على الولايات المتحدة الأمريكية الدفاع عنها، معللًا بذلك بأن وتيرة زيادة الهجرة على فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة وإثنائها كان هدفه واضح عدم وجود خيارات لليهود سوى فلسطين.
وأضاف الرقب أن المؤتمر الصهيوني الأول بسويسرا عام ١٨٩٧ قررت الحركة الصهيونية بناء وطن قومي لليهود في فلسطين كدولة دينية خاصة مؤكدًا أنه في ذلك الحين لم تكن الحرب العالمية الاولى قد بدأت ولم يكن نجم الولايات المتحدة الامريكية قد برز كأكبر دولة استعمارية في العالم ولكن كان حاجة المستعمرين بريطانيا وفرنسا بوجود دولة لليهود تساعدهم في تنفيذ مخططاتهم، قائلًا: "هذا سيدفعنا للتساؤل لو أنشأ اليهود وطنهم في الارجنتين هل كانت ستنجح ؟ وهل سيكون موقف الولايات المتحدة كما هو الان تجاه الاحتلال؟ ام سيكون الموقف ضد هذه الدولة الدينية خاصة ان أمريكا اللاتينية تمثل ازعاج دائم للولايات المتحدة الأمريكية "، وأكد أنه عندما ورثت الولايات المتحدة الأمريكية ملف الاستعمار في العالم بعد الحرب العالمية الثانية قبلت بهذا الميراث خاصة ان معظم سكانها حينها من اصول بريطانية استعمارية.
أوغندا
من ناحية أخرى طرحت أوغندا هى الأخرى بشكل واسع في هذه الفترة من التاريخ ، بعد تزايد الضغوطات اليهودية علي بريطانيا حيث عرضت الحكومة البريطانية على المنظمة الصهيونية ستة آلاف ميل مربع من أراضي أوغندا لإقامة الوطن القومي اليهودي، لكن "منظمة الأرض اليهودية"، التي كانت تشكل أحد أذرع الصهيونية، رفضت العرض، وأصرت على أن يكون في فلسطين، وفق رؤية دينية لفقتها الحركة الصهيونية لخداع العالم أنهم لهم جذور تاريخية ودينية.
ويتابع الرقب، أن في حالة أوغندا سيكون الوضع مختلف فبالطبع لو اقام اليهود وطنهم في هذا البلد كان سيطرح سؤال .. هل ستزدهر الحركة الصهيونية وتكون رديفا ومساعدا للمستعمرين؟... مجاوبًا بالطبيعي سيكون هناك سيطرة على خيرات افريقيا ولكن لم تنعم بهذا الهدوء كما هو حالها الان ".
وقال أن اوروبا التي حاربت الدولة الدينية في العصور الوسطى وحكم الكنيسة ساعدت في إنشاء دولة دينية لليهود للخلاص منهم ولتحقيق اهداف كثيرة لهم فوجدوا فلسطين افضل مكان لوجود هذه الدولة وهذا ما يفسر تغير موقف الحركة الصهيونية في المؤتمر الصهيوني السادس عدم ١٩٠٦ وإقرار فلسطين كوطنهم القادم واستغلال الحرب العالمية الأولى لانتزاع وعد بلفور المشئوم، وبذلك منح من لا يملك أرضا لمن لا يستحق وقد كان اليهود في فلسطين لا يزيدون عن ٥ % من سكات فلسطين حينها .