السفير إيهاب بدوى: زيارة السيسي لفرنسا نقلة نوعية للشراكة الاستراتيجية بين البلدين
السبت، 28 أكتوبر 2017 03:10 م
قال السفير إيهاب بدوى سفير مصر بباريس ومندوبها الدائم باليونسكو، إن الزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسي لباريس، خلال الفترة من 23 إلى 26 أكتوبر 2017، شهدت نقلة نوعية فى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتم خلالها البناء على ما سبق أن تولد من ثقة بين مؤسسات الدولتين خلال السنوات الثلاث الماضية.
وأكد السفير بدوى، أن القمة بين الرئيسين السيسى وماكرون بقصر الأليزيه عكست تطابقا فى وجهات النظر حول أولوية مكافحة الإرهاب والحاجة لتعزيز الجهود المشتركة أكثر من أى وقت مضى لاستعادة الاستقرار فى الشرق الأوسط انطلاقا من الدور الإقليمي المحوري لمصر فى هذا الصدد لما لها من أهمية جيواستراتيجية وباعتبارها قوة عربية وأفريقية مركزية وأيضا لفرنسا بوصفها عضوا دائما فى مجلس الأمن الدولى وإحدى ركائز الاتحاد الأوروبى وواحدة من أهم الدول الفاعلة شمال المتوسط، مشيرًا إلى تقارب وجهات النظر بين البلدين فى ملفى عملية السلام والأوضاع فى ليبيا وإلى التوافق على دور مشترك للبلدين لتهدئة بؤر التوتر فى قضايا إقليمية أخرى تأتى فى مقدمتها الأزمة السورية.
وأضاف : أن لقاء الرئيسين أظهر كذلك قدراً كبيراً من التفاهم وتوافق الرؤى حيال استراتيجية تطوير العلاقات المصرية الفرنسية، وكذا حرصاً مشتركاً على تنمية جوانب كافة تلك العلاقات التى تشهد فى الوقت الراهن تنامياً ملحوظاً على الصعيدين الثقافى والاقتصادي/الاجتماعى. .مشيرا إلى الإعلان المشترك الذى جرى توقيعه فى قصر الاليزيه بحضور رئيسى البلدين والذى يعنى بالتعاون فى المجالات الثقافية والجامعية والفرانكفونية والتعليمية والتقنية.
وقال السفير بدوى : أن الرئيس ماكرون أبدى خلال محادثاته مع الرئيس السيسى إدراكًا وتفهمًا للتحديات الأمنية والاقتصادية التى تمر بها مصر، حيث أكد حرص بلاده واهتمامها بالتعاون مع مصر من أجل تحقيق صالح الشعبين الصديقين المصرى والفرنسى سواء على صعيد الاستثمار والتعاون التجارى وتوفير فرص العمل أو من خلال الجهود المشتركة للبلدين من أجل مكافحة الإرهاب من خلال مقترب شامل يضم إلى جانب العمل العسكرى الأبعاد الفكرية والثقافية فضلاً عن تجفيف منابع الإرهاب ووقف مصادر تمويله وهو أمر يوليه البلدان أهمية قصوى، مشيراً إلى أنه من المقرر أن تستضيف فرنسا فى أبريل 2018 مؤتمراً دولياً لمكافحة تمويل الإرهاب.
وأضاف : أن لقاءات الرئيس السيسى المكثفة مع كبار المسئولين الفرنسيين خلال الزيارة عكست قدراً كبيراً من التقارب فى وجهات النظر إزاء تطوير وتعميق العلاقات الثنائية فضلاً عن سبل تسوية الأزمات الإقليمية؛ وقد شهد لقاء السيد الرئيس مع رئيس الحكومة الفرنسية إدوار فيليب تباحثاً بشأن الملفات المشتركة ولاسيما تعزيز التعاون التجارى والاقتصادى وتدريب الكوادر الحكومية المصرية من خلال التعاون مع المدرسة الوطنية للإدارة بفرنسا.
كما حرص رئيسا مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية الفرنسية على الاستماع إلى رؤية الرئيس السيسى إزاء مختلف القضايا الإقليمية وفى مقدمتها الأوضاع فى ليبيا أخذاً فى الاعتبار التداعيات الأمنية للوضع الليبى على الأمن الفرنسى سواء فيما يتعلق بالإرهاب أو الهجرة غير الشرعية.
وقال سفير مصر بفرنسا : أن روح التعاون الإيجابى سادت لقاءات الرئيس مع وزراء الخارجية، والاقتصاد والمالية، والداخلية، والجيوش (الدفاع) الفرنسيين اتصالاً بالتنسيق الجارى بين البلدين سواء لدعم العلاقات الثنائية وتعزيزها على الأصعدة السياسية والتجارية والاقتصادية والدفاعية أو للتعاون بشأن القضايا الإقليمية والدولية وخاصة مكافحة الإرهاب.
وحول لقاءات الرئيس مع رؤساء مجالس إدارات كبريات الشركات والمؤسسات الفرنسية .. أكد السفير بدوى أنها تركزت على جذب مزيد من الاستثمارات الفرنسية فى القطاعات التى يوليها الجانبان الأولوية إذ تحرص مصر على الاستفادة من الخبرة والتكنولوجيا المتقدمة التى تمتلكها المؤسسات الفرنسية ولا سيما الشركة الوطنية للسكك الحديدية وشركة الكهرباء الفرنسية فضلاً عن لقاء الرئيس مع ثلاثين من رؤساء مجالس إدارات كبريات الشركات الفرنسية العاملة فى مختلف المجالات بحضور وزير الاقتصاد والمالية الفرنسى.
وأوضح أن تلك اللقاءات هدفت إلى مزيد من التعريف بالمشروعات القومية الكبرى التى تدشنها وتنفذها الحكومة المصرية ولاسيما بعد أن تم إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار، علماً بأن فرنسا تولى اهتماماً للعمل والاستثمار فى مصر بالنظر لما توفره من سوق ضخمة قادرة على استيعاب المنتجات المختلفة وعمالة ماهرة ومدربة بأسعار تنافسية ويُضاف إلى ما تقدم اتفاقيات التجارة الحرة والترتيبات التفضيلية التى أبرمتها مصر مع العديد من الدول الإفريقية والاتحاد الأوروبى بما يتيح نفاذ المنتجات المُصنعة فى مصر إلى أسواق تلك الدول بأسعار تنافسية بالإضافة إلى سهولة نقلها عبر قناة السويس وما توفره الدولة المصرية من شبكة طرق تربط مواقع الإنتاج بالموانئ من أجل تيسير عملية التصدير.
ومن ناحية أخرى .. أشار السفير بدوى إلى اللقاءات التى عقدها الرئيس السيسى مع وسائل الإعلام الفرنسية لإلقاء المزيد من الضوء على عمق وتميز العلاقات المصرية الفرنسية والتعريف بالرؤى المصرية حيال تطوير تلك العلاقات وتعزيزها وكذا إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ولفت إلى أن الزيارة شهدت التوقيع على 17 إطاراً تعاقدياً ما بين اتفاقات وإعلانات للنوايا ومذكرات تفاهم بقيمة إجمالية تتجاوز 400 مليون يورو..كما تطرق إلى اتفاق إنشاء "دار مصر" بالمدينة الجامعية الدولية بباريس لاِستضافة الطلبة المصريين الدارسين من خلال منح فى الجامعات الفرنسية بباريس مما يساهم فى تذليل إحدى أهم العقبات التى تواجههم والتى تتعلق بتوفير المسكن اللائق فى ضوء ارتفاع أسعار السكن بشكل ملحوظ فى باريس.
ونوه بأنه تم توقيع إعلان نوايا لتطوير الجامعة المصرية/الفرنسية فضلاً عن إعلانين مشتركين أحدهما لتعزيز التعاون الثقافى والتعليمى والفرانكفونى والجامعى والعلمى والتقنى والآخر بشأن تعزيز التعاون فى مجال إعداد الكوادر فى الإدارة المصرية من خلال التعاون مع المدرسة الوطنية للإدارة التى تعد واحدة من اعرق المؤسسات الفرنسية فى هذا المجال فضلاً عن اتفاقات التعاون الاقتصادى والتى تشمل صيانة الخط الأول لمترو الأنفاق وتشغيل الخط الثالث والتعاون بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر والشركة الوطنية للسكك الحديدية SNCF بفرنسا وتمويل دراسات جدوى تطوير شبكة النقل الحضرى بالمنصورة، بالإضافة إلى دعم قطاع الطاقة بالموازنة العامة للدولة وتقديم مساعدات تقنية لوزارة الكهرباء والطاقة وإنشاء خمس محطات لتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية بمحافظة أسوان بطاقة إجمالية تبلغ 225 ميجاوات علاوة على تطوير عدد من مراكز طب الأُسرة بخَمس محافظات مصرية ودعم قطاع الحماية الاجتماعية وتوريد 500 عربة مأكولات متنقلة وإنشاء محطات معالجة الصرف الصحى.
وأكد أن الفترة القادمة ستشهد إتمام زيارات متبادلة ولقاءات مكثفة فى باريس والقاهرة من أجل متابعة نتائج زيارة الرئيس السيسى لفرنسا واِستكشاف فرص جديدة للتعاون فى المجال الاقتصادى والاستثمارى، لافتاً إلى حرص الحكومة المصرية على حل أية مشكلات قد تواجه الاستثمارات الفرنسية فى مصر وتحسين بيئة ومناخ الأعمال وهو الأمر الذى ركز عليه قانون الاستثمار الجديد.
وأشار إلى الزيارة التى سيقوم بها وزير الاقتصاد والمالية الفرنسى برونو لومير إلى القاهرة فى ربيع عام 2018 على رأس وفد يضم رؤساء كبريات الشركات الفرنسية يسبقها زيارة لمصر فى نوفمبر 2017 لوفد من المستثمرين تحت رعاية جمعية أرباب الاعمال الفرنسيين الدولية (ميديف إنترناسيونال).
ولفت بدوى إلى اهتمام مصر بمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة والمدن المستدامة وصناعة السيارات ومكوناتها ورغبتها فى الاستفادة من الخبرات الفرنسية فى عدد من المجالات خاصة الملابس الجاهزة والمنسوجات، والصناعات الدوائية، والسكك الحديدية، فضلاً عن مجالات البحث والابتكار والتطوير.
وذكر سفير مصر بباريس أن العلاقات الثقافية بين مصر وفرنسا والتعاون فى مجال الآثار اكتسبا أهميةً خاصة خلال الزيارة أخذاً فى الاِعتبار أن الرافد الثقافى والحضارى يُعد مكوناً أساسياً فى العلاقات التاريخية بين البلدين فى ظل ولع الفرنسيين بالحضارة المصرية القديمة وكذا بالتراث القبطى والإسلامى، لافتاً إلى أنه من هذا المنطلق تقرر خلال زيارة الرئيس السيسى لباريس اِعتبار عام 2019 عاماً للثقافة المصرية فى فرنسا.
وأشاد بدوى بالتعاون العميق والثابت بين السلطات المصرية والفرنسية فى مجال حفظ وصيانة التراث الثقافى العالمى وكذلك فى مكافحة الاِتجار غير المشروع فى الممتلكات الثقافية والأثرية؛ إذ تم خلال الزيارة التوقيع على محاضر تسلُم السفارة المصرية فى باريس ثمانى قطع أثرية يعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام وذلك خلال الاحتفالية الخاصة بهذه المناسبة التى أقامتها وزارة الثقافة الفرنسية.